فى خطوة تعد تطورا وتحولا فى تعامل واشنطن مع أكراد سوريا ومع مصير مدينة «كوبانى» السورية، قام الجيش الأمريكى أول من أمس الأحد بإسقاط أسلحة وذخائر ومواد طبية للوحدات الكردية المدافعة عن المدينة أمام زحف «داعش». مدينة «كوبانى» (عين العرب) السورية القريبة من الحدود التركية وأغلب سكانها من الأكراد، صارت فى الفترة الأخيرة موضع اهتمام أمريكا والعالم لأسباب عديدة، منها أن سقوطها له تبعات استراتيجية وسياسية عديدة فى المواجهة مع «داعش». الجيش الأمريكى يسقط أسلحة وذخائر ومواد طبية للوحدات الكردية المدافعة عن المدينة وحرصت القيادة المركزية الأمريكية على التأكيد أن هذه المساعدات مصدرها السلطات الكردية فى العراق. وأن الهدف منها تمكين المقاومة المستمرة ضد محاولات «داعش» للسيطرة على «كوبانى». وذكرت أيضا أن الإمداد تم بواسطة ثلاث طائرات شحن من طراز «سى 130»، وقد تلقاه المقاتلون الأكراد على الأرض. كما أن هذه الطائرات لم تصاحبها طائرات مقاتلة، ولم تتعرض لأى اعتراض أو هجوم صاروخى. وكانت تقارير واردة من قبل قد أشارت إلى امتلاك «داعش» صواريخ مضادة للطائرات. وذكر مسؤول أمريكى عن العملية: «كانت هناك حاجة ملحة للإمداد.. وأن هذه الطريقة كانت الأسرع لإتمام هذه المهمة». وحسب ما نقل عن مسؤولين أمريكيين فإن الرئيس الأمريكى بارك أوباما أبلغ رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عن هذا الإمداد العسكرى والطبى فى المكالمة الهاتفية التى جرت بينهما مساء السبت. وذكر مسؤول أمريكى: «لقد أوضحنا للحكومة التركية خلال الأيام الأخيرة ضرورة سرعة تقديم الإمداد لهؤلاء المحاربين». وبعد ساعات من هذه المكالمة الهاتفية، نشرت تصريحات صحفية لأردوغان فى الإعلام التركى، تشير إلى أنه لا يليق بالولاياتالمتحدة أن تقوم بتسليح الميليشيات الكردية فى كوبانى، التى تعد فى نظر تركيا جماعات إرهابية. واشنطن من جانبها حرصت على تفادى التعليق على تصريحات الرئيس التركى، واكتفت بالقول عن المكالمة التى تمت بأنها كانت لمناقشة الوضع فى «كوبانى». كاتب تركي: ضرب داعش مع تجاهل نظام الأسد يعد استراتيجية قصيرة النظر وفى مقال كتبه إبراهيم كالين نائب أمين عام الرئاسة التركية فى صحيفة «وول ستريت جورنال» قال: «لقد طلب من تركيا أن تقوم بإرسال قوات برية داخل سوريا، وأن تقوم بإرسال أسلحة إلى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى كوبانى، والسماح بمرور مقاتلى حزب العمال الكردستانى داخل سوريا. كل هذه المطالب الثلاثة مبنية على منطق خاطئ وسوء فهم أساسى للحقائق على الأرض»، وقال أيضا: «إن تركيا سوف تعمل مع الولاياتالمتحدة وحلفاء آخرين من أجل تدريب وتسليح جماعات سورية معارضة معتدلة للحرب ضد داعش ونظام الأسد»، وكما هو متوقع خصص كالين جزءا كبيرا من مقاله للحديث عن حزب العمال الكردستانى و«إرهاب» الحركات الكردية، ومخاطر التعامل معها. واختتم المسؤول التركى مقاله بالقول: «إن السلام والأمن والاستقرار فى سوريا لا يمكن تحقيقها، بينما يبقى نظام الأسد فى السلطة. وضرب داعش مع تجاهل نظام الأسد يعد استراتيجية قصيرة النظر، وسوف لا تنهى إراقة الدماء فى سورياوالعراق». الضربات الجوية هى الوسيلة الأساسية لقصف مواقع وأفراد تنظيم «داعش» بما أن الضربات الجوية هى الوسيلة الأساسية لقصف مواقع وأفراد تنظيم «داعش» من أجل القضاء على قدراته والحد من انتشاره، فقد ذكرت مؤخرا البنتاجون «وزارة الدفاع الأمريكية» بأن الولاياتالمتحدة قامت ب294 غارة جوية على العراق فى الفترة ما بين 8 أغسطس (موعد بدء المواجهة العسكرية مع «داعش») و15 أكتوبر. فى حين أن الغارات الجوية على سوريا بلغت 229 غارة فى الفترة ما بين 23 سبتمبر الماضى و15 أكتوبر. ولم يتبين بعد عدد القتلى من أفراد تنظيم «داعش»، أو حجم وطبيعة الخسائر التى لحقت به وبعتاده ومراكز تجمعه ووسائل اتصالاته. وفى إطار المواجهة مع تنظيم «داعش» ما يلفت الانتباه فى الأوساط الأمريكية تعدد المحاولات لتحديد خريطة وطبيعة عمل الشبكة الدولية للإرهاب والميليشيات المقاتلة مع «داعش»، وطبعا ما إذا كانت لها امتدادات داخل أمريكا وأوروبا على وجه الخصوص. صحيفة «واشنطن بوست» اهتمت مؤخرا بخريطة مقاتلى الخارج، وهؤلاء الذين ذهبوا إلى سوريا فى السنوات الماضية لإسقاط نظام الأسد، وهم غالبا انضموا فى ما بعد إلى صفوف «داعش» ومقاتلى «الدولة الإسلامية». وحسب الأرقام التى تم الإعلان عنها من قبل، فإن عدد هؤلاء يصل إلى نحو 15 ألفا من 80 دولة على الأقل. منهم 130 من أمريكا، و70 من كندا، و488 من المملكة المتحدة، و250 من أستراليا، و240 من ألمانيا، و412 من فرنسا، و296 من بلجيكا، و800 من روسيا. هذا حسب ما نشرته «واشنطن بوست» بخصوص الدول غير العربية وغير الإسلامية. فى حين أن الدول العربية وحسب الأرقام نفسها التى رصدتها أجهزة أمنية ومخابراتية، ومنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن المقاتلين من لبنان يصل عددهم إلى 890 فردا، ومن الأردن 2049 فردا، ومن المغرب 1500، وتونس 3000، والسعودية 2300، وليبيا 356، والجزائر 250، واليمن 110، والسودان 96، والكويت 71 فردا.. أما مصر حسب الأرقام ذاتها فنصيبها 358 فردا. ولم يتبين بعد هل زاد عدد هؤلاء الجهاديين فى الأسابيع الأخيرة؟ وكم عددهم الآن؟ وبالطبع من أين يذهبون؟ وعبر أى بلاد يمرون للانضمام إلى صفوف «داعش»؟ وكان المرور عبر تركيا فى العامين الماضيين هو مسار هؤلاء الجهاديين. ترى ما تلك المعابر الآن؟ وماذا عن الإجراءات التى تم اتخاذها، وعن الأفراد الذين تم احتجازهم قبل سفرهم إلى سوريا من أمريكا وأوروبا، ومن الدول العربية والإسلامية؟ كلها تساؤلات يتم طرحها فى الوقت الحالى. بالإضافة إلى الحديث المتكرر عن تمويلهم ومن أين يأتى إليهم؟.