يمر المجتمع المصرى فى هذه الفترة الانتقالية الحساسة التى نتمنى أن تصل إلى نهايتها بأقل الخسائر قدر الإمكان حال اتخاذ إجراءات فعالة وقوية تقتلع جذور نظامَى مبارك «الذى كان امتدادًا لنظام السادات»، وجماعة الإخوان الإرهابية معًا فى نفس الوقت، وإلا سيظل هذا المجتمع فى صراع عنيف ومتشابك بين أصحاب المصالح قد يتحول إلى حالة «احتراب أهلى»، فرغم قيام ثورة 25 يناير 2011 التى اعتُرف بها فى الدستور، ورغم أن الرئيس السيسى قال إنه جاء بالثورتين وللثورتين (25 يناير- 30 يونيو)، فإن هناك مَن يذيع ويستضيف رموز مبارك التى تنفى تمامًا وقوع ثورة 25 يناير، وتصفها بأنها مؤامرة وتتطاول على رموز الثورة بصورة فاجرة. انظر واستمع إلى برنامج المذيع أحمد موسى وضيوفه يوم السبت 27 سبتمبر الماضى (يوم إعلان الحكم فى قضية مبارك الذى تأجَّل!!)، ألا يتعارض ما يقوله هؤلاء مع ما يقوله رئيس الدولة والدستور، وهم متهمون بانتهاك الدستور وسب الشعب والقذف فى حقه؟! فماذا نفعل مع هؤلاء؟! ولماذا الإصرار على ذلك؟! وما مغبة ذلك؟! فضلاً عن أن هؤلاء لا يتورعون خجلاً عن استضافة جيهان السادات، تأكيدًا لأنهم لا ينسون أصولهم الانفتاحية! إن قراءة هذا المشهد تشير إلى الصراع العنيف الذى يصر آل مبارك وآل السادات على إقحام المجتمع فيه، ولا يتورعون أو يتوارون خجلاً مما ارتكبوه من جرائم فساد لم يحاسَبوا عليها حتى الآن وهم فى حالة هروب مؤقت من المحاسبة، ومن ثم فهم يبذلون كل غالٍ ورخيص من أجل سحق ثورة 25 يناير ومحاولة محوها من التاريخ والإصرار على أنها مؤامرة وهم الذين تآمروا على الشعب وسرقوا قوته ونهبوا موارده «أرض- شركات القطاع العام- سياحة- بترول- غاز.. إلخ» وهرَّبوا الأموال إلى الخارج وربما لا يستفيدون منها مثل «الوزير اللص» فى عصر مبارك الذى هرَّب الأموال إلى بنوك سويسرا ببصمة الصوت، ومات وضاعت الأموال المنهوبة على البلد وعلى أسرته! وهم فى النهاية الذين يستحقون السحق والإبادة والمحاكمة الثورية، لأن ما يتم حاليا من محاكمات هى مسرحيات صنعها المجلس العسكرى ومعهم النائب العام المباركى عبد المجيد محمود، لإجهاض الثورة وإلهاء الشعب. وها هى النتيجة.. التبرئة الممنهجة، والكل فى بيوتهم، وعادوا إلى أعمالهم ومناصبهم وسط صمت حكومى بقيادة رئيس حكومة ينتمى إلى لجنة سياسات مبارك! والأمل يتراجع لدى أوساط الشعب خصوصا الشباب، لكننى أنتمى إلى فصيلة المقاتلين الذين يحملون الشمعة وسط الظلمة الحالكة.. علَّ الضوء يأتى يومًا! فها هى قناة «سى بى سى» والمذيع مجدى الجلاد يستضيف جيهان السادات ويحاورها كأنها «مفكرة»، وتتحدث من زاويتين كما قالوا لها وأعدوا حوارها، الأولى: غسيل سمعة السادات بعد حرب 1973 بالاعتراف بأخطائه بتصدير الإسلام السياسى للمشهد واعتقالات سبتمبر 1981! والثانية: التقرب من عبد الفتاح السيسى رئيس الدولة، والعزف على النفاق وتشبيهه بدهاء وذكاء السادات.. يا الله!! وتفاجأ بنشر الحوار كاملاً على صفحتين وبإخراج رائع فى جريدة «الوطن» يوم 28/9/2014 «ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر»، فى نفس الوقت الذى يستضيفها فيه معتز الدمرداش على قناة «الحياة» يوم (28/9) أى اليوم التالى، ويدور حول هذه الأسئلة!! والسؤال: لماذا تتم استضافة هذه السيدة وفى مناسبة وفاة الزعيم جمال عبد الناصر؟ إن هذا خلل إعلامى، لأن الإعلام يتابع الحدث، فما الحدث فى هذا اللقاء؟! لكنها المؤامرة على ذكرى الزعيم عبد الناصر، وعلى ثورة 23 يوليو، واستحضار رمزية نظام السادات باعتباره أساس نظام مبارك، تصالُحًا واستقواءً بلا شك، وفى سياق غسيل السمعة الممنهج لرموز مبارك والسادات فى القنوات الخاصة وأغلبها قنوات فلولية إن لم يكن جميعها «قديمها وحديثها»!! فهؤلاء لا يعرفون للحياء معنى.. وقديمًا قالوا «إذا بليتم فاستتروا!!» إلا أن هؤلاء يصرون على الممارسات الفاجرة والفاضحة ويصرون على القفز على ثورة 30 يونيو لإزاحة ثورة 25 يناير من المشهد مثلما حاول الإخوان القفز والسيطرة على ثورة 25 يناير فكان مكانهم كما ترون، وسيكون مكان رموز مبارك والسادات مزبلة التاريخ إن شاء الله وعما قريب. فهذه السيدة تطالعنا للعبث فى الذهنية الشعبية، وتحاول منافقة السيسى حفاظًا على مصالحها ومصالح أولادها خصوصا جمال فى شركة «اتصالات».. إلخ. هل ننسى أنه وراء وضع حجر أساس خراب وتدمير مصر؟! لقد استلم مصر مدينة بمبلغ 1٫7 مليار دولار (أغلبها ديون عسكرية)، فتركها بعد أقل من 11 سنة مدينة بما يقترب من 30 مليار دولار. ولا ننسى أن عبد الناصر رحل بجنازة تاريخية شعبية، بينما رحل السادات برفض شعبى وعدم المشاركة فى جنازته! إن الشعب المصرى ذكى ولماح وصبور، ويراقب وسيلقّن الدرس.. بس المهم أن يفهم الأغنياء!! لذلك فالثورة مستمرة حتى الإطاحة بمن أساؤوا إلى هذا الشعب ومستمرون فى تزييف وعيه وتاريخه.. وحتى النصر، وهو قادم بإذن الله. وما زال الحوار متصلا.