استوقفتنى فى الأيام الماضية التصريحات والأنباء الواردة من الإمبراطور مانويل جوزيه، والخديو حسن شحاتة، فكلاهما وضع حزمة طلبات وأوامر وتعليمات لإدارتى الأهلى والزمالك، فإما التنفيذ وإما إخلاء مسؤوليتهما عن نتائج الفريقين الكبيرين. وعن نفسى لا أمانع أن يكون للمدير الفنى طلبات واحتياجات، وعلى الإدارة أن توفر قدر استطاعتها وإمكانياتها المالية ما يمكن أن تلبيه للمدرب، إلا أن ما يزعجنى أمران: الأول الصيغة والطريقة والأسلوب المتعالى وفى بعض الأحيان المتعجرف فى فرض هذه الطلبات، والثانى انبطاح إدارتى الأهلى والزمالك أمامهما، والرعب الذى يتملك أعضاءهما من عدم تلبية رغبات الإمبراطور والخديو. وحتى أثبت لكم وجهة نظرى عن الحالة الشاذة التى تجمع المدربين الكبيرين مع الناديين المنبطحين سنبدأ بالحديث عن الأهلى فعندما تولى المدرب المخلص المهذب حسام البدرى تدريب الفريق قبل عامين أعلنت الإدارة التقشف ليس فقط فى الراتب الزهيد الذى يتقاضاه (سبعون ألف جنيه) مقابل مليون لمانويل جوزيه وشلة أصدقائه البرتغاليين -عفوا المساعدين- بل إنها لم تستمع لطلباته أو احتياجات الفريق الفنية.. وأجابته «معلهش يا كابتن على قد لحافك مد رجليك» ثم خرجوا علينا بنظرية بناء فريق جديد من الناشئين والاعتماد على لاعبين صغار السن، وأن الأهلى هو الذى يصنع النجوم وليس النجوم هم الذين يصنعون الأهلى وغيرها من الأكلشيهات والإسطنبات والاستعباطات، ورغم ذلك نجح البدرى فى أن يحفر الصخر ويتحدى الإمكانيات الفقيرة ويفوز بالدورى فى ظل ظروف صعبة وإدارة متبلدة وغياب الدعم الإعلامى والمساندة الجماهيرية التى لم تقبل المدرب المجتهد وعاشت فى جلباب مانويل جوزيه حتى عاد لهم الإمبراطور لنفاجأ بأن النادى الفقير أصبح غنيا والفلوس خرجت من تحت البلاط وخزائن «على بابا» فتحت للإمبراطور ليحصل بعد أربعة أشهر فقط من تعيينه هو وزملائه على مئتين وخمسين ألف يورو مكافأة الفوز (بدورى الأعور والعميان) أى ما يقرب من مليونى جنيه. وفى الوقت الذى كان يخجل فيه حسام البدرى من أن يتحدث عن اللاعبين الذين يرغب فى دعم الفريق بهم حتى لا يحرج لجنة الكرة، فى المقابل يجلس الإمبراطور فى مؤتمر صحفى، ويعلن أنه طلب من الإدارة سبعة لاعبين من صفوة الموجودين فى الدورى المصرى، وأنها إن لم تحقق ما يريد سيكون الفريق فى مأزق، وبينما كانت إدارة الأهلى تمنع مدربها الوطنى من الحديث فى وسائل الإعلام عن أى لاعب من نجوم الفريق حتى لا يجرح مشاعره، كما حدث عندما هاجم أبو تريكة مدربه فى الراديو، وأعلن بكل بجاحة أنه يرتاح نفسيا فى التدريب تحت قيادة جوزيه وحسن شحاتة وهو ما فهمه الغبى قبل الذكى أنه تقطيع وتجريح فى حسام البدرى الذى بلع الكلام ورحل بعدها فى هدوء، وعلى النقيض نجد لجنة الكرة تسمح لجوزيه بأن يهين من يريد ويستبعد من لا يحبه ويعاقب من يخالفه الرأى. هذه المقارنة تكشف لكم كيف أن إدارة الأهلى مسترجلة وشاربة «بيريل» مع البدرى ومستكينة وخانعة وشاربة الذل مع مانويل جوزيه. أما حكاية الزمالك والخديو شحاتة فهى لا تحتاج منى إلى توضيح كثير، فكما يعلم الجميع أن الإدارة فقرانة وعدمانة وبتسأل الله فى حق النشوء، وفى عهد حسام حسن كان الزمالك يوفر رواتب اللاعبين من مباريات «الشحاتة» الودية فى الدول العربية وتعاقد النادى مع لاعبين كسر من أمثال محمد يونس، وأحمد سمير، وأبو كونيه، وأبو بونيه، وأبو جلامبو ولاعبى الصف الرابع فى الأندية، ورغم ذلك طُلب منه الدورى فحاول حتى النفس الأخير وعندما فشل قطعت رقبته ليأتى الخديو حسن شحاتة ونُفاجأ بتعاقد معه براتب ضخم يستحقه، ولكن فى ناد آخر ونفس الأمر بالنسبة لجهازه المعاون الذى يتحدث بعضهم عن التضحية من أجل ناديه بينما يحصل على راتب أكبر مما كان يحصل عليه خارج الزمالك. وقمة الدهشة والعجب عندما نقرأ ونسمع ونشاهد أن المعلم وضع قائمة طلبات بأسماء نجوم كبار فى السن واشترط أنه لن يوقع إلا إذا وفرت له الإدارة هؤلاء اللاعبين فى الوقت نفسه تجد الأشاوس المغتصبين لمقاعد مجلس الزمالك بالتعيين يضعون رأسهم فى الأرض كالنعامة أمام أوامر الخديو ويقفون خاشعين خاضعين مستسلمين فى حضرة عظمته «طويل العمر يطول عمره ويزهزه عصره وينصره على مين يعاديه هاى هيئ» إيه رأيكم بقى؟ إدارات منبطحة ولا مش منبطحة؟