«أتريب العظيمة» أصبحت وكرا للإجرام.. والأهالى يطالبون بإنشاء متحف للمحافظة فى قرية سنديون بقليوب، بدأ بعض الأهالى عمليات التنقيب عن الآثار أسفل منازلهم القديمة، مما أدى إلى تشقق حوائط المساكن وتعرض مئات الأسر لخطر التشرد وانهيار البيوت.. القرية أصلها فرعونى، يوجد معبد قديم تحت مسجد القرية، وأن «سنديون» تعنى بالهيروغليفية معبد الإله يون، حيث إن كلمة «سند» تعنى معبد و«يون» هو إله الشمس عند الرومان. وفى مدينة قها، لقى طالب جامعى مصرعه فى أثناء تنقيبه عن الآثار أسفل منزله، وأوضح أحد السكان، أنه كان يسمع طول الليل أصواتًا غريبة تصدر من منزل جاره، وفى أحد الأيام قرر الذهاب لمعرفة سبب الحفر الذى يتم ليلاً، وعندما طرق الباب وجد حفرة كبيرة فى وسط المنزل، يصل عمقها إلى 8 أمتار، مشيرًا إلى أن منزله مهدد بالانهيار بسبب أعمال الحفر. أما فى قليوب، فقد تمكنت أجهزة الأمن من القبض على سباك يتزعم عصابة للتنقيب عن الآثار، بعد أن أقنعه بعض الدجالين أن هناك آثارًا أسفل منزله، فاستعان ب7 من زملائه بينهم تاجر آثار للحفر، مما أدى إلى تصدعات بالمنزل والمنازل المجاورة. وفى «سرياقوس» بالخانكة، تسببت ظاهرة التنقيب عن الآثار، فى انهيار 5 منازل وتصدع 5 أخرى، أما فى قرية الأحراز بشبين القناطر فقد تمكنت مباحث القليوبية من القبض على 4 عاطلين كانوا ينقبون عن الآثار وبحوزتهم 12 قطعة أثرية. الأمر لم يتوقف عند حد التنقيب عن الآثار والتجارة فيها، بل تحولت المناطق الأثرية الجبلية إلى مرتع للمجرمين، ومنها منطقة تل أتريب الأثرية، التى كانت من المدن العظيمة على شاطئ النيل، ومعها مقابر مقدسة ومعابد وحمَّامات رومانية. مجدى الشيمى، عضو مجلس محلى مدينة بنها السابق، أوضح أنه طالب أكثر من مرة بإحالة ملف الآثار بالقليوبية ومنطقة تل أتريب تحديدًا إلى الجهات الرقابية، لكشف المخالفات والتعديات التى ازدادت فى الآونة الأخيرة مستغلين حالة الفراغ الأمنى. الشيمى كشف أن بعثة بولندية قامت بالتنقيب بالمنطقة، وتوصلت إلى اكتشافات مهمة تم إيداعها فى تقرير للمجلس الأعلى للآثار، لكنه لم يهتم بذلك، وتُركت المنطقة عُرضة لأعمال الحفر والتنقيب والردم العشوائية وسرقة الآثار وإنشاء الأبراج السكنية فى جنح الظلام بعلم مسؤولى الآثار، مطالبا بضرورة تدخل المحافظ المهندس محمد عبد الظاهر. جمال شاكر مؤلف كتاب «أتريب الحضارة»، طالب بتخصيص قاعة بمكتبة بنها العامة، لإقامة معرض دائم للآثار لحين إنشاء متحف لآثار المحافظة، إضافة إلى تبنّى حملة شعبية لاسترداد آثار القليوبية المنهوبة من المتاحث الأوروبية. من جهته، أوضح الدكتور ياسر سهيل عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة بنها، أن «أتريب» كانت عاصمة الإقليم العاشر من أقاليم مصر السفلى، وعرفت فى النصوص المصرية القديمة باسم «حت- حرى- إيب»، أى «مقر الوسط»، وعرفت فى اليونانية باسم «أتريبس»، وأصبحت فى العربية: «أتريب»، وأضيفت إليها الكلمة العربية الدالة على الموقع الأثرى «تل»، مضيفًا أن «تل أتريب» تقع على بعد نحو 3 كم شمال شرقى مدينة بنها، على الضفة الشرقية لفرع دمياط. سهيل أضاف أن النصوص تشير إلى أن أقدم تأريخ لأتريب يرجع للأسرة الرابعة، على الرغم من أن أقدم بقايا أثرية عثر عليها ترجع إلى عهد الملك أحمس الأول، أول ملوك الأسرة 18، وأن أهم آثار المدينة من مساكن ومعابد وجبَّانات يرجع إلى العصر اليونانى والرومانى. فاتن خربوش نائب رئيس مركز الحرية لحقوق الإنسان، أوضحت أنه تم إعداد دراسة بالمركز أشارت إلى أن ما يحدث فى منطقة أتريب الأثرية مثال حى لكل معانى الإهمال، مطالبة بالعمل على سرعة إنشاء متحف لآثار القليوبية. خربوش أضافت أن وزارة الآثار لم تفعل أى شىء لحماية «أتريب»، مدللة على ذلك بصدور قرار بإقامة سور حول المدينة لحمايتها، رغم علم وزارة الآثار بالتجاوزات التى تحدث بالمنطقة الأثرية، مشيرة إلى أن مساحة المنطقة الأثرية بأتريب تبلغ ثلاثة أفدنة وقيراطين، مضيفة أن البعثات الأثرية عثرت بها على اكتشافات هائلة، مثل اكتشاف تمثالين من عهد الدولة الوسطى، موجودَين الآن بالمتحف البريطانى، أحدهما من الجرانيت الأشهب والآخر من الجرانيت الأسود، مؤكدة أن معظم الآثار المكتشَفة تمت سرقتها وتهريبها إلى الخارج. نائب رئيس مركز الحرية لحقوق الإنسان، أوضحت أن وزارة الآثار لم تفعل أى شىء ل«أتريب»، حتى إنها لم تفكر فى إقامة متحف للمدينة يعيد إليها حقها الضائع ومكانتها المفقودة، مطالبة القائمين على شؤون الآثار فى القليوبية بوضع آليات لحماية الآثار وفرض عقوبات مشدَّدة على المتجاوزين فى حقها، لأن عدم الاهتمام بالمنطقة تسبب فى تكسير الأعمدة الرخامية بالمعابد المتهدمة، وتحويل حرم المنطقة إلى مأوى لتجار المخدرات. أما فى منطقة تل اليهودية بشبين القناطر، التى تبعد عن المدينة مسافة 3 كيلومترات، وتبلغ مساحتها نحو 100 فدان، فيوجد بها كثير من الآثار ما زالت مدفونة، ورغم مرور سنوات فإنه لم يتم التنقيب عنها لمعرفة ما تحتويه من كنوز. والقليوبية تحوى كثيرًا من الآثار، كما يوجد بها بقايا معبد رمسيس، إضافة إلى منطقة مقابر عرب العليقات، وقصر الأميرة نعمت بالمرج، ومتحف الرى، والكثير من المعابد والكنائس، ولكنها لا تجد من يحولها إلى مزار سياحى، وعلى الرغم من وجود عشرات الخطط، للنهوض بهذه المناطق الأثرية، فإنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وتم تشكيل لجنة لإعداد كتاب عن آثار القليوبية، وإنشاء متحف ل4500 قطعة أثرية، وحصر الأماكن الأثرية بها، والبدء فى إصلاحها وترميمها، لكن الحال ما زال كما هو دون خطوة واحدة منذ عام 2002.