بعد جمعة الغضب كنت أراها دائما فى الميدان فى كل وقت، كأنها زُرعت فيه، كانت تجلس على كرسى أعلى منصة يبدو أنها صُنعت لها خصيصا ولم تهتف أو تتحدث مع أحد أو تنظر إلى آلاف الناس الذين يمرون عليها ويقفون احتراما لها، فقط تبكى وهى تقبّل صورة ابنها الشهيد، تتحدث معه وحده، تحضنه فى الصورة وتردّ على كلامه الذى لا يسمعه غيرها، كنت أتعجب من دموعها التى لا تتوقف بالتزامن مع ابتسامة حزينة ترتسم على وجهها كلما حضنت الصورة، تذكرتها أمس فى الميدان وعدد ليس بقليل من الإخوان والسلفيين يقودون حلقات نقاشية يدعون فيها إلى الصبر والاحتساب على المجلس العسكرى، هم لم يجربوا ألم الأم التى لم تعد تحضن ابنها وتضمه إليها ولا جربوا أن يقيموا أسماء الله الحسنى العدل والمنتقم والجبار على أرض الواقع، لكن الثورة تحاول أن تقيمها. لا تستهينوا بدماء الشهداء التى سيجعلها الله لعنة على قاتليهم ومن عاونهم ومن حماهم ومن دافع عنهم ومن اتهم الشهداء بالباطل. الثورة مستمرة.