في قلب العاصمة السودانية الخرطوم، اجتمع وزراء المياه والرى بمصر والسودان وإثيوبيا، اليوم الاثنين، للتفاوض بشأن أزمة سد النهضة، وشهدت الجلسة الأولى كلمة ترحيب من الوزراء الثلاثة، اعقبتها الجلسة الثانية لعرض الرؤية المصرية للنقاط الخلافية حول مشروع سد النهضة، والمتمثلة في السعة التخزينة للسد، وفترات الملء والتفريغ، ودرجات الأمان. وأبدت مصادر مشاركة في الاجتماع تخوفها من درجة أمان السد والتي تهدد كل من مصر والسودان حال انهياره، كما حذرت من هشاشة التربة التى يقع عليها المشروع، وطالبت مصر خلال الجلسة الثانية ببعض الدراسات الفنية التى سبق وطالبت بها خلال جولات المفاوضات السابقة، بينما شددت اثيوبيا خلال الجلسة الافتتاحية على تشكيل لجنة من الخبراء المحليين من الدول الثلاثة لتقييم السد، بدلًا من اشراك خبراء دوليين، وهو الاقتراح الذى كانت تطالب به مصر وترفضه أديس أبابا. وخلال الكلمة الافتتاحية للمفاوضات، قال الدكتور حسام المغازى وزير الموارد المائية والرى: «مصر لم تكن أبدا، ولن تكون ضد تنمية إخواننا بدول حوض النيل، طالما يهدفون لتحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر»، وأضاف: «تعلمون جميعا ظروف مصر الخاصة جداً بشأن الجفاف وندرة مياه الامطار، والاعتماد الكلي على مياه النيل من قديم الزمن، وبكوننا متخصصين في المياه قبل أن نكون سياسيين، فإنني أعتقد أن جميعكم كأصدقاء وأشقاء تشاركوننا نفس المخاوف بشأن تأثير عمليات بناء وملء وتشغيل مشروع سد النهضة على دول المصب». وزير الري أشار إلى أن هناك احتياجًا لإعداد بعض الدراسات طبقًا للموصي به في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، للتأكد من خضوع أي مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة، استنادًا إلى المعايير الدولية، مع وضع عامل الوقت في الاعتبار كعامل ضاغط وهام، موضحًا أن التعاون والتنسيق هم أفضل الطرق لتحقيق الأهداف الإنمائية في اقليم حوض النيل، لتحقيق المنافع المشتركة وتجنب الآثار الضارة للجميع. وأشار «مغازي» في كلمته إلى الاجتماع الذى عقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس عمر البشير بالخرطوم، واجتماعه برئيس الوزراء الاثيوبي هيلي مريم ديسالين فى مالابو، وأضاف: «كان اجتماعا مثمرا، وهو سبب اجتماعنا اليوم». وفي تصريحات خاصة ل«التحرير»، قال الدكتور مساعد عبد العاطى الخبير فى القانون الدولى للمياه: «نأمل أن يدرك الجانب الاثيوبي مخاوفنا من التاثيرات السلبية المتوقعة للسد، وان تدرك اثيوبيا ان مصر هي الدولة الوحيدة دون سائر دول حوض النيل التى تعتمد على مياه النهر»، مشيرًا إلى أن الموقف المصري يستند إلى قواعد القانون الدولى المنظمة لإقامة المشروعات المائية على الانهار الدولية، والتى توجب على الدولة صاحبة المشروع عدم الإضرار بدول الحوض الأخرى، وأيضا الالتزام بإجراءات الإخطار المسبق والقيام بدراسات الأثر البيئي، وذلك قبل البدء الفعلى للمشروع المائي وهو الامر الذى لم تلتزم به إثيوبيا». عبد العاطي أشار إلى أن على إثيوبيا مراعاة المعايير الدولية لاقامة السدود، واهمها معايير السلامة والبناء، مؤكدًا ان مصر لا تعارض بناء سد النهضة فى حد ذاته بقدر ما ترفض الاضرار بحقوقها القانونية، وانها تريد فقط تطبيق هذه القواعد على مشروع السد، ومن ثم يجب على المفاوض المصري الا ينساق وراء المزاعم الاثيوبية وعدم تمديد اجراءات عمل اللجنة بما يمكن اثيوبيا من اتمام بناء السد ووضع مصر أمام الامر الواقع، ويجب ان يكون المفاوض المصري جاهزا ومستعدا لكافة الاسانيد المبطلة للمزاعم الاثيوبية، والمتضمنة ان مصر لا تتتعسف مع الجانب الاثيوبي بل بالعكس. خبير القانون الدولي للمياه قال: «التعسف الاثيوبي بدأ منذ كانت أديس ابابا تتفاوض على سعة تخزينية تبلغ 14 مليار متر مكعب قبل ثورة يناير 2011، ثم استغلت الوضع والاضطراب الداخلى فى مصر اثناء الثورة لترفع السعة التخزينية الى 74 مليار متر مكعب، في سلوك يمثل غلوًا وتعسفًا، كما خالفت اجراءات الاخطار المسبق ولم تقدم كافة الدراسات المتعلقة بالسد الى مصر، ولم تقم بدراسات الاثر البيئي للمشروعات المراد بنائها كما ينص القانون الدولي»، لافتًا إلى أن هناك نقاطًا مشتركة للوصول إلى حل للأزمة، أهمها تقليل السعة التخزينية للسد بما يحقق مصلحة إثيوبيا فى التنمية، وبما لا يلحق الضرر بالحقوق المائية لمصر، فضلًا عن إطالة فترة ملء الخزان لأطول مدة ممكنة.