حدد المستشار محمد شقير، القائم بأعمال المحامى العام الأول لنيايات جنوبالجيزة، جلسة 13 أغسطس الجارى، لنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بتعذيب الأطفال الأيتام بدار مكة لرعاية الأيتام بالهرم، وضربهم وركلهم بالأقدام فى مختلف أنحاء جسدهم. أعد أمر الإحالة وباشر التحقيقات بالقضية أسامة أسامة حنفى، رئيس نيابة الحوادث، ووجه للمتهم أسامة محمد عثمان، اتهامات ضرب الأطفال وتعريض حياتهم للخطر وممارسة البلطجة ضدهم. وشهدت التحقيقات مواجهته بالفيديوهات التى يظهر خلالها يتعدى على الأطفال بالضرب ويسبهم، كما واجهته النيابة ب6 من الأطفال ضحايا الاعتداء، الذين أكدت تقارير الطبى الشرعى إصابتهم بجروح وكدمات من جراء الاعتداء عليهم بالضرب منذ فترة تتراوح بين 7 إلى 15 يوماً، وهم هنادى كمال 7 سنوات، وداليا ماهر 8 سنوات، ودينا محمد 9 سنوات، وهدى عاشور 9 سنوات، وهيثم السيد 8 سنوات، وأمل عادل 10 سنوات. واعترف المتهم بصحة واقعة الفيديو المنشور له على الأنترنت، يضرب خلاله الأطفال بعصى خشبية، على أيديهم وظهورهم، ثم يركلهم بقدمه لعدة مترات ويسبهم، ويخوفهم فى حفلات ضرب جماعى، ووصف جريمته بأنها مجرد تأديب للأطفال، وليس اذاء لهم، بسبب خوفه عليهم من الصعق بالكهرباء جراء استخدامهم للثلاجة وجهاز التليفزيون بالدار، لأن تعاملهم مع هذه الأجهزة مخالفاً من الأساس لقواعد دور رعاية الأيتام. وأكد المتهم أن جريمته المسجلة فى الفيديو، هى الواقعة الوحيدة التى تعدى فيها على الأطفال، ويرجع تاريخها لأكثر من عام و4 أشهر، وأنه لم يكرر ضربهم بعد ذلك التاريخ مطلقاً، فواجهته النيابة بأقوال الأطفال الضحايا وأن أخر مرة تعدى عليهم فيها بالضرب كانت يوم الجمعة الموافقة 1 أغسطس، إلا أنه أصر على إنكاره التهمة. وكان من بين الأطفال الذين أكدوا الاتهام أمام النيابة، ولكن لم يبقى فى أجسادهم آثار للضرب، الطفل "محمد 13 سنة"، وقال: "كا بيضربنا وآخر مرة ضربنى يوم الجمعة اللى فاتت – 1 أغسطس-، ضربنى بكف ايده على وشى ولما وقعت على الأرض ضربنى بالشلاليت برجله"، وبسؤال الطفل عما حدث وسبب تعدى المتهم عليه بالضرب، أفاد بأن أحد الزوار منحه زجاجة عطر، فأخبر المشرفة بذلك لكن "أسامة" غضب لكون الطفل لم يخبره بأخذ الهدية ويسلهما له فكان جزائه الضرب المبرح والركل فى البطن ومختلف أنحاء الجسد، وقال محمد خلال التحقيقات :"أنا قلتله إنى قلت للميس علشان يسبنى بس هو فضل يضرب فيا لحد لما سكت". وشهدت التحقيقات سيطرة الخوف على عدد من الأطفال، ومن بينهم طفلة الطفلة التى ثبتت إصابتها بالتقارير الطبية، "داليا 7 سنوات" التى تبين إصابتها بجرح ظاهر فى شفتيها، واتضح خوفها من خلال أجابتها على سؤال "مين اللى عمل فيكى كدا؟"، بالإيماءة برأسها يميناً ويساراً دون حديث حتى تمت طمأنتها فقالت إن الذى فعل ذلك هو "بابا أسامة"، وتبين أن المتهم قام بضرب "داليا" بعصى ثم ركلها فى ظهرها على الأرض، مما تسبب فى ارتطامها بكرسى حديد كان سبباً فى حدوث إصاباتها التى بدت جلية للنيابة بجرح فى شفتيها. وأجرت النيابة معاينة دقيقة للدار، تبين منها وجود تطابق بين المكان الظاهر والطرقات والحجرات وأركان الشقة الكائنة بها دار رعاية الايتام، كما عثر المحقق على 13 عصى مماثلة للتى استخدمها المتهم فى الفيديو يضرب بها الأطفال، تبين أنها خشبية بطول 60 سنتيمتراً وتشبه "المسطرة" المستوية فى شكلها، كما تبين وجود كاميرات مراقبة وتسجيل للأحداث التى تقع داخل الدار، وأثبتت النيابة خلال المعاينة أن دار أيتام محكمة كائنة فى الطابق الثالث من العقار رقم 158 فى شارع الهرم، على ناصية شارع العريش، معلق عليها لافتة بعنوان "جمعية مكةالمكرمة الخيرية، تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعى، مشهرة برقم 2760"، وهى عبارة عن شقة مكونة من 3 حجرات وصالة استقبال. وبالتدقيق حول الكاميرات المعلقة فى جوانب الدار، كشفت التحقيقات أن المتهم "أسامة محمد عثمان"، اعتاد تركيب كاميرات مراقبة بمكان، ومشاهدة تسجيلاتها كلما ذهب إلى هناك، ثم يقوم بضرب الأطفال على نحو فج، عقاباً لهم على أى فعله لم يعجبه خلال انقطاعه عن التردد على الزيارة، وهى أفعال بسيطة لكنها محرمة بحكم الخوف والرهبة داخل الدار مثل "قيام الأطفال بفتح باب الثلاجة، أو تشغيل التليفزيون، أو السهر أو ارتكاب أى خطأ لا يعجب المتهم، فأمرت النيابة بالتحفظ على "الهارد ديسك" المسجل عليه محتوى التسجيلات، لعرضها على خبراء الأدلة الجنائية لفحصها وتفريغ محتواها، علاوة على فحص مقطع الفيديو المقدم من المبلغ، ومطابقة صور أوجه الأطفال المتواجدين بالدار مع صور المجنى عليهم الظاهرون فى مقاطع الفيديو المنتشرة والجديدة المرصودة من كاميرات المراقبة. وباشرت النيابة التحقيق مع مديرة دار الأيتام، وتبين أنها تدعى"منى محمد"، وتنصلت من جريمة تعذيب الأطفال، ونفت علمها بوقوع جرائم ضربهم بوحشية وسبهم، أو تعرض أحدهم لسوء خلال توليها مسئولية الإدارة، فواجهتها النيابة بالفيديوهات المصورة للمتهم خلال ارتكابه الجرائم محل التحقيق، فتمكنت من التعرف على المتهم أسامة محمد عثمان، وكذلك حددت أسماء الأطفال السبعة المجنى عليهم، موضحت أن ثلاثة منهم غادروا المكان إلى دار رعاية بديلة خلال شهر يناير الماضى، وأكدت أن تلك المشاهد قد يكون تم تصويرها منذ فترة طويلة خلال شهر رمضا قبل الماضى، ولم تكن حينها قد تولت منصب إدارة المكان. واستمعت النيابة إلى أقوال مقدم البلاغ، ويدعى "سعيد"، أفاد بأنه أحد المتبرعين للدار، ويتردد عليها لزيارة الأطفال والإطمئنان عليهم، وفوجىء بزوجة المتهم رئيس مجلس إدارة الدار، تسعى لبناء جمعية جديدة لرعاية الأطفال الأيتام، وباستفساره عن السبب قالت له إن زوجها يسىء معاملة الأطفال، وققدمت له فيديو بالوقائع أثار استيائه ودفعه لتحرير محضراً بالواقعة. كما ناقشت النيابة بإشراف المستشار ياسر التلاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة، المدعوة "إلهام عيد" زوجة المتهم، التى أفادت بأنها من قامت بتصوير فيديو التعذيب ونشرته عبر صفحات التواصل الإجتماعى فيس بوك، موضحة أن خلافات طاحنة تجمعها بزوجها، دفعتها إلى رفع دعوى "خلع ضده" للتخلص من العيش معه، لكونه عنيف يسىء معاملة الأطفال بالدار ويتعدى عليهم بالضرب والتخويف والسب، مشيرة إلى أنها قامت بتصوير ذلك الفيديو منذ قرابة عاماً كاملاً، وقدمت شكوى بمحتواه إلى وزارة التضامن الاجتماعى، لكن لم يتم اتخاذ إجراء فيها، مما دفعها مؤخراً إلى نشر تلك الفيديوهات على صفحات التواصل الإجتماعى الفيس بوك، وسرعان ما انتشرت وعلمت بتحرير محاضر بالواقعة، وأفادت أنها كانت تسعى لفتح دار ايتام جديدة لنقل الأطفال فى دار "التعذيب" مكة إلى رعايتها. وعقب سماع تلك الإفادات أمرت النيابة، بحبس المتهم رئيس مجلس إدارة الدار "أسامة"، مع نقل المجنى عليهم إلى إحدى دور الرعاية المناسبة، لتقديم الرعاية النفسية والإجتماعية اللازمة للأطفال، وغلق دار التعذيب بالهرم، وتشميع مدخلها بالشمع الأحمر، وتعيين حراسة عليها لمنع الدخول لها أو تبديد أيا من محتوياتها، وأمرت كذلك بالتحفظ على الفيدوهات وفحصها بمعرفة خبراء تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية لتفريغ محتواها فى تقارير كتابية، وجرت مطابقة ملامح الأطفال المجنى عليهم بصور أوجه الأطفال الظاهرة فى فيديو التعذيب، فانتهت النيابة إلى إحالة المتهم للمحاكمة.