ذات مرة كان هناك فريق وعلى وجه كل لاعب فيه ابتسامة، لقد اعتادوا أن يلعبوا كرة قدم جميلة، ليذهبوا إلى الشاطئ كل يوم لرقص السامبا، وليلتقوا ويتعاملوا بلطف وسعادة مع جماهيرهم، لقد كانوا الرجال الأكثر شهرة فى البلاد، ويتمنّى كل طفل أن يكون مثلهم، كانوا أبطال العالم، كانوا ملوك الماراكانا، كانوا أبطالًا. أجل، هذا البلد هو البرازيل، ولكن أنا لا أتحدث عن المنتخب البرازيلى السابق، هذا المقال ليس عن بيليه، ولا جارينشا، ولا روماريو، ولا رونالدو، بل هو عن المنتخب الألمانى، وكيف وصلوا إلى قمة العالم فى الأراضى البرازيلية. لقد كان الألمان أكثر من اللاعبين البرازيليين برازيلية، فقد فهموا كيف يفوزون ويرتمون فى أحضان الجماهير، وحتى بعد فوزهم على البرازيل 7-1، تعاملوا مع الماراكانا وكأنهم يلعبون على أرضهم. هناك تنافس بين البرازيلوالأرجنتين، هو معروف بطبيعة الحال، ومن الصعب أن تجد أى برازيلى يدعم أو يشجع ليونيل ميسى أو رفاقه فى لقاء أول من أمس، لكن الألمان تعلَّموا كيف يمكنهم أن يجذبوا الجماهير لهم لدعمهم، منذ أن وضعوا أقدامهم فى البرازيل، لقد كان باستيان شفاينشتايجر، قد لقب ب«ملك التعاطف»، كما أن لوكاس بودولوسكى، جعل الرسائل التى أسفل اسمه فى صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعى الممزوجة بروح دعابة رائعة، مكتوبة باللغة البرتغالية. لقد تألَّق إذن شفاينشتايجر وزملاؤه داخل الملعب وخارجه. لقد ارتدى نجم بايرن ميونخ قمصان «باهيا، وجريميو، وفلامنجو»، (أندية برازيلية شهيرة)، وكان يمرح مع زملائه على الشاطئ، ورقص «ليبو ليبو» (أغنية برازيلية شهيرة) مع تيبورسيو (صديقه البرازيلى من بايرن ميونخ)، ولعب كرة القدم مع الأطفال فى مدرسة بقرية هادئة فى باهيا، ورقص مع الهنود، وأخذ صورة مع المراهق الذى وشم اسمه، وشاهد ركلات الترجيح بين البرازيل وتشيلى، وهو ملفوف بالعلم الأخضر والأصفر (علم البرازيل). كان شفاينشتايجر ضمن تشكيلة خواكيم لوف التى لعبت فى مونديال جنوب إفريقيا، وأثبتت بالفعل أنها يمنكها أن تذهب بعيدًا فى البطولات المقبلة، وكان واحدًا من المعالم البارزة والعلامات الخاصة بالمانشافت. نجم بايرن ميونخ، والذى أخذ خبرة كبيرة فى السنوات الأربع بمباريات دولية أكثر وأقوى، وحصد لقبى دورى ألمانى، ولقبى كأس ألمانيا، ولقب دورى أبطال أوروبا، ولقب كأس العالم للأندية، جميعهم مع بايرن ميونخ، قاد الألمان للفوز باللقب الرابع لكأس العالم، ليذرف لاعب خط الوسط دماءه على أرض الملعب، وهو ما فعله حرفيًّا فى مباراة النهائى. فى ثلاث دقائق من الشوط الثانى للوقت الإضافى، لعب شفاينشتايجر الكرة من فوق أجويرو، ليوجه اللاعب الأرجنتينى لكمة فى وجه الألمانى الذى يترك أرض الملعب وهو ينزف الدماء، وبعد تلقيه الرعاية الطبية بجانب الملعب، عاد شفاينشتايجر إلى أرض الملعب فى الوقت الذى يحتفل فيه جوتزه بتسجيله هدف الفوز. فى الساعة السابعة على استاد الماراكانا، أظهر شفاينشتايجر وجه المحارب. ألمانيا، فريق لديه الكثير من الوجوه، فهناك شفاينشتايجر، نوير، كروس، جوتزه.. أبطال هذا البلد الذى انتظر 24 عامًا للاحتفال مرة أخرى. الشعب الذى عرف ما هو خطؤه منذ بداية 2005، وخلق صيغة مناسبة لحلّها، والآن هو يصعد مرة أخرى للقمة. ماذا عن الأرجنتين؟ هو مثل البرازيل، فريق أليخاندرو سابيلا، لم يلعب جيدًا فى أىٍّ من مباريات البطولة. لكنهم كان لديهم لاعبون يبعثون على الاحترام، وقادرون على أن يجعلوا منتخب بلادهم يذهب إلى المباراة النهائية، لكن ميسى لا يمكنه أن يلعب بمفرده، كما أنه فى بعض الأحيان لا يلعب بصورة جيدة. كما حدث أول من أمس، حصلت الأرجنتين على ثلاث فرص كبيرة كان يمكنها أن تغير تاريخ كأس العالم، لكنها فشلت. ميسى يستحق الفوز بكأس العالم، لكن عليه أن ينتظر أربع سنوات أخرى. ذات مرة كان هناك فريق يضع الابتسامات على وجوه جماهيره. أجل، كان هذا الفريق هو المنتخب البرازيلى. لكن كأس العالم انقضى، وعلى الكرة البرازيلية أن تفكر مجددًا فى المستقبل، لا الماضى، فالنجوم الخمسة على القميص الأصفر، لم يعودوا موجودين حاليًّا، نحن بحاجة إلى أن نتعلَّم ذلك الأمر، لكى نعرف جيدًا كيف نلعب أمام الأرجنتينوألمانيا على وجه الخصوص. تم بناء الماراكانا لرؤية البرازيل بطلا للعالم قبل 64 عاما، كانت لدينا الفرصة الثانية، ولكننا فشلنا، ذلك هو وقت الألمان، لقد فاز بها الفريق الذى جاء من أراضى الصقيع، وجلب معه الحرارة والحماسة والحب، وأصبح محبوب البرازيليين. كأس العالم الآن فى أيد أمينة، وليس هناك أى سبب للاعتقاد والتفكير فى الماضى. ألمانيا هى الحاضر وربما تظل المستقبل أيضًا.