كتاب وائل غنيم عن ثورة 25 يناير يصدر فى أمريكا تحت عنوان «الإصدار الثانى من الثورة» أخيرا صدر الكتاب المنتظر لوائل غنيم بعنوان «ثورة 2.0». يحكى فيه الثائر المصرى (30 عاما) الشهير عالميا ذكرياته مع الثورة وتفاصيل الأيام التى أدت إلى سقوط النظام فى مصر وتخلى مبارك عن الحكم. والكتاب الذى يقع فى 308 صفحات يحمل عنوانا فرعيا هو عبارة «قوة الناس أعظم من الناس فى السلطة». وقد صدر عن دار نشر «هاوتون ميفلن هارتكورت» الأمريكية. الكتاب يتضمن تسعة فصول وعناوينها: «نظام الخوف»، و«البحث عن منقذ»، و«كلنا خالد سعيد»، و«أونلاين وفى الشوارع»، و«ثورة تم الإعلان عنها»، و«25 يناير 2011»، و«اسمى رقم 41»، و«الزنزانة»، و«فرعون يسقط». واختيار اسم الكتاب «ثورة 2.0» يعنى الثورة الجديدة أو القادمة أو النسخة الجديدة من الثورة المتأثرة والقائمة على تكنولوجيا المعلومات. وهذا بالطبع ما كان وما صار وما بهر العالم. غنيم فى كتابه: كنت السجين رقم 41 وأسئلة المحققين حاولت الربط بين الثورة وجهات خارجية وشككت فى البرادعى ومن خلال قراءة الكتاب يتضح أن أهم ما يميز الكتاب تفاصيله، خصوصا تلك الخاصة بقيام الثورة وحشد الشباب والتفافهم حول دعوة التظاهر يوم 25 يناير 2011 وتواصلهم عبر ال«فيسبوك» والرسائل المتبادلة، وجروب «كلنا خالد سعيد» (الذى بدأ فى صيف 2010)، وأيضا اعتقال وائل غنيم واستجوابه ثم الإفراج عنه. واتصالات غنيم ولقاءاته مع أحمد ماهر ومصطفى النجار وعمرو سلامة وعبد الرحمن منصور وآخرين من شباب الثورة. ونجد حرص وائل فى مواقع عديدة من الكتاب على أن يشرح أسباب غضب الشباب وانتفاضتهم مثلما حدث مع حادثة مقتل خالد سعيد والانتخابات البرلمانية عام 2010. وتفاصيل الوقفات الصامتة فى الإسكندرية والتجمع فى ميدان التحرير والتحرك من دوران شبرا. وأيضا تفاصيل الزنزانة التى أقام بها «نزيل رقم 41»، ويتذكر أسئلة المحققين معه وإصرارهم الدائم على إيجاد صلات واتصالات ب«جهات خارجية/ أجنبية»، وأيضا تشككهم الدائم فى نوايا وتحركات الدكتور البرادعى. ويذكر غنيم بالطبع تفاصيل لقائه التليفزيونى مع منى الشاذلى فى «العاشرة مساء». وبما أن الكتاب بالإنجليزية وقارئه قد لا يعرف الكثير مثلنا عن الأمور المثارة فى الكتاب، لم ينس وائل غنيم فى سرده ذكرياته من حين إلى آخر أن يذكر تفاصيل دقيقة من الحياة المصرية، وأيضا شرح ما يخص الإسلام. وبالطبع يسهب فى شرح صدمته عندما رأى ولأول مرة صورة خالد سعيد (بعد إخراجه من المشرحة)، وكيف أنه تفاعل مع الأمر ليكون أدمن الجروب فى ما بعد. الجروب الذى وصل بأعضائه إلى 300 خلال دقيقتين وأكثر من 350 ألفا بعد ستة أشهر. وقد حرص وائل فى كتابه أن يذكر بعض التعبيرات مثل «كلنا خالد سعيد»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، كما تنطق باللغة العربية مكتوبة بحروف لاتينية، وكتب إلى جانبها الترجمة الإنجليزية للتعبير نفسه. وليس غريبا أن وائل خلال حكيه عن أيام الثورة يشير إلى الزعيم الهندى غاندى، وأقواله عن اللا عنف (وكثيرا ما استخدمها فى «كلنا خالد سعيد») ومواقفه من المقاومة السلمية، ويذكر ترديده مع أصدقائه أبيات أبى القاسم الشابى «إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر»، ويتذكر أيضا الصورة الشهيرة التى جسدت الطالب الصينى الذى وقف شجاعا أمام الدبابة فى ميدان تياننمان الشهير. كما أنه ينهى سرده أو مذكراته فى الكتاب بوصفه الساعات التى تلت تخلى مبارك للحكم، وكيف أن تلك الليلة كانت أسعد ليلة فى حياته، وكما كتب «إننا نضع نهاية جزء واحد من حكاية طويلة. وهذه الحكاية لن تنتهى إلا حين تدخل مصر من جديد فى مصاف دول العالم الرائدة. إلا أن المهمة الأولى قد أنجزت وانتهى كابوس نظام مبارك. وأخيرا وجدنا مصر التى حاول النظام أن يقنعنا بأننا فقدناها للأبد. واحتاجت فقط ساعات قليلة لكى يقنع بضعة آلاف من الناس الملايين بالانضمام إليهم فى سعيهم للكرامة والحرية. وفى تلك الجمعة، بعد 18 يوما فقط كل ما كان يمكن أن نقوله هو حمد لله عالسلامة يا مصر.. وحشتينا». ويضيف وائل: «عدت إلى بيتى بعد منتصف الليل رافعا رأسى عاليا. وكتبت على صفحة (كلنا خالد سعيد) قبل أن أذهب إلى السرير (فخور بأننى مصرى)، وقد قرأ هذه العبارة (حسب ما نشر فى الكتاب ص 291) أكثر من 655 ألفا، ومن أعجبهم العبارة «لايك» 9.413 وعدد التعليقات 2.539 تعليقا». وبعيدا عن تحليلات المعلقين السياسيين والمحللين الاستراتيجيين و«تنظيرات» الأكاديميين عما حدث فى يناير/فبراير 2011 وكيف حدث وسيناريوهات المستقبل. فإن مذكرات وائل غنيم، وقد أصبح اسما مصريا شهيرا وعلما معروفا ومؤثرا فى العالم تأتى لتحكى بصيغة المتكلم عن دقائق ما شهدته مصر، وما قد لا يعرفه المتابع للأحداث. وكما أن الرسائل أو البوستات المنشورة تعكس أفكار ومشاعر وتطلعات الشباب المفجر والمنظم والمشارك للثورة. وهى فرصة لكى يتعرف القارئ أكثر (خصوصا لمن يقرأ الإنجليزية) عن «ما كان بين الأحداث، قبلها وبعدها»، وأيضا أن يعرف أن ما كان يدفع الشباب للثورة لم يكن فقط الرغبة فى التخلص مما هو قائم، بل أيضا إحداث تغيير، وكان هناك تصور لغد أفضل وعلاقة محترمة ما بين الحاكم والمحكوم. وبما أن كاتبه شاب كان منذ البداية جزءا من الثورة ومن انطلاقها وتحركها، ومن انتشار فكرتها ودعوتها عبر الفيسبوك وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة نجد صياغة النص وتلاحق الأحداث متميزة، «سريعة ولاهثة»، وبما أنها كتابة شبابية ثورية نجد فى الكتاب مزجا بين المعلومات والأفكار، تعدد وتنوع المعلومات وحماسة الآراء. ليجد القارئ بالإنجليزية متعة فى معرفة الأحداث والأجواء ومشاعر وأفكار شباب الثورة المصرية والمنظور التاريخى والمنظومة السياسية العصرية التى جرت فيها الثورة، التى تابعها العالم كله بدءا من يوم 25 يناير 2011. وملحوظة أخرى يكتشفها قارئ الكتاب، وهى بما أن صور وأفلام الثورة اجتاحت العالم كله كان من ذكاء الناشر أن الكتاب لا يحتوى أى صورة إلا صورة واحدة تحتل الغلاف الداخلى فى كل من بداية الكتاب ونهايته لحشد جماهيرى مصرى عظيم وعلم مصرى ضخم، المشهد الذى انطبع فى الذاكرة، وبالتالى تأتى المادة المكتوبة أوسردية وائل غنيم للثورة، وكأنها تقف وسط الملايين التى خرجت فى كل مدن مصر تحكى حكايتهم. ويشير الناشر إلى غلاف الكتاب بأن صفحات هذا الكتاب تشمل الدروس التى استخلصها وائل غنيم من تجربته وتجربة جيله، وأن هذه الدروس سوف تلهم كل واحد منا، ثم يضيف «أنه رأى أن الطريق إلى ميدان التحرير لم يتم إنجازه من جانب شخص واحد، بل من الشعب، وإننا فى ثورة 2.0 نستطيع كلنا أن نكون أبطالا» وجدير بالذكر أن تقارير صحفية فى ربيع العام الماضى قد أشارت إلى تعاقد دار النشر الأمريكية، ومقرها الرئيسى فى مدينة بوسطن مع وائل غنيم لنشر وإصدار الكتاب مع مرور عام على الثورة، فى يناير 2012. وقد تراوح تقدير قيمة العقد ما بين مليون و2 مليون دولار. وتوقعت دوائر نشر وتوزيع كتب أن الكتاب قد يحقق نجاحا كبيرا، خصوصا مع قيام وائل بجولة فى بعض المدن الأمريكية. كما قامت مجلة «فورين بوليسى» الشهيرة مع بداية عام 2012 بترشيح هذا الكتاب من ضمن قائمة أهم كتب تتحدث عن شؤون العالم يجب قراءتها خلال العام الحالى. والمجلة نفسها رشحت كتابا آخر باسم «ميدان التحرير» للكاتب الصحفى أشرف خليل.