بالنسبة إلى كثير من الناس كأس العالم تبدأ فقط فى تلك المرحلة. 16 منتخبًا أكثر من 16 مباراة، وجميعها مفعمة بالحماس. تلك هى الفِرق التى لن تذهب إلى ديارها مبكرًا، أو فى حالة البرازيل، البقاء فى الديار، لكن من دون بطولة ومشكلة كبيرة. قبل انطلاق كأس العالم، قال لويس فيليبى سكولارى (مدرب المنتخب البرازيلى) إنه من الواجب أن يكون المنتخب البرازيلى هو البطل فى بلاده. كما أن كارلوس ألبرتو بيريرا -الفائز بلقب كأس العالم عام 1994 ومنسق المنتخب البرازيلى الحالى- لديه نفس الفكر، وهو نفس الأمر الذى شرحه خوسيه ماريا مارين، رئيس الاتحاد البرازيلى لكرة القدم. لذلك، فإن نيمار ورفاقه قبل أن يدخلوا ملعب مينير أو فى بيلو هوريزونتى، فى لقائهم مع تشيلى، عليهم بالضغط ضغطا هائلا من أجل أن يحققوا الفوز، وهذا ما سوف يحدث معهم حتى النهائى، إذا ما وصلت البرازيل إليه طبعًا. عندما استضافت البرازيل كأس العالم للمرة الأولى، كان عمر سكولارى عامين تقريبا، وكان بريرا يبلغ من العمر سبعة أعوام، وكان ماريو خورخى لوبو زاجالو، الرجل الذى فاز بلقب كأس العالم أربع مرات، فى تلك البطولة، يعمل كحارس فى الجيش يؤمن استاد ماراكانا، وشاهد كيف تنتزع أوروجواى اللقب. ماركانازو ليس شبحا بالنسبة لمعظم السكان، إلا أن 23 رجلا تم استدعاؤهم من قبل سكولارى يعانون من هذا الشحن المعنوى فى كل يوم، فى كل مباراة، فى كل ملعب. فإن أى هزيمة ستذكرهم على الفور بفشل عام 1950. ومع ذلك فإن الانتصار سيسطر أسماءهم فى التاريخ: الفريق الذى حصل على كأس العالم فى دياره. حلم هاجسه يتردد منذ أكثر من 64 عاما. لن تكون مباراة البرازيل × تشيلى مباراة سهلة. منتخب تشيلى هو واحد من مفاجآت هذه البطولة، فهو من أخرج الأبطال الأقوياء كمنتخب إسبانيا. والمدرب الأرجنتينى خورخى سامباولى يقوم بعمل جيد فى قيادته منتخب تشيلى، منذ أن حل محل مارسيلو بيلسا بنجاح، الذى قاد تشيلى حتى دور ال16 أيضا فى عام 2010، وتم إخراجه بواسطة البرازيل! فريق سامباولى يمتلك ميزات مختلفة عن الفريق الذى كان قبل أربع سنوات، وامتلك لاعبوه خبرات أفضل. لقد أصبح ألكسيس سانشيز نجم برشلونة، كما نيمار، وانتقل فيدال من باير ليفركوزين الألمانى إلى يوفنتوس الإيطالى الشهير، وحصل إدواردو فارجاس على مكان أفضل فى فالنسيا الإسبانى، وخورخى فالديفيا على مكانه البارز فى بالميراس، ومعروف جدًّا لكل مشجعى الكرة البرازيلية. بخلاف الدعم الجماهيرى، فالبرازيل لديها أفضلية كبيرة كى تتمكن من التفوق على تشيلى، فهى من فازت على «لاروخا» فى 1962، و1998، و2010. وقال سامباولى: «إنه ليس من قبيل الحظ أن تكون البرازيل هى من تحقق كل تلك الانتصارات، فالبرازيل فازت بكأس العالم خمس مرات، والفوز على السامبا ليس سهلا على أى شخص. إحصائيا تتجاوز أى اختيار، وبخاصة الآن، لأنها تلعب على أرضها وسط شعبها مع مدرب ولاعبين ذوى قدرات هائلة. لكننا نعلم كيف يمكننا تغيير القصة». البرازيل هى المرشح الأوفر حظا للفوز بكأس العالم، لكنها لا تزال لم تقدم اللعب المتوقع للفريق البطل. سكولارى يتفق مع هذا الكلام، ولكنه يرى أن الفريق تقريبا على استعداد لتكرار ما حدث فى العام الماضى فى بطولة كأس القارات، عندما فازت البرازيل باللقب عن جدارة، ويقول: «أعتقد أنه لدينا فريق حاليا يقدم 80% من مستواه الحقيقى الذى أظهره فى كأس القارات، ومع تطور اللياقة البدنية لللاعبين والعمل بصورة أكبر أعتقد أنه سيكون فى الظروف العادية سنحقق ما أنجزناه فى كأس القارات». أما عن تشيلى، فالمدرب البرازيلى كالَ الثناء كله إليه، وخص الثناء لعمل سامباولى، وفقًا لسكولارى، فمنذ تولى منافسه منصبه منذ أواخر عام 2012، وتطور المنتخب التشيلى بصورة هائلة. وتابع قائلا «أعتقد أنه منذ وصول سامباولى أصبح للفريق ديناميكية جديدة، فهو يقدم أداء أفضل كثيرًا، واللاعبون تكيفوا بصورة كبيرة مع خططه، وأصبح الفريق ينتج بصورة أكبر، بحيث لديه فى الوقت الحاضر مستوى أعلى مما كان عليه فى السابق». فى الماراكانا، أوروجواى وكولومبيا سيجتمعان ليقررا من سيواجه البرازيل أو تشيلى فى دور ربع النهائى. حتى من دون فالكاو جارسيا، كولومبيا لديها إحساس حقيقى بأنها تمتلك مشاركة قوية فى البطولة، وأظهر خوسيه بيكرمان أنه يمكنه أن يجعل من لاعب خط وسط موناكو جيمس رودريجيز، لاعبا يقدم مباريات جيدة، فهو المرشح لأن يكون رجل البطولة، ولن يغادر البرازيل من دون أن يتم تكريمه، وسيكون من الصعب على موناكو أن تجدد عقد هذا النجم وإلا سيكلفها كثيرًا. أما أوروجواى فهى حالة خاصة، لقد كتبت هنا من قبل عن فريق أوسكار تاباريز، فهو فريق مع لويس سواريز، وفريق آخر من دونه. من دون سواريز، كان يمكن لأوروجواى أن تخرج من المرحلة الأولى، ومع سواريز يمكن لأوروجواى أن تكافح لتصل إلى اللقب. ولكن فعل سواريز ما فعل (العضة، هل تذكرونها؟)، وحصل على عقوبة من «فيفا» وأصبح خارج كأس العالم. كيف ستتعامل السيليست مع هذا الأمر؟ هل سيكونون الفريق الذى خسر أمام كوستاريكا؟ أم سيكونون أكثر جوعا لتحقيق الانتصارات، بعد ما حدث بأفضل لاعب لديهم؟ شىء واحد مؤكد: أن فريقين من أمريكا الجنوبية سيكونان فى ربع النهائى، وسيلتقيان يوم الجمعة المقبل، فى فورتاليزا. لو عبرت البرازيل من هذا الدور، سنسمع مرة أخرى أن الفوز باللقب واجب والتزام، ولو خسرت البرازيل، فكل شخص سيتذكر الماركانازو. الآن تبدأ كأس العالم الحقيقية.