ما بين السلفيين والمسيحيين ود مفقود، وهذا أمر معروف وعلنى، وفتاوى السلفيين عن تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم موجودة فى كتاباتهم ومنشورة فى الصحف وعلى مواقع الإنترنت الخاصة بهم، وآراؤهم الدينية التى تمنع تولى المسيحيين المناصب العليا خصوصا الولاية العظمى غير خافية على أحد، حتى إن السلفيين ضحوا بمنصب نائب رئيس الجمهورية فى عهد مرسى، ورفضوا أن يتم تعيين أحدهم فيه، حتى لا يبر مرسى بوعده بتعيين نائب مسيحى، والفتاوى السلفية فى مجملها تجعل من الأقباط مواطنين من الدرجة الثانية لا يتمتعون بكل الحقوق الواردة فى الدستور، وفى المقابل يتوجس المسيحيون من السلفيين، ويرون فيهم تطرفا ورفضا للآخر. ولهذا فإن دعوة حزب النور السلفى الأقباط للانضمام إليه، ووضعهم فى قائمته التى سيخوض بها الانتخابات البرلمانية قوبلت باستهجان من البعض، ورأى فيها آخرون انتهازية سياسية مرفوضة، إذ إنهم اضطروا إليها لأن قانون الانتخابات يفرض وضع أقباط فى كل قائمة، ولكن الأكثر إثارة للدهشة هو إعلان بعض المسيحيين عن استعدادهم لقبول الترشح على قوائم حزب النور، فلم يتوقع أحد أن يكون هناك قبطى يمد يده إلى الحزب السلفى وينقذه من الأزمة التى تواجهه، إذ إن امتناع الأقباط عن الترشح على قوائمه يعنى استبعاده من انتخابات القوائم، لإخلاله بأحد نصوص القانون، ومعنى هذا أن فى يد الأقباط وحدهم منح حزب النور قبلة الحياة أو منعه منها، أما الذين صرحوا بأن لديهم استعدادا للتعاون مع حزب النور، فهى جماعة أقباط 38، وهى مجموعة من المتضررين من التطبيق الصارم للمبدأ الذى وضعه البابا الراحل الأنبا شنودة بعدم جواز الطلاق إلا لعلة الزنى، استنادا إلى نص فى الإنجيل، ومتجاهلا بذلك اللائحة التى صدرت عام 1938 ونظمت الطلاق عند المسيحيين، ووضعت له 9 أسباب، وتطالب المجموعة الكنيسة بالعودة إلى لائحة 1938 وتطبيقها، خصوصا أن كل البابوات السابقين ما عدا البابا شنودة طبقوها، وهو ما يعنى أنها غير مخالفة للإنجيل، هذه هى المجموعة التى لا تمانع من الترشح مع الحزب السلفى، وعندما سألت الصديق نادر الصيرفى، أحد مؤسسى جماعة 38، قال إن حزب النور لم يعرض عليهم شيئا حتى الآن، ولكن ليس لديه مانع فى الترشح على قوائمه، باعتباره حزبا سياسيا، وأنه سيقرأ أولا برنامج الحزب وأفكاره قبل الانضمام إليه أو التعاون معه، وإذا وجد أن هناك ما يتعارض مع عقيدته أو أفكاره فسيرفضه، وقال إن الحزب كان له دور فى وضع خارطة الطريق بعد ثورة 30 يونيو، وكانت قياداته متعاونة فى وضع الدستور الجديد، ووافقوا على إلغاء المادة 219، التى كانت موجودة فى دستور الإخوان الملغى، ولهذا لا يجوز إقصاء الحزب عن الحياة السياسية، ويرى أنه يمكن تغيير بعض أفكار السلفيين تجاه المسيحيين، ويجب أن نساعدهم على ذلك، بدلا من حصارهم الذى قد يزيد من تشددهم، علما بأننا ليس لنا أى خلافات مع الكنيسة كما يشيع البعض، هذه هى خلاصة حوارى مع الصيرفى، ورغم تحفظى على ما قاله فإننى لا أشك مطلقا فى حسن نياته، ولكن الطريق إلى جهنم ملىء بالنيات الحسنة. السلفيون إذا دخلوا البرلمان بمقاعد مؤثرة سيكون لهم دور فى عرقلة قوانين مهمة، وهم يرغبون فى الوصول إلى الثلث المعطل، حيث يشترط الدستور حصول القوانين المكملة للدستور على ثلثى أصوات عدد أعضاء البرلمان، ومن أجل هذا السبب تجاوزوا عن فتاواهم وقبلوا مرغمين ترشيح مسيحيين، على أن يعودوا إلى فتاواهم وتصرفاتهم ضد الأقباط بعد أن يستفيدوا منهم فى الانتخابات، أما الأقباط الراغبون فى التعاون مع حزب النور فهدفهم الوصول إلى البرلمان وربما يعتقدون أنهم يستطيعون الانسلاخ من الحزب والاستقلال عنه أو التصويت ضده عندما يريدون، وبهذا يستفيدون من عضوية البرلمان وبثمن قليل، وهكذا فإن المصالح تتصالح على حساب الوطن.