البرازيليون نسوا مشكلاتهم وشجعوا السامبا أمام الكاميرون.. وتحول «البلاك بلوكس» من مخربين إلى مشجعين «العملاق لم يعد نائما»، عندما نزل الناس إلى الشوارع العام الماضى خلال كأس القارات كانوا يرفعون ذلك الشعار فى المظاهرات، فهم يريدون المزيد من المال ينفق على المستشفيات والتعليم والنقل والبنية التحتية. إنهم كانوا يريدون المزيد من الاحترام من الحكومة لهم.. أخيرا، البرازيل تدعى أنها توفر ظروفا أفضل لشعبها، فنحن 200 مليون مواطن فى بلد ذى أبعاد قارية عديدة، ولدينا العديد من المشكلات، لقد كانت الاحتجاجات وسيلة لإظهار وجه قوى للسياسيين بأننا لن ننام بعد الآن. «العملاق لم يعد نائما»، يظهر هذا الشعار مجددا فى ثلاث مباريات بكأس العالم، ولكن مع فريق كرة القدم صاحب التاريخ الأوفر للفوز بالألقاب فى كرة القدم، الذى أصبح مستيقظا. العملاق يخوض المباريات بحشد من المتعصبين له، والذين يعملون على تحويل النشيد الوطنى إلى أغنية حرب، كما قال فيسنتى ديل بوسكى (مدرب المنتخب الإسبانى) بعد مشاركته فى كأس القارات أمام البرازيل وفوز السامبا بهدف دون رد، حيث تبدأ الجماهير كل مباراة بمحاولة حث وتشجيع اللاعبين عن طريق النشيد الوطنى. بما أن قواعد الفيفا تعزف جزءا صغيرا من الأغنية الخاصة بالنشيد الوطنى قبل أن تبدأ المباراة، فالجماهير قررت ألا تتوقف أبدا عن ترديده، فهم يذهبون لترديده منذ بداية اللقاء وحتى النهاية، يحاولون إشعال همة اللاعبين، حتى إن بعضهم يبكى من التأثر. «العملاق لم يعد نائما»، بعد المشاهد التى رأينها العام الماضى خشى العالم من أن الأسوأ قد يكون قادما فى تلك البطولة، لكن الفيفا والحكومة عقدا عدة اجتماعات لضمان السلامة والأمن فى أثناء كأس العالم. لا تزال أسئلة عديدة مطروحة حول ما تحققه البطولة من مكاسب. مجموعة من السائحين ألغوا رحلاتهم بعدما شاهدوا الكثير من «البلاك بلوكس» (مجموعة من المحتجين الأكثر راديكالية ويشتهرون بلبس القمصان والأقنعة السوداء) فى الشوارع يكسرون المبانى العامة ويضرمون النار فى السيارات، خلال بعض أعمال الشغب العنيفة. كنا نتوقع حالة من الفوضى، لكننا حقيقة نعيش الآن حلما. «العملاق لم يعد نائما»، إنه فقط شاب يبغ من العمر 22 عاما، طوله 175 سم، لكنه عملاق فى ما يفعل، منذ كان مجرد طفل ولعب ضد اللاعبين الكبار. نيمار عملاق منذ كان مجرد «أرماريلينا» (الأصفر الصغير: ذلك اللقب الذى يطلق على قميص المنتخب البرازيلى التقليدى). كان هناك شىء مختلف فى هذا الطفل، الذى بدل أرقام قميصه أكثر من مرة. إنه نيمار، الذى حمل القميص رقم 10، بعدما استخدم قمصانا أخرى عديدة، حمل نيمار القميص رقم 10 الأسطورى، ليتحمل مسؤولية قيادة الفريق إلى لقب لم يسبق له مثيل على أرض البرازيل. «العملاق لم يعد نائما»، لا توجد أعمال شغب عنيفة فى الشوارع، أجل، نحن نرى الآن الآلاف يتجولون فى المدن المضيفة، ولكن أولئك الناس الملونين لا يحتجون، بل هم يحتفلون، يأتون من كل مكان. لقد بات كوباكابانا بيتش عاصمة العالم الآن، لقد بات «برج بابل» يسمع جميع اللغات فى المكان، بل إن بعض الشباب البرازيليين يتظاهر بأنه أجنبى لمجرد أن يحظى بمزيد من المتعة والوقت مع الفتيات البرازيليات. «العملاق لم يعد نائما»، كان هناك ركلة جزاء مثيرة للجدل فى أول فوز، وتعادل واحد أثار الانتقادات، ثم نصر مشهود. هل تذكر اسم الحكم الذى أشار بركلة الجزاء لفريد ضد كرواتيا؟ هل تذكر اسم الحارس المكسيكى الذى حاول إيقاف تأهل البرازيل للدور الثانى؟ يوينتشى نيشيمورا وجييرمو أوتشوا، مجرد اسمين فى التاريخ، الذى يبدو أنه بدأ صعبا، ولكن نهايته قد تكون تاريخية. أمام الكاميرون، شارك فريد مرة أخرى فى خطأ أثار جدلا، ولكن الخطأ فى تلك المرة كان فى الإعادة التليفزيونية (الإعادة التليفزيونية أخطأت عندما حاولت أن تظهر فريد أنه كان متسللا). «العملاق لم يعد نائما»، ينسى المشجعون أولئك الأشخاص الذين لا يهتمون بالمنتخب البرازيلى، ينسى الناس أولئك الأشخاص الذين يقولون إن البرازيل ليست بحاجة إلى نهائيات كأس العالم. خلال المباراة كانت حركة المرور فارغة، لم يكن هناك أحد فى مراكز التسوق، كان الناس يشاهدون المباراة معا، لمدة 90 دقيقة، نسوا مشكلاتهم ومشكلات البرازيل. عائلة هندية وعائلة فى «الفافيلا» شاهدتا المباراة معا، حتى فى عنان السماء، قدمت شركة الطيران على شاشاتها للراكبين فى الطائرات فرصة أن يتابعوا نيمار وزملاءه. «العملاق لم يعد نائما»، أخيرا قرر لويس فيليبى سكولارى أن يغير، كانت البداية بال11 لاعبا أنفسهم، ولكن المدرب منح الفرصة لفرناندينيو فى الشوط الثانى، ولاعب مانشستر سيتى لم يخيب أمله، فبمشاركته على أرض الملعب تحسن لعب البرازيل كثيرا، وكانت أكثر سيطرة على الكرة، حتى إن فرناندينيو سجل هدفا.«العملاق لم يعد نائما»، تشيلى هى المنافس المقبل للبرازيل، منافس مألوف قديم، ولكن لا يجلب أى ذكريات سيئة. فى كأس العالم الأخيرة، على سبيل المثال، فازت البرازيل فى دور ال16 عليهم بثلاثة أهداف دون رد. لكنها الآن لعبة مختلفة، وفريق مختلف. لكنْ هناك أيضا فروق كبيرة، أهمها أن تلك المباراة تلعب فى البرازيل، والعمالقة هنا مستيقظون، داخل وخارج الملعب.