تتغير ملامح وجهها عندما تنطق كلمة الدم وكلمة الظلم، وعندما تقول: أنا كنت فاكرة إن الثورة بعد 11 فبراير ستمسك عصا سحرية وتنظف.. تتغير ملامحها المبتسمة وتبدو كأنها على وشك البكاء. وتحكى سحر: لأننى مهندسة كنت شايفة من خلال عملى إن الناس اللى بتشتغل على الأرض همّ المحليات، وكنت فاكرة إن لما المحليات تتحل أنا هاضحى بشغلى واشتغل فى المحليات، وأعمل عمران واغير العشوائيات وانضف، كان عدى أمل.. كنت فاكرة.. كنت حالمة.. كنت فاكرة إنها عصا سحرية. خلاص عرفت إن لسه سنين، ومقتنعة إن مافيش حاجة هتتغير إلا لما يحصل دم تانى، لازم ندفع تمن جامد. سحر بنت عادية جدا، تتعجب لأننى مهتمة بها، وترفض أن أكتب عنها. تقول «ليه تكتبى عنى، أنا حاسة إن فى ناس غيرى أهم، فى كل حاجة أنا عملتها كان فى دايما حد أحسن منى فعال أكتر ومهم أكتر». لم أهتم أن أشرح لها سبب الرغبة التى تسيطر علىّ، أن أكتب عنها كلما رأيتها أو تعاملت معها، السبب هو ما تعتقد هى أنه مبرر كاف لكى لا أكتب عنها. إنها فعلا عادية وحقيقية وبسيطة، وصادقة جدا. قضت سحر سنوات عمرها قبل 25 يناير الماضى مهتمة بالشأن العام، كما تقول هى، لكن لا تفعل شيئا يعبر عن اعتراضها ولا رفضها لكل ما تعرف عنه، وكذلك أسرتها الصغيرة، أسرة معارضة دون فعل على الأرض. حتى بعد الثورة لم تتمكن سحر من البقاء فى الميدان طوال الوقت مثل الآلاف، كانت تنزل الميدان وتعود بعد عدد من الساعات، حسب فترة السماح الممنوحة لها. تقول سحر: مبارك مشى لكن النظام قائم والظلم موجود والاعتصامات بتتضرب، والناس بتموت وبتتصاب وبيتقبض عليها بالهبل، خلاص بعد ماشفت كل الظلم ده فاضل إيه؟ المفروض يحصل إيه عشان الظلم يمشى، لو وجودى فى الشارع هيفرق، هافضل فى الشارع، حتى لو كان الموت هو التمن. أنا عمرى ما تخيلت إن الدم رخيص كده، الناس دمها بيسيح وبتموت، ومافيش واحد بس اتعاقب، واحد بس يتعدم نعرف إن الظلم هيمشى. الناس بتتغير لما بتشوف الظلم بعينها، لما الظلم بيقرب منها، أنا عندى أصحاب دكاترة، كانوا دايما يقولوا لى: يعنى اللى فى التحرير دول عايزين إيه؟ لما علاء عبد الهادى استشهد اتغيروا تماما. تضحك سحر عندما أسألها عن العمل السياسى والحزبى وتقول: فى ناس كتير بيقعدوا ينظروا ويقولوا لازم ننزل الشارع، وننزل للناس، ويكون لينا وجود على الأرض. أرض إيه يا عم هو احنا لاحقين، ده إحنا كل يوم فى المشرحة، وتقولوا لنا أرض، عايزين ناخد نفسنا وننسى منظر الدم شوية. مرة ثانية تنطق سحر كلمة الدم، فتتغير ملامحها الضاحكة، وتوشك على البكاء.