رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    محافظ أسيوط يشدد على استغلال الفراغات لخفض كثافة الطلاب بالمدارس (صور)    أسعار الفاكهة في سوق العبور اليوم 20 سبتمبر    ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة 20 سبتمبر    سعر الدولار اليوم الجمعة 20-9-2024 في البنوك    حملات لتوعية السيدات بترشيد استهلاك المياه في الشرقية    وزير الري: حملات مكثفة لإزالة التعديات على المجرى المائي للنهر وجسوره    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    نقيب الفلاحين: 90% من دعم الأسمدة لا يصل إلى مستحقيه    إسرائيل تلغي قيودا على تجمعات سكنية في الشمال وهضبة الجولان    ترامب يحذر يهود أمريكا من هاريس.. ويؤكد: أنا أفضل صديق لكم فى البيت الأبيض    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    الزمالك يستضيف الشرطة الكيني لحسم تأهله لدور المجموعات بالكونفدرالية    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    إجراء جديد ضد عامل تحرش بسيدة أجنبية في المعادي    طقس شديد الحرارة يضرب الأقصر اليوم.. والعظمى 44 درجة    التحقيق مع شخص مفصول من الطريقة التيجانية فى اتهامه بالتحرش    "الأعلى للثقافة" يحتفل بيوم الصداقة العالمى فى الحديقة الثقافية    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    تحذير جديد من انتشار جدري القرود في إفريقيا.. خارج نطاق السيطرة    خدمات صحية تقدمها عيادة العلاج الطبيعي بمستشفى حميات الإسماعيلية (صور)    صحة أسيوط تفاجئ العاملين بمستشفى صدفا المركزي    3 قرارات داخل الأهلي قبل لقاء الزمالك في السوبر الأفريقي    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 20 سبتمبر 2024    سورة قرآنية داوم على قراءتها يوميًا.. تقضي بها الحوائج    بدون سكر أو دقيق.. وصفة حلويات مليانة بروتين وبسعرات حرارية قليلة    5 أسباب لحدوث الإغماء المفاجئ ويجب اللجوء للطبيب فورا    موعد مباراة الأهلي وضمك اليوم في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    حرب غزة.. قوات الاحتلال تنكل بجثامين الشهداء الثلاثة في قباطية    بالأسماء| انتشال جثة طفل والبحث عن شقيقته سقطا في ترعة بالزقازيق    حبس سائق ميكروباص تسبب في مصرع طالبة بعد دهسها في أبو النمرس    وينسلاند: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    قرار جديد من وزير التربية والتعليم قبل بدء العام الدراسي المقبل 2025    صفارات الإنذار تدوّي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    عبدالباسط حمودة: أبويا كان مداح وكان أجري ربع جنيه في الفرح (فيديو)    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    الداخلية تكشف كواليس القبض على صلاح التيجاني    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    «البحر الأحمر السينمائي» يعلن عن الفائزين في النسخة الرابعة من تحدّي صناعة الأفلام    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    سباق الموت.. مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم دراجتين بالفيوم    لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد كبير من المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاذبون
نشر في التحرير يوم 31 - 12 - 2011

لمن يسألون عن موعد المقتَلة المقبلة، فهو فى المرحلة الثالثة من الانتخابات، لمن يتساءل عن السبب، فلا أعلم بالتحديد، وسيكشف الله فى يوم من الأيام أسباب تقديم هذه القرابين الدموية قبيل المراحل الانتخابية، كما كشف لنا أسباب تورط النظام البائد فى تفجير كنيسة القديسين.
أما عمن تساورهم الشكوك حول ما إذا كانت التيارات السياسية المشاركة فى الانتخابات، وبالأخص التيارات الإسلامية، على علم مسبق بذلك التدبير، فالله تعالى أعلى وأعلم، لكنهم فى كل الأحوال متهمون، وقتلة، وأيديهم ملطخة بدماء أنقى شهداء مصر على الإطلاق، ولا يشفع لهم الجهل أو الخوف أو الهبل أو الاستهبال، خصوصا مع مواقفهم المخزية التى أوغلت فى الدماء والأعراض بلا رهبة من يوم الموقف العظيم الذى سيسألون فيه عن أنفس بريئة معلقة فى رقابهم، ولن يشفيهم التجرع من كأس النصر السياسى وإن ثملوا، وستأتى اللحظة التى يصرخون فيها كما صرخ أوديب حين اكتشف أنه قتل أباه وتزوج أمه: يا ويلتى.. ما أفدح انتصارى.
تفنيد المنطق المنحط الذى يمجد القتل وهتك الأعراض ليس مهمتى فى هذا التوقيت، فقد مررت بأهوال نفسية حتى أتعافى من آثار آلام حفرت فى قلبى ولن تنسى مهما طال الزمن، خصوصا أن عديدا من الشرفاء بحق قام بدور محامى الشهداء والمصابين والمنتهَكين، وسيجزيهم الله على كلماتهم ما يليق بهم من صحبة الشهداء ومددهم، أسأل الله أن يرزق كل من نافَح عن منكوبى العسكر والساسة البصيرة، وأن يحشرهم مع الأخيار بشفاعة الشهداء. لكننى أود أن ألفت الانتباه إلى خطورة ترديد عبارة «معركة عبثية»، وهى عبارة صدرت من الأحباء والمساندين. لو يعلم الله أن شهداءنا ذهبوا فى معركة عبثية ما كرمهم ذلك التكريم الذى رأيته وسمعته وشممته بكل حواسى.
يرغب القتلة فى إخضاع جموع الشعب وتخويفهم والتنكيل بهم وكسر إرادتهم وكرامتهم بإدخالهم فى معركة يظنونها عبثية، يعمِلون قتلا فى الناس وهتكا لأعراض نسائهم. يفعلون ذلك قبيل المراحل الانتخابية حتى تخطو السلطة الجديدة فوق الدماء وتتمكن من إحكام السيطرة على تلك الملايين التى عقدت العزم على أن ترفع رأسها فوووووق... أنت مصرى. أو كما قال الشاعر تميم البرغوثى: رزق الملوك الخوف/ من غيره يندثروا. ذلك الإنهاك المنظم والممنهج للقوى الثورية على الأرض، وهذه «المرمطة» ليس لها أى هدف سوى «تحمير العين» حتى يرتعد الناس، ويرتبط نزولهم إلى الشارع فى الوعى الجمعى بالقتل والهتك، وليس أدل على ذلك من المقولة التى تم ترديدها، بشكل مكثف، عن أطهر فتاة فى مصر، التى قام جيش الاحتلال بتعريتها: وهى إيه اللى نزلها؟
بالضبط.. «وهى إيه اللى نزلها» هو بيت القصيد، وكل من ردد هذه الجملة، بعلم أو جهل، هو هاتك للعرض، قاتل، سفاح، مجرم، حيث إنه يحقق الهدف الذى من أجله سُفكت الدماء وانتُهكت الأجساد، الرسالة: حتنزل حنعمل فيك كده. ومن ثم، فإن الصمود أمام الجحافل المعتدية، والثبات برغم القتل والانتهاك هو النصر المؤزر، وليس هناك نصر سواه: طب حانزل ومش خايف يتعمل فيّا كده.. ومش حتكسرنى. انتهت المعركة لصالح الثوار.
من مات دون أرضه فهو شهيد، من مات دون عرضه فهو شهيد، من مات دون ماله فهو شهيد، إلا أن الشهيد فى سبيل الله هو من قتل «لتكون كلمة الله هى العليا»، أى أن الاستشهاد والصمود فى سبيل المكاسب الدنيوية والمادية والسياسية هو درجة من الشهادة، لكن الشهادة الحق تكون فى سبيل كلمة. الكلمة هى كلمة الله، والله ليس عادلا ولكنه العدل، وليس «حقانيا» ولكنه الحق، والكلمة مكسب معنوى، لا يراه إلا أصحاب البصيرة. الكلمة فى مواجهة الكلمة، كلمة العسكر: أنا فاجر.. ورّينى نفسك. وكلمة الثائر: أنا أهو.. شفتنى؟ لذا، فمن العبثية ادعاء بأن المعارك الفائتة كانت عبثية، هى عبثية طالما أن المعتدى يقتل ولا يجد من يتصدى له، إلا أنها تحمل أرقى المعانى، وتزف أرفع الشهداء منزلة فى اللحظة التى يقرر فيها المعتدَى عليه أن لا يهرب من المواجهة، فى هذه اللحظة يصبح كل هارب مهزوما، وكل قابع فى بيته متخاذلا، وكل مساند للمعتدى أو مبرر لصنائعه قاتلا موغلا فى الدم، وكل مساند لأصحاب التبريرات والتعليلات مساندا للقتل، وكل من لا يرى انتصار الشهداء على القتلة فاقدا للبصيرة، مسكينا، محبوس الروح.
من يسخر من تعبير «ثورة كرامة»، هو يسخر من دماء الشهداء من الفقراء والأطفال والشيوخ والشباب وعلماء الدين الذين تركوا السعى على الرزق لمواجهة الظلم، لا يحملون أى أجندات ولا يمتلكون أى حسابات، اللهم إلا ما قاله الحداد الأمى المصاب: الافترا وحش، وربنا مايرضاش بالظلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.