مدد يا ست.. قالها عم رمضان باستعطاف أمام المسجد، حيث التحف ميدان السيدة زينب بحزن دفين زادته برودة الجو كآبة، بينما انسابت الدموع المخنوقة فى حناجر أمهات الشهداء، اللاتى تجمعن فى الميدان وجمعتهن حرقة القلب بعد الحكم ببراءة ضباط قسم شرطة السيدة من تهمة قتل 5 شهداء فى أحداث 28 يناير الماضى. وقفت الأمهات يبكين زمن الضياع، بينما توالى وصول النشطاء المتضامنين والموجوعين إلى ساحة الميدان وضمتهم وقفة احتجاجية بعد أذان العشاء، مرددين هتافات القصاص، على غرار «حسنى راجع ولا إيه»، الأمر الذى أدى إلى تجمهر المصلين وعدد من أهالى السيدة زينب حولهم ممن لم يكن خبر براءة القتلة قد وصلهم بعد. «براءة» كلمة، لكنها قتلت بدم بارد مستقبل 11 أسرة، تشمل خمسة شهداء وستة مصابين، ومنهم من ينتظر، فمن أحداث يناير إلى أحداث ماسبيرو إلى مذبحة محمد محمود، وأخيرا فاجعة أحداث الوزراء وشهدائها الأبرار يسكن القلق فى عيون أهالى الشهداء والمصابين بعد حكم أول من أمس، لأن القتلى والمصابين واجهوا على ما يبدو الأشباح الفضائية اللعينة التى قتلتهم فى ميادين وشوارع مصر.. «ابنى الرصاص الحى دخل قلبه والقاضى يقول براءة!! قلبه طاوعه إزاى عليها»، هكذا صرخت والدة تامر سيد عادل، حرفى من أبناء السيدة. ومن نار لوعتها أكملت والدة إسلام على، طالب بكلية الحقوق جامعة القاهرة «منعونا حتى ندخل نسمع الحكم ووقفنا برة، كأننا إحنا المتهمين، مش قادرة أصدق أن هشام لطفى ضابط قسم السيدة ياخد براءة، واحنا مقدمين (سى دى) شفته بعينى وهو بيطلق الرصاص من فوق سطح القسم ويوجهه إلى رأس ابنى». أما هتاف والدة طارق مجدى فكان واحدا وقويا ومتحديا «وحياة دمك يا شهيد.. ثورة تانية من جديد»، بينما دعت الجميع إلى النزول يوم 25 يناير المقبل، مؤكدة أن القصاص سيأتى ولو بأيدى الثوار. ومن بين دموع خوفها قالت والدة أحمد صالح «أنا خايفة إن حق ابنى أنا كمان يضيع إذا كان اللى قتلهم مبارك حقهم راح، أمال اللى قتلهم المجلس العسكرى هيحصل فيهم إيه هيطلعوا ضدهم حكم وهما ميتين»، وقالت «فات شهر مش أكثر ومش قادرة أصبر على حق ابنى، وأنا شايفة كل الحقوق بتروح، وأولها حق خالد سعيد اللى والدته بتسعى وراه لأكثر من سنتين».. والدة خالد سعيد، كما هى دائما لم تتأخر، نقلنا إليها الرسالة، فاتصلت واعتذرت أنها لم تشارك بهذا اليوم، بسبب آلام الروماتيزم، لكن قالت فى اتصال هاتفى بهن «مش هنسيب حق ولادنا، ولازم نقوى بعض، حق ولادنا مش هيروح ولو ادوهم مية براءة»، وأكملت ل«التحرير»: «عايزة أقولها لكل الناس (صبر جميل) إحنا أصحاب حق، وربنا مش هيضيع حقنا طول ما احنا مصرين عليه».