وزير الخارجية يلتقى نظيره الأمريكى الثلاثاء ومستشار أوباما للأمن القومى بعد عودته من آسيا فهمى سيلتقى قيادات من الكونجرس.. منهم رؤساء لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ يبدأ، اليوم الإثنين، نبيل فهمى وزير الخارجية المصرى، وعلى مدى ثلاثة أيام، لقاءاته ومحادثاته فى العاصمة الأمريكية. ومن المقرر أن يلتقى غدًا «الثلاثاء» كلًّا من جون كيرى وزير الخارجية، وتشاك هاجل وزير الدفاع، ومن المنتظر أن يلتقى فهمى أيضًا سوزان رايس مستشارة الرئيس للأمن القومى، بعد عودة الرئيس أوباما من جولته الآسيوية. وتأتى هذه الزيارة المهمة والضرورية لوزير الخارجية المصرى بعد أيام من القرار الخاص بإرسال 10 طائرات هليكوبتر من طراز «آباتشى» لمصر ومع ما يمكن وصفه ب«فتح صفحة جديدة» فى العلاقة المتأزمة والمتوترة بين واشنطنوالقاهرة. كما أنها تأتى بينما أهل واشنطن -صناع القرار الأمريكى- لهم قلقهم وأسئلتهم بخصوص مصر المستقبل ومصر ما بعد الانتخابات الرئاسية.. وقدوم السيسى، وبالتالى يتوقّعون وينتظرون من نبيل فهمى أن يبيّن وجهة النظر المصرية ويحدّد ملامح المرحلة المقبلة ويشرح خطط القاهرة لمواجهة متطلبات وتحديات مصر السياسية والاقتصادية والأمنية. وحسب برنامجه المكثّف فى واشنطن فإن فهمى سيلتقى قيادات من الكونجرس، ومنهم رؤساء لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب، بالإضافة إلى لجنة الاعتمادات بمجلس النواب. وتلك القيادات التشريعية لعبت دورًا مهمًّا وحيويًّا فى تقنين «المرونة التشريعية» الضرورية وتمرير القرارات اللازمة لاستئناف المساعدات لمصر والإقرار بإرسال الآباتشى لمساعدة مصر فى حربها ضد الإرهاب. ويذكر فى هذا الصدد أن ما قيل فى الأيام الأخيرة رسميًّا من جانب وزارتى الدفاع والخارجية حول مصر والعلاقة معها تجسد طبيعة تلك العلاقة وعمق الشراكة الاستراتيجية التى تربط بين البلدين وكيف أن أمن مصر واستقرارها ضرورة استراتيجية لأمن المنطقة ومصالح أمريكا فيها. وبالتالى ما تم الإعلان عنه من تصنيف «جماعة أنصار بيت المقدس» كمنظمة إرهابية كان خطوة ثم جاءت خطوة أخرى وهى إرسال الآباتشى لمصر، وفى الطريق خطوات أخرى كلها تصب فى التوجّه القائم الآن وما يمكن تسميته ب«حلحلة الموقف المتأزم بين القاهرةوواشنطن» وما يعد تخفيفًا للتوتر الذى شاهدناه يتصاعد عقب 3 يوليو وبعد التخلّص من الإخوان وبدء المرحلة الانتقالية وتحديدًا فى شهر أكتوبر الماضى مع تعليق الصفقات العسكرية وتجميد المساعدات العسكرية مؤقتًا، ومن ثَمّ بدأت عمليات «الشد والجذب» و«التراشق الدبلوماسى.. والإعلامى» بين الطرفين الأمريكى والمصرى. فهمى، خلال وجوده فى واشنطن، سيعقد لقاءً مغلقًا مع مركز «وودرو ولسن» الشهير، وهذا المركز اهتم خلال السنوات الثلاث الماضية بتطورات المنطقة والإسلام السياسى والتحوّل الديمقراطى وحركات الشباب فى الدول العربية، ومنها مصر بالطبع. كما أن فهمى له لقاء اليوم الإثنين فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، للحديث عن مصر وأحوالها. وبالتأكيد خلال تلك الحوارات ستُثار القضايا الخاصة بمصر المستقبل.. مصر ما بعد الانتخابات الرئاسية وخلال حكم السيسى المنتظر والمرتقب. ويمكن القول بشكل عام بأن الأمر المثار سياسيًّا وإعلاميًّا فى المشهد الواشنطنى الحالى لم يعد الجدل الدائر حول ماهية ما حدث فى الصيف الماضى كان «انقلابًا» أم «ثورة»، وإنما هو القلق أو الرفض أو الاعتراض لما حدث بعد ذلك على مدى الشهور الماضية وإلى يومنا هذا فى ما يخص الاعتقالات التى توصف ب«السياسية» والحريات أو الحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير وحرية الصحافة والصحفيين وحق التظاهر. فما زال ملف اعتقال وحبس صحفيى «الجزيرة» (مهما قيل تفسيرًا وتعليلًا وتبريرًا لما حدث) مفتوحًا، كما أن ما أُثير مع الحكم بإعدام أكثر من 500 «إخوانى» أو متعاطفين معهم فاق كل الحدود! وهل ستكون المرحلة المقبلة أكثر بطشًا وقمعًا «مثلما يتساءلون». ولا شك أن كثيرًا من هذه الأمور فى حاجة إلى توضيح وإلى شرح للصورة الأشمل ولا يجب الاكتفاء بالقول بأننا «لن نسمح لكم ولغيركم بالتدخل فى شؤوننا الداخلية» أو أن «العدالة ستأخذ مجراها ونحن نثق فى نظامنا القضائى» بل يجب أن يقوم وزير الخارجية وغيره فى ما بعد بوضع النقاط فوق الحروف وشرح الحقائق والتعامل مع العقل الغربى بالمنطق والأدلة والبراهين. كما أن العلاقة بين واشنطنوالقاهرة فى حاجة إلى «مراجعة» و«إعادة تقييم» و«تقويم» و«تحديد أفضل للأولويات» وأيضًا فى حاجة إلى «مصارحة» و«تصفية الأجواء». خصوصًا أن واشنطن ستتعامل وعليها أن تتعامل مع رئيس مصرى منتخب قادم فى شهر يونيو المقبل، كما أن القاهرة ستتعامل وعليها أن تتعامل مع الرئيس أوباما وإدارته حتى شهر يناير 2016.. وأمام كل من القاهرةوواشنطن تحديات مشتركة أمنية واستراتيجية لا تقبل بتأجيلها أو إهمالها أو تفاديها.