مارتن لوثر كينج جونيور أحد أشهر رموز النضال السلمي، والذي اربط اسمه بالانتصار لحقوق المدنيين و الأعمال التطوعية. مرحلة الطفولة و الدراسة: ولد كينغ في 15 من يناير عام 1929 في مدينة أتلنتا بولاية جورجياجنوبالولاياتالمتحدةالأمريكية،وكان والده، مارتن لوثر (سينيور) يعمل كاهنا، وحيث كانت التفرقة العنصرية بين البيض و السود على أشدها، لدرجة أن الأمهات كن يمنعن أولادهن من اللعب معه لأنه أسود، كان هذا يدفعه للبكاء فكانت امه تؤكد عليه دائما ألا يشعر بالدونية و أنه لا يقل عنهم في أي شئ. تفوق كنيج في دراسته مما أهله للاتحاق بالجامعة كما عمل في الكنيسة مع أبيه، و في عام 1948 حصل على درجة البكالوريوس في الأداب، و في عام 1953 حصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة، كما حصل على بكالوريوس و الدكتوراه في علم اللاهوت فعين مساعدا لوالده الكاهن التابع للكنيسة المعمدانية في أتلانتا. رحلة النضال و البحث عن الحقوق الضائعة: خلال دراسته الجامعية قرأ كينج العديد من الأعمال للكاتب الأمريكي ثورو الذي كان يؤمن بالعصيان المدني ، و في عام 1954 انتقل كينج ليتقلد منصب كاهنا في كنيسة مدينة مونتغومري في ألاباما والتي كانت تعج بالأعمال العنصرية، فكانت هذه بداية رحلة النضال. ففي يوم الخميس الاول من ديسمبر 1955، حين رفضت السيدة روزا باركس وهي سيدة سوداء أن تخلي مقعدها لراكب أبيض، فما كان من السائق إلا أن استدعى رجال الشرطة الذين ألقوا القبض عليها، فقد كانت تنص قوانين ولاية ألاباما انه لا يحق للسود الجلوس في الأماكن التي يجلس فيها البيض في الحافلات، مما دفع كينج لتنظيم مبادرة ناجحة لمقاطعة الحافلات العمومية في مدينة مونتغومري بولاية ألاباما، وكانت حملته إيذاناً ببدء حقبة جديدة في حياة الأمريكان ذو الأصول الأفريقية. فكان النداء بمقاطعة شركة الحافلات و الذي امتد عاما كاملاً أثر كثيراً على إيراداتها، حيث كان الأفارقة يمثلون 70 % من ركاب خطوطها، ومن ثم من دخلها السنوي، ما دفع المدينة إلى وضع حد لسياسة الفصل العنصري ضد الركاب ذوي البشرة الداكنة. سافر كينغ مع زوجته لزيارة الهند حيث امضيا فترة في دراسة أساليب غاندي في اللاعنف. وعبّر عن اعتقاده الكامل بأيدولوجية السلام عند نهرو و غاندي ، حيث تعرّف على فكرة العصيان المدني كسلاح من أجل التغير، وكذلك فكرة المقاومة السلبية السليمة، فنادى بمقاومة تعتمد على مبدأ "اللا عنف" أو "المقاومة السلمية" على طريقة المناضل الهندي مهاتما غاندي، وكان يستشهد دائماً بقول السيد المسيح : "أحب أعداءك واطلب الرحمة لمن يلعنونك، وادع الله لأولئك الذين يسيئون معاملتك". وكانت حملته إيذاناً ببدء حقبة جديدة في حياة الأمريكان ذو الأصول الأفريقية. تعرض كينغ للعديد من حملات المضايقة والاعتقال بتهم تافهة لا تستحق، فألقي القبض عليه مرة بتهمة قيادة سيارته بسرعة 30 ميلاً في الساعة في منطقة أقصى سرعة فيها 25 ميلاً، كما صدرت ضده مذكرة توقيف مرة أخرى بتهمة تزوير المستندات الضرائبية فاعتقل و حوكم و ظهرت براءته، كما ادعي عليه بتهمة الجلوس في مكان عام لا يحق للسود الجلوس فيه واعتقل وسجن. و في يناير 1956م حين كان مارتن يخطب في أنصاره ألقيت قنبلة على منزله كاد يفقد بسببها زوجته وابنه، وحين وصل إلى منزله وجد جمعا غاضبا من الافارقة مسلحين على استعداد للانتقام، وأصبحت مونتجمري على حافة الانفجار من الغضب، ساعتها وقف كينج يخاطب أنصاره: "دعوا الذعر جانبا، ولا تفعلوا شيئا يمليه عليكم شعور الذعر، إننا لا ندعو إلى العنف"، وبعد أيام من الحادث أُلقي القبض عليه ومعه مجموعة من القادة البارزين بتهمة الاشتراك في مؤامرة لإعاقة العمل دون سبب قانوني بسبب المقاطعة، واستمر الاعتقال إلى أن قامت 4 من السيدات من ذوى أصول افرقية بتقديم طلب إلى المحكمة الاتحادية لإلغاء التفرقة في الحافلات في مونتغمري، وأصدرت المحكمة حكمها التاريخي الذي ينص على عدم قانونية هذه التفرقة العنصرية. وساعتها فقط طلب كينج من أتباعه أن ينهوا المقاطعة ويعودوا إلى استخدام الحافلات " بتواضع ودون خيلاء"، وأفرج عنه لذلك . بعد شهر من ذلك ، نُسف منزل كينغ بالديناميت على أيدي البيض ، وهنا شكّل كينغ مؤتمر القيادة المسيحي الجنوبي لنشر الأسلوب الذي اتبعه سود مونتغمري إلى كل أنحاء الجنوب . سجن كينغ عام 1960م، مثل غاندي تماماً ، بسبب حملات الاحتجاج السلمية ضد التمييز العنصري ، وبدأ يطالب الحكومة الفيدرالية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الظلم . عام 1957 حصل كينج على ميدالية "سينجارن" التي تعطى سنوياً للشخص الذي يقدم مساهمات فعالة في مواجهة العلاقات العنصرية، وبهذه المناسبة وجه كينج خطابه الذي هاجم فيه السياسيين وردد صيحته الشهيرة: "أعطونا حق الانتخاب"، وتحقق الإنتصار حين وقع الرئيس نيكسون القانون الذي يمنح السود حق الاقتراع في الانتخابات عام 1965. في عام 1964م صدر قانون الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وفي العام نفسه أطلقت مجلة "تايم" على كينج لقب "رجل العام" فكان أول رجل من أصل أفريقي يمُنح هذا اللقب، ثم حصل في عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف. في 4 من أبريل 1968 وأثناء جولة لمارتن لوثر كينغ في مدينة مامفيس، وفيما كان يستعد ليخطب في الجماهير المحتشدة أمام الفندق الذي كان مقيما فيه، أطلق عليه قناص النار فأصابه في عنقه، ثم توفي في المستشفى بعد ساعات قليلة، منهيا بذلك حياة مليئة بالكفاح والنضال من أجل الحقوق المدنية. من المؤكد أن التمييز العنصري هو شأن لا يستطيع أحد إلغاءه بالكامل من الحياة اليومية للبشر، و لكن يعتبر كثيرون أن رسالة لوثر كينغ قد تحققت وأن التفرقة العنصرية كادت أن تنتهي في اليوم الذي فاز فيه باراك أوباما بالإنتخابات الرئاسية في 20 يناير من سنة 2009. وتم اعتماد يوم مارتن لوثر كينغ عطلة رسمية عام 1983 خلال فترة حكم الرئيس رونالد ريغن. وفي 1994 أصدر الكونغرس قرارا صنّف عطلة كينغ يوما للخدمة الوطنية، في خطوة لتشجيع الأميركيين على المساهمة في خدمة المجتمع.