دخلت الكاتبة والسيناريست نادين شمس مستشفى «مصر الدولى» لإزالة ورم فخرجت جثة! إلى هذا الحد وصل الإهمال والاستهانة بحياة البشر. شكَّلت وفاة الكاتبة والسيناريست نادين شمس، التى توقّف عدادها عند 41 عامًا، صدمة قاسية لأصدقائها فى الوسطَين، الفنى والثقافى، فلم تعانِ مرضًا مزمنًا، وكانت قبل أيام تطل على الجميع بابتسامتها الدائمة، وبتعليقاتها المتفائلة دومًا وأبدًا على «فيسبوك»، كما أنها ذهبت بقدميها إلى المستشفى الذى يحمل لقب «دولى»، «مستشفى مصر الدولى» بالدقى، والذى يحصل على أتعابه مقدمًا، ليقدّم خدمة مميزة، لكن يبدو أن الأخطاء الطبية لا تعترف بمستوى، وتؤكد أن الأوضاع فى مصر أصبحت فى الحضيض، والسؤال الذى لن يعيد صاحبة الجسد الضئيل: مَن يدفع ثمن ذلك الخطأ الذى أنهى حياتها فى ظرف أيام معدودات؟ نادين عانت خلال هذه الأيام من مضاعفات خطيرة للغاية، وكانت تشعر بألم كبير، رغم قدرتها على التحمل. لم تشكِ من الأوضاع، وفى الوقت الذى كان آخر كلماتها على «الفيسبوك» من سرير المرض: «كل سنة ونحن النساء طيبات وحلوات وجدعات، بنتخانق ونعلّى صوتنا ونحرّر شوارع ونغيّر مفاهيم ونغسل أدمغة ونثور ونرسم ونلعب ونحب ونتحب وندوق المتع بكل ألوانها ونبقى أمهات وطبيبات وكاتبات ورئيسات، متمردات جريئات سافرات، بنقول للدنيا والمجتمع بأعلى صوت.. هو ده آخرك.. ورّينى كمان.. أنا لسه مكملة المشوار». عقب الوفاة رفض المستشفى استخراج تقرير يفيد خطأ أطبائه، فأصر زوجها الدكتور نبيل القط أستاذ الطب النفسى، على تقديم بلاغ رسمى فى نيابة العجوزة ضد الطبيبين اللذين أجريا العملية وإدارة المستشفى التى تسترت عليهما. وقال القط ل«التحرير» إنه لن يفرط فى حق زوجته حتى لا تتكرر مثل هذه الأخطاء دون رادع، وإنه يتهم مسؤولى المستشفى بالتسبب فى قتل زوجته. كل أصدقاء نادين الذين صدمهم خبر رحيلها المفاجئ ساندوا موقف زوجها فى مقاضاة وملاحقة مسؤولى المستشفى، وفتح ملف الإهمال الطبى والفساد داخل هذا القطاع الحيوى. الغريب أن هذا المستشفى توفى به -نتيجة خطأ طبى أيضا- المخرج الكبير عاطف الطيب، وحدثت به حالات وفاة كثيرة فى السنوات الأخيرة. السؤال: مَن يحمى هذا المستشفى؟! بداية ظهور نادين كانت من خلال المجموعة القصصية المشتركة «خيوط على دوائر» التى بشّرت بمجموعة مرعبة من المواهب. لقد توقّع لها الجميع أن تكون كاتبة من العيار الثقيل، لكن نداهة السينما شدّتها فى اتجاه آخر، واختارت أن تحيى حلمها بسينما عظيمة، ولهذا قررت التفرّغ تمامًا للسينما، محتفظة فى نفس الوقت بأصدقائها من الوسط الثقافى، ومتغلبة على كل الصعاب المعروفة فى المجال الجديد، حتى أصبحت اسمًا معروفًا، يحمل طابعه الخاص. تخرّجت فى المعهد العالى للسينما، ولها عديد من المؤلفات القصصية والروائية، من أشهرها القصة القصيرة «الداخل والخارج»، وقد بدأت حياتها كصحفية فى «روزاليوسف» و«أخبار الأدب»، وفى عام 2009 اتجهت إلى الكتابة فى التليفزيون والسينما، إذ شاركت فى كتابة مسلسلى «قانون المراغى» لخالد الصاوى وغادة عبد الرازق، و«موجة حارة» لإياد نصار، وكذلك قامت بكتابة فيلم «إحنا اتقابلنا قبل كده» الذى قامت ببطولته نيللى كريم وآسر ياسين. تخرجت نادين شمس فى المعهد العالى للسينما، وكتبت قصة وسيناريو وحوار فيلم «إحنا اتقابلنا قبل كده» للمخرج هشام الشافعى، (إنتاج 2008)، وبطولة نيللى كريم وراندا البحيرى وحسن حسنى، وشاركت شمس فى كتابة عدد من الأعمال التليفزيونية، أبرزها مسلسل «موجة حارة» للمخرج محمد ياسين عن قصة أسامة أنور عكاشة «منخفض الهند الموسمى»، والمعروض فى رمضان 2013، كما شاركت فى كتابة مسلسل «قانون المراغى» (إنتاج 2009)، للمخرج أحمد عبد الحميد، وبطولة خالد الصاوى وغادة عبد الرازق، كما كانت المنتج الفنى للفيلم الوثائقى «ثائر يحلم بوطن.. مينا دانيال»، من إخراج محمد العبد فى 2012. وفى عام 2009 تم اختيار قصتها القصيرة «الداخل.. الخارج» ضمن مجلد «من عيون القصة المصرية» الذى أصدره المجلس الأعلى للثقافة متضمنًا مختارات القصة المصرية عبر الأجيال. واستقبل السينمائيون هذا الخبر ببالغ الأسى من خلال تغريداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، منهم آسر ياسين، والمخرج أمير رمسيس، وأحمد عاطف، وأحمد عبد الله الذى طالب بأن تكون وفاة نادين سببًا فى تحسين ظروف وأوضاع القطاع الطبى «المهمل» فى مصر.