فى صغرنا كنا نسمع أن الجيش المصرى على الجبهة. نعرف أن الجبهة بالتأكيد هى جبهة الحدود مع إسرائيل. الآن تحولت الجبهة إلى شارع قصر العينى. كنا نقرأ كثيرا جملة «ممنوع الاقتراب أو التصوير»، على أبواب المناطق العسكرية المنتشرة فى مناطق كوبرى القبة ومصر الجديدة ومدينة نصر. فبتنا نسمعها الآن فى شارعى الشيخ ريحان ومحمد محمود، المؤديين إلى ميدان التحرير. لم يكن التسلل خلف خطوط «الجيش والشرطة» سهلا. القوات التى تمركزت هناك سمحت لمراسلى الصحف، ومنها جريدة «التحرير»، بالدخول إلى شارع محمد محمود، بعد ادعائهم أنهم من سكان المنطقة، ويريدون الوصول إلى منازلهم، وأنهم يكرهون الثورة وأعمال البلطجة والعنف، فاستراح الجنود، ووافقوا على مرورهم. وعندما عبر المراسلون، وجدوا مئات الجنود والضباط، من أصحاب الرتب الصغيرة والكبيرة والمدرعات والسيارات المصفحة، التابعة للأمن المركزى، وكأنها حرب حقيقية، هم كانوا يستعدون للهجوم فى أى لحظة، ولم يكن يفرق بينهم وبين الشباب على الجانب الآخر، سوى بركة من المياه. تجول المراسلون بحذر شديد، إلى أن طالبهم أحد الجنود بالابتعاد عن المنطقة، خصوصا بعد اقترابهم من وزارة الداخلية، ثم طالبهم أحد الجنود بالابتعاد عن هذه المنطقة، وأصر على ذلك، ولم يستمع إلى «الحيلة» التى عبروا من خلالها إلى المناطق التى اعتبرها الجيش والشرطة «حساسة». مراسلو «التحرير» توجهوا بعد ذلك إلى شارع قصر العينى، من ناحية المستشفى «الفرنساوى»، وحاولوا مشاهدة ما هو خلف الحواجز الأسمنتية، إلا أنهم فوجئوا بسلك شائك فى الثلث الأخير من الشارع، يحول بينهم وبين المنطقة «الحساسة»، ورفضت القوات المتمركزة هناك مرورهم.