أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    وزير الاقتصاد الألماني يدعو إلى عقد قمة للسيارات    هجمات روسية بالمسيرات تستهدف محطات الطاقة الفرعية بأنحاء متفرقة في أوكرانيا    ترامب: ينبغي أن تهزم كمالا هاريس لأن فوزها سيضر بإسرائيل    حلمي طولان يكشف كواليس فشل تدريب الإسماعيلي    مصدر أمني: قنوات جماعة الإخوان الإرهابية تواصل تضليل المواطنين    الأمن يكشف تفاصيل واقعة اتهام شيخ الطريقة التيجانية بالتحرش    عاجل - قبل بدء الدراسة بساعات.. أبرز ملامح العام الدراسي الجديد 2025 وقرارات وزارة التعليم    مواعيد قطارات الصعيد 2024.. تفاصيل محدثة لخطوط السكة الحديد "القاهرة - أسوان"    ضبط الشيخ صلاح التيجاني على خلفية واقعة التحرش    عيار 21 يرتفع الآن لأعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الزيادة الكبيرة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    أفضل أدعية الفجر يوم الجمعة.. فضل الدعاء وعبارات مُستجابة    عبد الباسط حمودة: أبويا كان مداح وكنت باخد ربع جنيه في الفرح (فيديو)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    48 ساعة قاسية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة (ذروة ارتفاع درجات الحرارة)    صلاح سليمان: المرحلة الحالية مرحلة تكاتف للتركيز على مباراة السوبر الأفريقي    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    صفارات الإنذار تدوي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    تراجع العدو عن هجوم متزامن مع تفجيرات البيجر .. ماذا يرجح المحللون للمشهد الحدودي بلبنان؟    شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    بسبب كشك، مسجل خطر يقتحم حي الدقي ورئيسه يحرر محضرا    القبض على سائق «توك توك» دهس طالبًا بكورنيش المعصرة    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    ملف مصراوي.. جائزة جديدة لصلاح.. عودة فتوح.. تطورات حالة المولد    رسميًا.. إعادة تشكيل مجلسي إدارة بنكي الأهلي ومصر لمدة 3 سنوات    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    بعد فيديو خالد تاج الدين.. عمرو مصطفى: مسامح الكل وهبدأ صفحة جديدة    عبد الباسط حمودة عن بداياته: «عبد المطلب» اشترالي هدوم.. و«عدوية» جرّأني على الغناء    «ابنك متقبل إنك ترقصي؟» ..دينا ترد بإجابة مفاجئة على معجبيها (فيديو)    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    عاجل| إسرائيل تواصل الضربات لتفكيك البنية التحتية والقدرات العسكرية ل حزب الله    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    النيابة تصرح بدفن جثة ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    محافظ القليوبية: لا يوجد طريق واحد يربط المحافظة داخليا    التفجير بواسطة رسائل إلكترونية.. تحقيقات أولية: أجهزة الاتصالات فُخخت خارج لبنان    نقيب الأشراف: قراءة سيرة النبي وتطبيقها عمليا أصبح ضرورة في ظل ما نعيشه    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    وكيل صحة قنا يوجه بتوفير كل أوجه الدعم لمرضى الغسيل الكلوي في المستشفى العام    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يعتبر تزوير الانتخابات من الكبائر؟!

خلال الأشهر المقبلة، سوف تشهد مصر انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية، لقد حاول النظام المصرى فى السابق أن يستعمل القضاة فى التغطية على تزوير الانتخابات لكن القضاة الشرفاء رفضوا أن يخونوا مبادئهم وكانت رسالتهم واضحة: إما أن يشرفوا على الانتخابات بطريقة جدية محترمة وإما أن ينسحبوا ويتركوا النظام ليبوء وحده بعار التزوير.
هذه المرة قرر النظام من البداية إلغاء الإشراف القضائى وأعلن رفضه لأية مراقبة دولية على الانتخابات.
كل ذلك يؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون مزورة. منذ الآن، يعرف المصريون جيدا أن أعضاء الحزب الحاكم سيفوزون بأغلبية مقاعد البرلمان وأن الانتخابات الرئاسية ستكون مهزلة يتمكن من خلالها الرئيس مبارك من الاحتفاظ بالسلطة أو توريثها لنجله جمال. السؤال هنا: من المسئول عن تزوير الانتخابات؟
وزارة الداخلية هى الجهة المشرفة على إجراء الانتخابات وهى بالتالى المسئولة عن تزويرها، إلا أن وزير الداخلية فى الحقيقة ليس أكثر من منفذ للتعليمات أما من يتخذ قرار التزوير فهو رئيس الجمهورية نفسه.
وهكذا ينتقل قرار التزوير من الرئيس إلى وزير الداخلية ثم يقوم بتنفيذه آلاف الضباط والجنود والموظفين فى كل محافظات مصر. هؤلاء المزورون هم الذين يمنعون الناس من الإدلاء بأصواتهم ويستعينون بالبلطجية لضرب الناخبين الذين لا ينتمون للحزب الحاكم وهم الذين يقومون بملء البطاقات الانتخابية وتقفيل صناديق الاقتراع ثم يعلنون بأنفسهم النتائج المزورة.
هؤلاء المزورون، مثل معظم المصريين الآن، يحرصون على أداء الصلاة وصيام رمضان وأداء الزكاة والحج والعمرة ويطلبون من زوجاتهم وبناتهم ارتداء الحجاب لكنهم مع حرصهم على تنفيذ أوامر الدين يشتركون فى تزوير الانتخابات فلا يحسون أبدا بأنهم يرتكبون معصية دينية ولا يؤرقهم الإحساس بالذنب وهم غالبا ما يعتبرون أنفسهم فى حالة تنفيذ لتعليمات الرؤساء لا أكثر ولا أقل، كما أنهم يعتبرون مسألة الانتخابات برمتها بعيدة عن الدين. لو تخيلنا أن رئيس الجمهورية، بدلا من أن يأمر بتزوير الانتخابات، قد أصدر تعليماته للضباط والموظفين بأن يشربوا الخمر أو يفطروا فى رمضان لثاروا عليه قطعا ورفضوا تنفيذ أوامره لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
لماذا يعتبر هؤلاء الموظفون تزوير الانتخابات مجرد تنفيذ للتعليمات بينما يعتبرون شرب الخمر أو الإفطار فى رمضان من أكبر المعاصى؟ الإجابة سوف تقودنا إلى المسافة الشاسعة بين حقيقة الإسلام والطريقة التى نفهمه بها.
اختر ما شئت من كتب الفقه فلن تجد أبدا كلمة واحدة عن تزوير الانتخابات لأنها كلها كتب قديمة كتبت فى عصور لم تعرف الانتخابات كما أن باب الاجتهاد مغلق منذ قرون وكل ما يفعله معظم الفقهاء الآن لا يتجاوز اجترار الآراء الفقهية التى قيلت منذ ألف عام، أضف إلى ذلك أن كثيرا من الفقهاء فى التاريخ الإسلامى تحالفوا مع الحكام المستبدين فكانوا يشرحون للناس أحكام الدين فى شتى مجالات الحياة لكنهم أغفلوا عمدا الحقوق السياسية للمسلمين بل إن بعضهم كان يلوى عنق الحقيقة ويفسر الدين بطريقة تستهدف تدعيم الحاكم المستبد وإعفاءه من المحاسبة.
فى مصر عشرات الشيوخ المشهورين الذين ينتمون إلى مدارس دينية مختلفة، بدءا من شيوخ الأزهر إلى شيوخ السلفيين وحتى الدعاة الجدد، هؤلاء يلقون كل يوم بمواعظهم على المصريين فى آلاف المساجد وعشرات القنوات الفضائية وهم يتطرقون إلى كل شىء فى حياة المسلم بدءا من الزواج والطلاق وحتى لبس الذهب والحرير وطريقة الاغتسال من الجنابة لكن أحدا منهم لا ينطق بحرف واحد عن تزوير الانتخابات. منذ أشهر تعرفت إلى داعية شاب شهير فوجدته شابا مهذبا واستأذننى فى حضور الندوة الأسبوعية التى أنظمها، رحبت به ولما جاء إلى الندوة وجد الحاضرين يتكلمون عن الديمقراطية وقانون الطوارئ ويؤكدون على حق المصريين فى اختيار من يحكمهم فلم يشترك فى النقاش بكلمة وظل صامتا ثم ذهب ولم يعد فلم أره بعد ذلك أبدا.
إن الدين عند هذا الداعية لا علاقة له بالعمل العام إطلاقا، الدين عنده يبدأ وينتهى عند احتشام المرأة وأداء الفرائض ومكارم الأخلاق. وبالتالى فهو لا يتحمس كثيرا لمناقشة الحقوق السياسية أو الحريات العامة كما أنه يدرك أن مناقشة هذه الموضوعات فى مصر لها ثمن باهظ وهو لا يحب أن يدفعه. عدت إلى كتب الدين لأفهم ما حكم الإسلام فى تزوير الانتخابات فوجدت أن الذنوب فى الدين تنقسم إلى كبائر وصغائر، الكبائر هى المعاصى الكبرى التى تستوجب عقاب الله فى الدنيا وفى الآخرة. وبرغم اختلاف الفقهاء حول الكبائر إلا أنهم اتفقوا جميعا على أن شهادة الزور من أكبر الكبائر حتى إن القرآن الكريم قد حذر بشدة من شهادة الزور فى أكثر من آية مثل «والذين لا يشهدون الزور» (سورة الفرقان من الآية 72) و«فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور» (سورة الحج من الآية 30).
شهادة الزور هى الكذب المتعمد فى الشهادة لإبطال الحق. عندما يقف إنسان أمام القاضى ويشهد بغير الحق فإنه يرتكب إثما عظيما لأنه يؤدى بشهادته الكاذبة إلى ضياع الحق على أصحابه ومنحه بالباطل إلى من لا يستحقه. لقد وصل بعض الفقهاء فى تحريم شهادة الزور لدرجة أنهم قرنوها بالشرك بالله بل انهم أكدوا أن شهادة الزور لا تمحوها التوبة ولا يمحوها أداء الحج إلا بعد أن يعيد شاهد الزور إلى الناس حقوقهم التى ضيعها بشهادته الكاذبة أو على الأقل يعترف أمامهم بجريمته ويطلب عفوهم. شهادة الزور التى يعتبرها الإسلام من أعظم الذنوب وأبشع الجرائم، تساوى فى حياتنا المعاصرة تزوير الانتخابات بلا زيادة ولا نقصان.
فالموظف الذى يشارك فى تزوير الانتخابات يشهد زورا على نتائج كاذبة ويمنع المرشح صاحب الحق من الحصول على المنصب الذى يستحقه بينما يعطى المنصب إلى شخص لا يستحقه، بل إن تزوير الانتخابات فى رأيى أسوأ بكثير من شهادة الزور، لأن شهادة الزور تؤدى إلى ضياع حق فرد أو أسرة، أما تزوير الانتخابات فإنه يؤدى إلى ضياع حقوق الأمة بأسرها. لو فهم المزورون فى وزارة الداخلية أنهم فى نظر الدين شهود زور لرفضوا قطعا أن يشاركوا فى التزوير لكنهم، مثل كثير من المصريين، يعتبرون الانتخابات والديمقراطية وتداول السلطة مسائل ثانوية لا علاقة لها بالدين. هذا الفهم القاصر للدين يجعلنا قابلين للاستبداد وأكثر إذعانا للظلم وهو ما يفسر انتشار الاستبداد فى البلدان الإسلامية أكثر من غيرها.
إن الشعوب تتقدم فى حالتين لا ثالث لهما: إما أن تفهم الدين بطريقة صحيحة باعتباره فى المقام الأول دفاعا عن القيم الإنسانية: الحق والعدل والحرية، وإما أن تنطلق من فكرة أخلاقية تجعل الضمير الإنسانى هو الحكم الذى يفرض معايير الشرف والأمانة. أما الشعوب التى تفهم الدين بعيدا عن القيم الإنسانية فإن قدراتها تتعطل ولابد أن تتخلف عن ركب الحضارة.
إن الفهم القاصر الذى يتجاهل روح الدين ويحيله إلى مجموعة من الإجراءات، يؤدى بالإنسان إلى تدين زائف شكلى ويعطل الإحساس بالضمير الطبيعى وقد يدفع المرء إلى ارتكاب أسوأ التصرفات وهو مطمئن إلى سلامة تدينه الذى يراه منحصرا فى أداء الفروض.
إن الوضع فى مصر قد وصل إلى الحضيض ولم يعد ممكنا السكوت عنه. ملايين المصريين يعيشون فى ظروف غير آدمية، فقر وبطالة ومرض وقمع وفساد غير مسبوق.
هؤلاء المظلومون من حقهم حياة إنسانية كريمة. إن التغيير الذى نطالب به سوف يأتى من قمة الهرم السياسى ومن قاعدته على السواء. واجبنا أن نضغط على النظام حتى يسمح بانتخابات سليمة لكننا فى نفس الوقت يجب أن نشرح للناس أن من يشترك فى تزوير الانتخابات يرتكب ذنبا عظيما وجريمة حقيرة فى حق بلاده.
عندما يعطى الرئيس أوامره بتزوير الانتخابات فلا يجد ضابط شرطة أو موظفا فى الداخلية يقبل أن يلوث شرفه ودينه بالاشتراك فى التزوير. عندئذ فقط سوف يبدأ المستقبل فى مصر.
الديمقراطية هى الحل

بقلم علاء الأسوانى - الشروق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.