تخفيضات 25%.. إقبال على شوادر «حياة كريمة» لبيع اللحوم بالإسماعيلية    رئيس «المصرية لصناعة الرخام»: أنشأنا 17 مجمعا صناعيا بتكلفة 10 مليارات جينه    كراسة شروط حجز شقق رشيد الجديدة.. 93 مترا وتقسيط حتى 7 سنوات    ارتفاع القيمة السوقية للبورصة 14 مليار جنيه ختام تداولات اليوم    الولايات المتحدة تدعم حلفاءها بالأسلحة والصواريخ بمليارات الدولارات    3 أزمات بين كولر وإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر    رئيس الوزراء يبحث مع أشرف صبحي مقترحات زيادة مساهمة الرياضة في الناتج المحلي    العظمى تسجل 32 وأمطار خفيفة.. درجات الحرارة وحالة الطقس غدًا الثلاثاء على أغلب أنحاء الجمهورية    غدًا انطلاق فعاليات الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    محافظ المنوفية يفتتح المركز التكنولوجي ل«التموين» في شبين الكوم    أعداد الشهداء في ارتفاع مستمر بقطاع غزة.. فيديو    إنطلاق فعاليات مبادرة «بداية» للأنشطة الطلابية بكليات جامعة الزقازيق    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    إنبي يُطالب الزمالك ب 150 ألف دولار بعد تحقيق لقب السوبر الإفريقي    وكيل شعبة الكهرباء يحذر: 5 أجهزة في بيتك الأكثر استهلاكا    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    الدعم النقدي.. موقف الحوار الوطني النهائي وأول تعليق من النواب (خاص)    «زوج يساوم زوجته» في أغرب دعوي خلع ترويها طبيبة أمام محكمة الأسرة (تفاصيل)    وزير التعليم يتابع انتظام الدراسة خلال جولة ب6 مدارس بحدائق القبة    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    "بداية جديدة لبناء الإنسان".. قصور الثقافة بشمال سيناء تُطلق عدة فعاليات    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    وزير المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح الاقتصادي    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطار حلوان .. قصة طويلة بدأت عام 1873(3-4)
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 08 - 2011

بحلول عام 1915، استلمت مصلحة السكك الحديدية المصرية خط حلوان بصفة نهائية من شركة سكك حديد الدلتا بعد دفع المبلغ المتفق عليه. واستمرت الحكومة في تحسين حالة الخط ومحطاته وصرفت حتي عام 1925 حوالي 35 ألف جنيه، وساهم إنفاق تلك الأموال في تحسين الخدمة بالخط. في الوقت ذاته قامت الحكومة بإنشاء المزيد من المخازن الفرعية لخدمة الشركات والمؤسسات ومنها مخزن الحربية بالمعادي وامتداد لمخزن شركة الأسمنت بالمعصرة ومخزن شركة الأسمنت بكفر العلو ومخازن شركة الأسمنت بمحطة التحويلة بطرة ومخزن شركة مصبغة بنك مصر علي خط كفر العلو ومخزن شركة سيجورات بالمعصره ومخازن الطيران البريطاني بحلوان. أضافت الحكومة أيضاً بعض المواقف علي الخط عند كوتسيكا وشركة الأسمنت بتحويلة النيل بطره كما أنشأت كباري علوية لعبور المشاة بين الأرصفة كما تم تعديل محطة المعادي وأضيف لها رصيف للبضائع في عام 1931 علاوة علي إضافة العلامات الإرشادية علي طول الخط. قامت الكومة أيضاً بإلغاء محطة الساحل القبلي وأزالت مخزن السباخ في تلك المنطقة وسلمت أرضه لأملاك الميري وخصم ثمنه من رأس مال الشركة. ولأن خط حلوان يمر بمنطقة صحراوية، عمدت مصلحة السكك الحديدية إلي إنشاء مجاري لتصريف مياه السيول من الجبال الشرقية إلي الجهة الغربية أسفل الخط كيلا تجرفه السيول.
في تلك الفترة، كانت الجهة الغربية في المنطقة المحصورة بين محطة تحويلة النيل بطره الأسمنت والمعصره قد تم تقسيمها للبناء عليها وبدأ الناس بالفعل في البناء فصار لزاماً علي مصلحة السكك الحديديه أن توجد ممراً جامعاً للسيل وتوصله بترعة الخشاب الموجودة غرب خط حلوان حتي لا يضر السيل بمباني الأهالي. وفي عام 1937، رأت المصلحة أن يتم قطع الاتصال بين خط عين الصيرة وخط حلوان بمنطقة السيدة زينب وصارت نهاية خط عين الصيرة عند منطقة السلخانة.
وفي عام 1933، تم إنشاء كوبري علوي لمرور القطار دفعت تكلفته مصلحة السجون عند خط محاجر طره الذي كان يقطع خط حلوان عند منطقة طره. وربما كانت التحسينات التي أدخلت علي الخط خلال تلك الفترة من أفضل ما شهده منذ إنشائه.
في واقع الأمر ساهم هذا الخط في تطور المنطقة، فكما ذكرنا ساهم الخط في إنشاء ضاحية المعادي كما ساعد علي زيادة عدد سكان حلوان وعلي إنشاء ضاحية المعصرة. وأسهم هذا الخط أيضاً في تطور الصناعة بالمنطقة، ففي عام 1900 تم إنشاء شركة الأسمنت بالمعصره وبعدها في طره وكفر العلو بينما اقتصر النشاط الصناعي قبل ذلك علي جباسة عنان. في نفس الوقت، أنتشرت بتلك المنطقة بعد مد الخط صناعات قطع الأحجار والبلاط بالمعصرة وطره وحلوان حيث كانت تنقل تلك المنتجات إلي مختلف أنحاء مصر من خلال طره إلي محطة الميدان أو إلي محطة مصر عن طريق العباسية ومن محطة مصر إلي باقي أنحاء البلاد.
في تلك الفترة، كانت مصلحة السكك الحديدية تحصل مبلغاً قدره 184797 جنيهاً في العام علي البضائع الصادرة علاوة علي 66082 جنيها هي إيرادات تذاكر واشتراكات الركاب خلال عام 1940. ولو كانت الحكومة قسمت أراضيها الواقعة بين محطتي مار جرجس والمدابغ وبين طره وحلوان وعرضتها علي الجمهور بأسعار مناسبة مثلما فعلت مع أراضيها الواقعة علي خط المطرية، لتغير شكل المنطقة خلال تلك الفترة. الطريف أن الأرقام تشير إلي أنه حتي عام 1940 لم يكن هناك في المسافة بين محطة المدابغ وحلوان سوي 3 ضواحي فقط وهي المعادي التي لم يتجاوز عدد سكانها حينذاك 9122 نسمة وطره التي وصل سكانها إلي 12857 نسمة والمعصرة وعدد سكانها 5158 نسمة أما حلوان فكانت تتمتع بالكثافة السكانية العالية التي بلغت 14365 نسمة.
وتجدر الإشارة إلي أنه حتي تلك الفترة، كان طريق طره العباسية باب الحديد وطره المواصله الميدان كان يستخدم لنقل البضائع في أوقات السلم ونقل الجيوش في حالة الحرب وهو اليوم الخط الحربي المهجور. أما خط حلوان فكان يستخدم لنقل البضائع في المنطقة من طره وحتي المدابغ. حتي عام 1945 كان طول خط باب اللوق حلوان حوالي 25 كيلومتر وكان الخط بالكامل مزدوجاً وتقع عليه 10 محطات أساسية وثلاث محطات ثانوية وكانت المسافة بين المحطة والاخري تتراوح بين 712 متر إلي 7،33 كيلومتر. وكان للخط سبع مزلقانات داخل المدينة في الجزء الواقع بين باب اللوق وفم الخليج و9 مزلقانات علي باقي الخط. كان الخط يمر علي حوالي 4 أنفاق أرضية و7 كباري. وبلغ الفرق في المنسوب بين حلوان وباب اللوق حوالي 38 متراً أي أن نسبة الميل بلغت نحو 1 : 653. حتي منتصف الأربعينيات كان خط حلوان هو خط المواصلات الرئيسي بين القاهرة وحلوان وما بينهما من ضواحي صغيرة. وكان يوجد طريق يسير موازياً تقريباً للخط الحديدي إلا أنه لطول المسافة وضيق الطريق وإحاطته بالأشجار العالية ولإقامته علي جسر مرتفع كثيراً عن الأراضي المجاورة له، لم يكن لهذا الطريق أهمية كبيرة كطريق سريع للسيارات.
في تلك الفترة، تدهورت مكانة حلوان كضاحية القاهرة الأولي وتجاوزت مكانتها الكثير من الضواحي الجديدة وعلي رأسها مصر الجديدة والمعادي التي بلغ عدد ركابها بالنسبة لخط باب اللوق ضعف ركاب حلوان. جاء ذلك بسبب قرب المعادي نسبياً من القاهرة حيث لا تتجاوز المسافة بين المعادي ووسط المدينة 10 كيلومترات كما أسهم في شهرة تلك الضاحية الجهود التي بذلتها شركة المعادي في تجميل المدينة وتوفير وسائل الترفيه فيها.
خلال تلك الفترة زاد الحديث عن كهربة خط حلوان وكان الحديث عن هذا المشروع قد بدأ قبل ذلك بقترة ولكنه لم يحدث سوي في عام 1956.
بدأت دراسات كهربة الخط أي جعله يعتمد علي الطاقة الكهربية لتسيير القطارات بدلاً من الفحم أو الديزل علي يد السير فيليب داوسون في عشرينيات القرن الماضي حيث بدأ إجراءات لتنفيذ مشروع كهربة الخط بتكاليف قدرت بحوالي 300 ألف جنيه مصري. وتم إجراء مناقصة علي أساس مواصفات داوسون وكان هو الخبير الذي اختارته الحكومة المصرية لهذا الغرض. كان لهذا المشروع مواصفات خاصة منها استخدام قطارات ثقيلة ذات سرعات عالية واستخدام تيار مستمر بضغط قدره 1500 فولت للأسلاك الهوائية ووضع كل محركين معاً لكي يكون الضغط العالي علي كل محرك 750 فولت فقط. وكانت خطوة ذكية أمكن لداوسن من خلالها التوفيق بين الضغط العالي للأسلاك الهوائية والجهد المناسب للمحركات كي تكون النفقات أقل ما يمكن. واختار داوسون محولات للتيار المتغير ذي الضغط العالي إلي التيار المستمر والتي تعرف بإسم "المحولات الدائرة".
اقترح داوسون إقامة محطتين كهربيتين فرعيتين الأولي عند محطة مار جرجس والثانية عند محطة المعصرة. وبالفعل تقدمت بعض الشركات بعطاءات بناءاً علي تلك المواصفات ولكن اللجنة التي كلفت بفحص المشروع واتخاذ قرار بشأنه لم توافق عليه وكانت أهم أسباب الرفض هي عدم بين مقدار الأرباح التي تعود علي خزينة الدولة مقابل صرف 300 ألف جنيه لكهربة الخط علماً بأن مناقشات المؤيدين للمشروع كانت قائمة علي أساس زيادة الإيراد لانتشار العمران في هذه المنطقة قياساً علي ما حدث في أحوال مشابهة بمصر ودول أخري والنفع الكبير الذي ينتج عن ارتفاع أثمان الأراضي الواقعة علي جانبي الخط. وعملاً بما أشار إليه الخبير الفني من أنه كلما تعددت نواحي الانتفاع بالكهرباء في منطقة واحدة وكثرت المشروعات التي تستعملها كمصدر للطاقة كانت الفائدة أكبر والنفع أعم، رأي البعض ضرورة إعادة بحث المشروع ودراسة ما يتصل به.
في عام 1934 ظهر مشروع لنائب برلماني يدعي حسين بك سعيد وضعه أثناء عمله كمدير لسكك حديد الرمل الكهربائية بالإسكندرية (ترام الرمل) لكهربة خط حلوان.
اتفق مشروع حسين بك سعيد مع مشروع السير داوسون في نوع التيار الكهربي وجهده ولكنه اختلف في نوعية القطارات حيث رأي أن تكون قطارات ذات حجم أصغر ووزن أخف. ورأي النائب أنه يمكن التضحية بجزء من سرعة القطارات الكهربية في مقابل توفير جزء كبير من نفقات كهربة الخط نتيجة خفة وزن القطارات. ورأي أيضاً أن تصنع عربات هذا الخط وشاسيهات تلك العربات في ورش سكك حديد الرمل الكهربائية بالاسكندرية لما لها من خبرة في تلك الأعمال. وقدر حسين بك سعيد تكاليف هذا المشروع بنحو 160 ألف جنيه بأسعار تلك الفترة يتم إنفاق أكثر من نصفها في مصر أي أنه استطاع خفض تكاليف كهربة خط حلوان إلي النصف. ولم توافق الحكومة علي المشروع والسبب هو العربات الصغيرة التي أصر عليها النائب.
وفي نفس العام، استعان وزير المواصلات بخبير إنجليزي وهو السير فيلكس بول لدراسة الأمر وخلص إلي أهمية كهربة خطوط الضواحي بما فيها خط ثالث وهو خط القاهرة - القناطر الخيرية. وفي 4 نوفمبر 1935 تم تشكيل لجنة من كبار موظفي المصلحة لإعادة فحص المشروع وبعدها في عام 1936، دعت مصلحة السكك الحديديه خبير بريطاني يدعي المستر كيب ليفحص مقترح كهربة خط حلوان، وخلص الرجل إلي كتابة تقرير عرض علي مسئولي الهيئة وجاء فيه أن حركة النقل علي خط حلوان خلال تل الفترة لا تبرر سواء في وقت كتابة التقرير أو في المستقبل القريب ما تستدعيه كهربة الخط من نفقات. وأضاف أنه إذا لم يصحب مشروع الكهربة مشروع اتصال خطي حلوان والمطرية بطريق حديدي أرضي، فلن يكون مشروع الكهربة مفيداً من الناحية المالية. وأضاف أن فكرة الحل الوسط بين الوضع الراهن ومشروع الكهربة بإدخال وسائل نقل أخري مثل مركبات الترام لا تجدي. وأضاف أن كهربة الخط لا بد أن تبدأ من خط المطرية حيث يمتد الخط مخترقاً العاصمة إلي باب اللوق. واقترح بصفة مبدئية لتحسين خط حلوان أن يتم ازدواجه بين باب اللوق والسيدة زينب ومده تحت الأرض، علي أن يعتبر هذا جزء من مشروع كهربة الخط في المستقبل وإلا فأن المشروع يصبح غير ذي جدوي. وأضاف مأمور الحركة في السكك الحديدية المصرية أن فكرة إنشاء محطة تحت الأرض في باب اللوق لا تستحق الإنفاق عليها إذا لم يكن الغرض منها كهربة الخط، فإذا ما تمت كهربة الخط يمكن أن يسير تحت الأرض أما إذا كانت القطارات لا تسير بالكهرباء فلا بد في تلك الحالة أن تسير أعلي الأرض لتصاعد الدخان. وختم مستر كيب تقريره باقتراح أن تكون نهاية خط حلوان عند محطة السيدة زينب كمحاولة لتحسين الأداء علي الخط مع رفع القضبان من شارع منصور بين السيدة زينب وباب اللوق واستخدام الشارع كطريق للسيارات.
قامت المصلحة بعد ذلك باتخاذ قرار بتشغيل قطارات تعمل بالديزل بدلاً من البخار علي خط حلوان في عام 1936. يقضي بتسيير قطارات ديزل سريعة بين حلوان والسيدة زينب وبسرعة بطيئة توزاي سرعة الترام بين السدة زينب وباب اللوق. وبالفعل اشترت 10 قطارات كل منها مكون من عربتين. وكان المسئولون يعتقدون أن هذ العدد يكفي علي اساس أن يعمل علي الخط 7 قطارات بينما يبقي قطارين في العمرة والإصلاح ويتم الاحتفاظ بالقطار الباقي كقطار احتياطي. تم تقدير نفقات مشروع القطارات الديزل بحوالي 100 ألف جنيه مقابل 160 ألف جنيه وفقاً لمشروع كهربة الخط الذي وضعه حسين بك سعيد. كما قدرت النفقات المبدئية لاستهلاك الديزل سنوياً بحوالي 4 ألاف جنيه. الغريب أنه تم شراء وحدات الديزل في عام 1936 بتكاليف 156 ألف جنيه كما أن قيمة استهلاك الديزل التي قدرت في البداية تبين أنها لم تكن سوي جزء بسيط من تكاليف صيانة قطارات الديزل. ورغم أن السرعة التي سارت بها مركبات الديزل قد قللت من زمن الرحلة وأصبحت مريحة للركاب فضلاً علي أنه لم يكن لها دخان أو صوت يزعج سكان الأحياء التي تمر بها القطارات، غير أن تلك المركبات لم تحقق الهدف الذي تم شرائها من أجله إذ تبين بعد شتغيلها بسنوات قليلة أن أكثر من نصف عددها يحتاج دائماً إلي الإصلاح بحيث لا يمكن للعدد الباقي منها القيام بالخدمة المطلوبة خصوصاً مع تضاعف عدد الركاب في تلك الفترة الأمر الذي أجبر مصلحة السكك الحديدية علي إكمال العدد اللازم من القطارات بإضافة عربات بخارية وقطارات بخارية عادية. وكان السبب في كثرة أعطال قطارات الديزل هو تكرار وقوفها وتحركها في المحطات خلال فترات قصيرة الأمر الذي تسبب في استهلاك أجزاء محركات تلك القطارات بشكل كبير لم يمكن لها احتماله. وتسبب ذلك في زيادة مصروفات صيانتها وكانت تلك المركبات في واقع الأمر أصلح للاستخدام علي الخطوط الطويلة. ولتشغيل الخط بقطارات ديزل فقط، أشارت التقديرات إلي أن الأمر يحتاج لشراء 8 قطارات أخري بقيمة 130 ألف جنيه الأمر الذي رفع التكلفة الإجمالية لقطارات الديزل إلي 286 ألف جنيه مقابل مشروع حسين بك سعيد الذي قدمه للمصلحة في عام 1934.
في تلك الفترة، دفع اللتفكير في كهربة الخط ببعض المهندسين إلي التفكير في وصل خطي حلوان والمرج. ربما تلك هي المفاجأة، فهذا الخط الذي يعتبره البعض إنجاز من إنجازات مبارك بدأ التفكير فيه ووضع الدراسات لتطبيقة منذ عهد الملك فاروق وتحديداً في أوائل أربعينيات القرن الماضي.
في الواقع لا يمكن الحديث عن خط حلوان دون التطرق إلي خط المرج. فهذا الخط يبلغ طوله 14 كيلومتراً وهو خط كان في تلك الفترة مزدوجاً حتي محطة عين شمس التي تقع علي مسافة 11 كم من القاهرة وبعدها يسير الخط منفرداً حتي المرج. لاحظ المخططون خلال تلك الفترة أن العمران علي خط حلوان يتركز في نهايات الخط بينما يزيد العمران بالقرب من بداية خط المرج ويقل تدريجياً كلما وصل الخط إلي نهايته. ولاحظوا أيضاً أن عدد الركاب السنوي علي خط المرج أكبر منه علي خط حلوان، علاوة عل أن الكثافة الكيلومترية المنقولة يومياً علي خط المرج أكبر منها في حالة خط حلوان. ولهذا اتجهت الأراء إلي أهمية كهربة خط المرج بدلاً من خط حلوان أضف إلي ذلك أن متوسط المسافة بين المحطات علي خط المرج أصغر منها علي خط حلوان فهي علي خط المرج تبلغ حوالي 1270 متراً بينما تصل إلي 2800 متر علي خط حلوان. وربما كان العيب المشترك بين الخطين حينذاك أن كلاهما ينتهي عند أطراف المدينة، فخط حلوان ينتهي بالقرب من جنوب المدينة ويبعد عن المراكز الهامة فيها بينما ينتهي خط المرج عند شمال المدينة، الأمر الذي كان يجبر ركاب الخطين علي الاستعانة بمواصلات إضافية للانتقال بين مراكز أعمالهم.
اعتمدت تلك الدراسات علي إحصائيات رسمية عن أعداد الركاب علي كلا الخطين ومتوسط الكثافة الكيلومترية اليومية. فوجدنا بالنسبة لخط حلوان أن عدد الركاب عام 1937 بلغ 6،7 مليون انخفضت في عام 1938 إلي 6،2 مليون راكب وزادت في العام التالي إلي 7،1 مليون راكب ثم قفزت في عام 1940 إلي 8،3 مليون راكب. عدد الركاب اليومي علي خط حلوان بلغ 18350 عام 1937 وصل إلي 17 ألفاً في العام التالي وزاد في عام 1939 إلي 19450 راكب وقفز إلي 22750 راكب في العام التالي. أما متوسط الكثافة الكيلومترية علي هذا الخط يومياً فبلغت 734 راكب في عام 1937 وانخفضت إلي 680 في العام التالي ثم صعدت إلي 780 في عام 1939 وقفزت إلي 910 في عام 1940.
أما بالنسبة لخط المرج فإن عدد الركاب بلغ عام 1937 حوالي 11 مليون راكب ولم يتغير الرقم في العام التالي ولكنه زاد في عام 1939 إلي 12 مليون راكب وانخفض في عام 1940 إلي 9،6 مليون راكب. وعلي هذا الخط بلغ عدد الركاب اليومي في اليوم الواحد حوالي 29650 راكب عام 1937 زادت إلي 30200 راكب عام 1938 وواصلت الزيادة في العام التالي إلي 30700 راكب يومياً ولكنها انخفضت في عام 1940 إلي 27100 راكب. وبالنسبة لمتوسط الكثافة الكيلومترية فقد بلغت 2120 راكب في عام 1937 ووصلت إلي 2160 في العام التالي وزادت بشكل طفيف لتبلغ 2190 في عام 1939 ثم انخفضت إلي 1935 في عام 1940.
من تلك الأرقام يتأكد أن خط المرج كان بالنسبة لمصلحة السكك الحديدية أهم من خط حلوان. ولكن وجدت المصلحة أن التفكير في توصيل الخطين ببعضهما البعض سيسهم في توفير خدمات أفضل وسيزيد من عائداتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.