قال الدكتور علاء الأسوانى، الكاتب الروائى، إن الملايين التى تحتفل الآن بفوز المشير عبد الفتاح السيسى، برئاسة الجمهورية، هم نفس الذين كانوا يحتفلون فى الشوارع قبل ثلاث سنوات، بسقوط الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وهم الذين رحبوا بفوز الرئيس السابق محمد مرسى فى 2012 ثم تظاهروا ضده وخلعوه فى 2013. وأضاف في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز ، الاثنين، إن المصريين وجدوا أنفسهم، بعد قرابة ثلاث سنوات من الثورة، يعيشون ظروفا أسوأ من تلك التى ثاروا ضدها، حيث الفراغ الأمنى والفقر والركود الاقتصادى وعلاوة عليه، مهددين بالفوضى، لذا كان ظهور شخص مثل السيسى بالنسبة لهم بمثابة البطل الذى يتطلعون إليه لإنقاذهم من آلامهم. وأشار إلى أنه خلال لقاء عام، مؤخرا، هتفت سيدة موجهة حديثها للسيسى، قائلة: "لقد قٌتل ابنى فى الشارع على يد مسلحين، لقد فقدت ابنى وأطلب منك الأمن.. الأمن فقط". ويقول الأسوانى إن هذه السيدة تجسد الملايين من المصريين الذين يريدون استعادة النظام بأى ثمن، فإنهم لا يهتمون بعودة الدولة البوليسية أو لتقارير حقوق الإنسان التى تدين الاعتقالات التعسفية وتعذيب المعتقلين. وتضيف إن مؤيدى السيسى، الذين هم أغلبية، فقدوا الكثير من حماسهم لثورة 2011، ويعتبرونها سبب كل الأزمات اللاحقة، بالإضافة إلى أنهم تعرضوا إلى حملة دعائية شرسة من قبل القنوات التليفزيونية التى يملكها المقربون من نظام مبارك، التى صورت الاحتجاجات فى ميدان التحرير، باعتبارها مؤامرة أمريكية، وبالتالى وجد العديد من الثوار أنفسهم متهمين بالخيانة. ويمضى الأسوانى بالقول إن السيسى أمام ثلاثة تيارات رئيسية، أولهم الأثرياء الذين كونوا ثرواتهم فى عهد مبارك وينتظرون من الرئيس الجديد أن يكون مبارك ثان يساعدهم نظامه على تعزيز ثرواتهم ونفوذهم، وجماعة الإخوان المسلمين التى ترفض القبول بأن الشعب انتفض ضدها، وتصر على العيش فى أيديولوجيتها وأخيرا الثوريون معارضو السيسى الذين يرفضون الاستبداد حتى لو أعاد القانون والنظام. ويؤكد الأسوانى إن الثورات قد تواجه هزائم لكنها لا تموت لأنها تصنع تغييرا لا رجعة فيه فى النظرة والسلوك البشرى، فالمصريون استطاعوا هزيمة خوفهم وتعلموا كيف يحددون مصير بلادهم وقاموا بإسقاط رئيسين خلال أقل من 3 سنوات، لذا فإن التأييد الحالى للسيسى ليس مطلقًا بل مشروطًا بتحقيق ما يريده المصريون. يخلص الكاتب مقاله بالقول إن السيسى أمامه ثلاثة خيارات فإما أن يواصل سياسات مبارك عليه هنا المقامرة بقدرة تحمل المصريين، أو يشمل نوعا من الحكم الاستبدادى الثورى الوطنى، الذى كان سائدًا فى البلدان العربية خلال الخمسينيات والستينات، مع فرض نوع من المساواة فى حين يحرم الناس من حقوقها السياسية. ويختتم مقاله قائلا إن الطريق الثالث وهو الأكثر صعوبة، أن يستغل الرئيس الجديد شعبيته الكاسحة فى بذل جهد حقيقى للقضاء على الفساد وفرض الضرائب التصاعدية والحد من الفقر، وفى نفس الوقت يضمن الحريات الشخصية ويضع حدًا لعمليات الاعتقال والتعذيب مع احترام القانون والدستور، مضيفًا: قريبًا سوف نعرف اختيار السيسى.