أكدت دراسة أكاديمية حديثة تراجع دور المحكمة الدستورية العليا بعد أن تم اقحامها في قضايا سياسية تختلف عن طبيعتها القانونية، وذلك منذ نهاية التسعينيات وحتي الآن، وأوضحت الدراسة التي نوقشت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لنيل درجة الماجستير، أن الاستخدام السييء من قبل البعض لعبارة "في حدود القانون" الواردة في مواد الدستور المصري، يعتبر من أهم ما يعيب تنظيم الحقوق والحريات في مصر، حيث يتم استخدامها في صياغة تشريعات تحد من ممارسة الحقوق والحريات بفعالية. وقد حملت رسالة الماجستير عنوان: "دور المحكمة الدستورية العليا في إرساء مبادئ الحقوق والحريات السياسية في مصر"، وحصلت عنها الباحثة ماهيتاب مجدي المناوي علي درجة الماجستير بتقدير امتياز. وطالبت الدراسة بضرورة حماية الحقوق والحريات، ليس من خلال النص عليها في الدستور فحسب، ولكن أيضا بإيجاد آليات حقيقية لحمايتها، وذلك من خلال الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح، وهو الدور الذي تقوم به الدستورية دون غيرها من المحاكم. وحاولت الباحثة الإجابة عن عدة أسئلة تتعلق بالدور الذي تقوم به المحكمة الدستورية في النظام السياسي المصري، وإلي أي مدي نجحت الدستورية في ممارسة دورها في هذا النظام. وذكرت أن الفترة من منتصف الثمانينيات وحتي نهاية التسعينيات تعتبر من أنشط فترات عمل المحكمة الدستورية وتعتبر العصر الذهبي للدستورية العليا. وقد أشرف علي الرسالة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش والمستشار محمد ماهر أبو العينين والأساتذة جابر نصار وشادية فتحي. وانتقد درويش المادة الخامسة في الدستور، التي تجيز للرئيس أن يفعل ما يشاء بمن يشاء وفي أي وقت شفاهة، مؤكدا أن الاتجاهات القضائية معروفة بأشخاصها وأن القضاء يؤرخ له بقضاته. ومن جانبه أكد المستشار أبو العينين نائب رئيس مجلس الدولة - خلال المناقشة - أن التعديلات الدستورية الأخيرة خرجت علي فلسفة الدستور، مشيرا إلي أن المحكمة اسهمت في عدم تدعيم الأحزاب السياسية، وقال إنه لا مكان للمستقلين في الحياة السياسية وأن هناك 120 نائبا مستقلا في مجلس الشعب يستطيع رئيس المجلس بحسب اللوائح أن يفعل بهم ما يشاء. وأشاد د. جابر نصار أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، بالدراسة ووصفها بالخطيرة، مشيرا إلي أن دخول المحكمة الدستورية في أتون التفاعلات السياسية أحدث لها مشكلة، وأن الحكومة حاولت اختراق المحكمة الدستورية من خلال تغيير بعض المستشارين، مؤكدا أنه لولا النص الدستوري الذي يصون المحكمة لأكلتها الحكومة وانتهي الأمر!