لما كنا نعرف أن بعض موظفينا الأمناء علي تراثنا السينمائي، قد باعوا معظم ما وقع تحت أيديهم من أفلامنا المصرية بما يمثل تاريخنا السينمائي، بالكيلو وبالدولار للأشقاء العرب، وهي الأفلام التي يعرضونها ويجذبون بها مشاهديها من المصريين هواة الفرجة علي التاريخ! وقد ثارت بسببها قضية من باعوا ومن اشتروا! وثبتت صحة عملية البيع حيث بين «البائع والشاري يفتح الله»، فلم يجد الذين حققوا في الموضوع علي حائط الذين اشتروا أي غبار، ولم يثبت لأي مصري حتي الآن أن هناك من يوجه إليه أي اتهام، وهل كان البيع وراءه أي إدانة لمن باعوا ولمن اشتروا!، إذا بالأيام ومرورها علي المشاهد لقنوات العرب التليفزيونية التي اقتنت تراثنا السينمائي - بصرف النظر عن قيمته الفنية - تؤكد أن منتجي السينما المعاصرة في مصر أشد ما يكونوا حاجة لهذه الأفلام المباعة!، ذلك أنهم يعانون حالة فقر وإفلاس في الأفكار التي يمكنهم الاعتماد عليها في إنتاج أفلام جديدة! حتي أن بعض هؤلاء المنتجين استغلوا حاجة التليفزيون المصري إلي مسلسلات تليفزيونية تملأ شاشة قنواتنا في كل رمضان مبارك، فراحوا يستغلون هذه الأفلام - التي لم نعد نملكها - لطبخ مسلسلات من الأفلام القديمة علي المقاسات الجديدة للنجوم والشوارع والحواديت!، وقد ضبط المشاهد في رمضان الماضي هذه المسلسلات الهجين من الأفلام القديمة! ولم يجد «ترزية» هذه المسلسلات أي خجل في نسبها لأنفسهم تأليفا حتي لو احتفظوا بأسماء الأفلام التي سرقوا أحداثها وحواديتها بالنص وبمنتهي الأمانة، أو غيروا أسماءها فلا يجد المشاهد فيها أي جديد سوي الاسم!، وراح هؤلاء «النقلة» أو «السارقون» لا أدري كيف أسميهم!» يدعون أن هذه «الروائع القديمة» - مهما كانت تافهة - تستحق أن تخلد بإنتاجها مرة أخري وقد أجهدهم البحث عن أصولها عند الذين اشتروها لتتحول في أياديهم إلي «الطبخة» الجديدة! ولأن هؤلاء النقلة السارقين يعرفون أن معظم الأفلام القديمة لم يعد لها من صاحب غير الذين آلت إليهم بالشراء والحيازة الحالية!، فهم يقبضون أجورا عنها باعتبارهم مؤلفين بعد رحيل صناع هذه الأفلام الأصلية عن الحياة بالموت أو العجز عن «النضال» من أجل حقوقهم فيما صنعوا!، ولأن بعض النقلة قد تستيقظ ضمائرهم فجأة وهم ينقلون، فلم يجد أصحاب هذه الضمائر في نفوسهم أي تردد وهم يلوون ذراع الأحداث القديمة فيزورونها ويعملون التقتيل في أبطالها استعجالا لنهايتهم في المسلسل الجديد - الفيلم القديم- لتأتي الأحداث والوقائع مزورة بالكامل!، ولا يختلف عن هؤلاء النقلة مقام أي فيلم ينقلونه حتي لو كان من إبداعات الروايات الأدبية المحلية أو العالمية!، وهذه الأعمال المسروقة لا تجد للأسف الشديد من يدافع عنها أويصرخ من أجل حقوق صانعيها الأصليين!، أو تجد هذه الأعمال من ينصفها حتي بوصفها عبارة عن أعمال مزيفة!، بل يذهب حملة أقلام النقد إلي حد المقارنة بين الأصل والمسروق، بل هذا عندهم من أعمال استلهام تراثنا السينمائي القديم الذي يبحث عن الأصول والجذور ليضيف إليها إبداعه في التزوير!