الحكومة أعلنت مؤخرا عن إعادة البدء في العمل في مشروع توشكي ... ووزارة الموارد المائية تقول إنها أنهت عملها هناك والمشروع علي أهبة الاستعداد لاستقبال الرئيس مبارك لافتتاح أكبر وأضخم سحارة للري، والحقيقة أنا لا أعلم لماذا تهتم الحكومة بهذا المشروع المعجزة الذي وضع حجر الأساس له سنة1997 أي منذ 13 عاما وحتي الآن لم يؤت ثمرة تؤكل فنشرب عليها مياها تروي عطش السنين في الانتظار فمنذ هذا العام والكلام لم يهدأ عن هذا المشروع، الحكومة تتفاني في إقناع الناس في مصر بجدواه الاقتصادية غير المسبوقة والتي سوف تحل مشكلة الغذاء في مصر، وستكون الأمل في الزراعة العضوية ومضاعفة التصدير فيها، وألسنة المعارضة وأبحاث الخبراء، وأقلام أهل العلم والخبرة لا تهدأ ليل نهار أيضا في محاولة لإقناع النظام بوهم هذا المشروع، وإذا كان النظام يعتبر توشكي مشروعا قوميا، فالمعارضة تري أنه فعلا قوميا، ولكن لإهدار المال العام، المشروع ربما يكون قد تعرض لانتقادات لاذعة، ولكن المنطق يقول إن الدخان لا يتصاعد دون أن تسبقه نيران، ونيران توشكي تصاعدت وبكثافة يحسد عليها المشروع، وإذا كانت الأقلام التي بح صوتها علي صفحات الجرائد علي مدي 13 عاما ولم تهدأ حتي اليوم مازالت تصر علي أن هذا المشروع إهدار للمال العام فما هو المنطق الذي يكيل به النظام مثل هذه المشروعات؟ نحن لسنا ضد خطوات الحكومة، ولا ضد إقامة مجتمعات عمرانية جديدة، ولكننا ضد الوهم لم أنس تصريحات المهندس «حسب الله الكفراوي» وزير الإسكان الأسبق الذي قام بإجراء دراسة جدوي لمشروع استصلاح أراضي توشكي مرتين في عهد السادات، وأثبتت الدراسات عدم جدوي المشروع، بسبب وجود المياه علي بعد 250 متراً. وقد أبلغ «الكفراوي» الرئيس «مبارك» كتابياً، وأوضح له في خطاب تم تسليمه بمعرفة «د:أسامة الباز» المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية أنه تم عمل دراسة جدوي كان يعلمها جيداً وقت أن كان نائب رئيس الجمهورية، إلا أن المشروع تم تنفيذه. شرح «الكفراوي» في دراسته أن رفع المياه من العمق الموجودة فيه يحتاج إلي ألفي جنيه للفدان تكلفة كهرباء، بالإضافة إلي أدوات الرفع، وأشار إلي مشروعين يجب أن تهتم بهما الدولة أحدهما الطريق الدولي الذي يجب أن يقام كظهير صحراوي للوادي الجديد، وهو ما اقترحه «السادات»، وتمت الاستعانة ب«فاروق الباز» لمعرفة صور هذا الطريق في الأقمار الصناعية، ثم مشروع تعمير 400 ألف فدان في سيناء يمكن أن يستفيد منه 40 ألف شاب مصري، إلا أن مشروع تعمير سيناء يحتاج فقط إلي قرار سياسي. ولو علمنا أنه في عام 2008 اتخذت الحكومة إجراءات عملية لتصفية مشروع توشكي. فقد أصدر رئيس مصلحة الري تعليمات بإنهاء أعمال عدد من المهندسين والخبراء في الموعد السنوي لتجديد عقود العمل أو الانتداب، رغم أن الحكومة صرفت علي المشروع 12 مليار جنيه في ذلك الوقت. وتم تخفيض الدرجات الوظيفية للفنيين والمشرفين وتكليفهم بالعمل كعمال لإجبارهم علي ترك العمل وخفض مرتبات العاملين بالشركات والخدمات كخطوة أولي للتخلص منهم. كما امتنعت الحكومة والشركات عن توفير أي فرص عمل جديدة بدلاً ممن تركوا العمل بالمشروع بعد تخفيض مرتباتهم. بالإضافة إلي عدم إنشاء هيكل وظيفي للقائمين بتنفيذ المشروع ووضعهم علي درجات وظيفية وهمية من أكبر مسئول في المشروع إلي أصغر عامل، وذلك لتقليص الجهاز الإداري بالمشروع.