يفرح الموظف الكبير الظلوم الجهول بتفويضات صاحب السلطان له في اختصاصاته وبهذا يصبح الموظف الكبير وزيرا بدون وزارة!، أما الوزير الفعلي فقد تخلص من أعباء وزارته التي عليه أن ينهض بها وهي اختصاصات الوزير صاحب السلطة المختصة ليتركها لهذا الذي فوضه حيث إن سياسة الوزير تمقت الروتين وتكره التعقيدات. ويعشق اللامركزية ولا يدرس الظلوم الجهول الذي فرح باختصاصات الوزير وتفويضاته أنه قد «اندلق» في فخ!، إذ يوم تقع الواقعة أي كارثة بهولها أو خسائرها فلن يكون الوزير هو المسئول!، بل هو يملك أوراقه ومستنداته يذهب بها إلي جهات التحقيق ليثبت بها مع أقواله التي ينشدها متطوعا أنه قد فوض هذا الذي وقع في الفخ في جميع اختصاصاته بالقرار رقم كذا..، أما كل ما أدي إلي الكارثة فلا يعرف عنه شيئا بأي ورقة! ولماذا لم يتصرف المفوض ليصلح ما فسد وأدي إلي هذه الكارثة أو تلك! وهذا ما فعله وزير الثقافة فاروق حسني مؤخرا عندما ضاعت لوحة «فان جوخ» «زهرة الخشخاش»! أمام كفاح رئيس قطاع الفنون التشكيلية عندما أراد اثبات مسئولية الوزير عن ضياع اللوحة! وهذا ما فعله الوزير عند وقوع كارثة قصر ثقافة من سنوات، إذ احترق القصر فأصيب من أصيب ومات من مات! ولكن الوزير وقتها كان لديه القرار الذي فوض به رئيس هيئة الثقافة الجماهيرية الذي لم يكن يدري ما يخبئه له القدر في القصر المنكوب! عندما وافق علي قبول اختصاصات الوزير وتفويضاته فكانت عقوبته عشر سنوات سجنا! لكن قضاء النقض ألغي الحكم بتبرئة رئيس الهيئة الذي كان منتدبا من الجامعة! وهل تذكرون كارثة قطار الصعيد من سنوات! وكان وزير النقل قد فوض رئيس هيئة السكك الحديدية في اختصاصاته فلما احترق القطار ومات الآلاف استقال الوزير وظل رئيس الهيئة المفوض رهن التحقيقات والعقوبات المختلفة. وقد عرفت في قطاعات كثيرة في الدولة كيف يسعي كبار الموظفين للفوز باختصاصات الوزراء وتفويضاتهم! وليس هذا بهدف أن يعمل هؤلاء في وزاراتهم تخلصا من الروتين بانطلاقه أقوي! ولكن لأن هؤلاء يحبون اضافة إلي وجاهة مناصبهم وجاهة التوقيع بدلا من الوزراء! ويحب الوزير أن يتخلص من مسئوليات التوقيع علي كل ورقة! فهو يحب أن يدخر توقيعاته لما يراه يستحق، وليس هو بالمفرط في توقيعاته واختصاصاته لكل موظف كبير، بل هو يختار أكثر قطاعات وزارته متاعب وحاجة إلي عرض الأوراق، هنا يصدر القرار علي الفور بمنح رئيس هذا القطاع توقيعاته واختصاصاته، و«ذنبه علي جنبه» طبعا إذا وقعت في نطاق قطاعه كارثة من النوع الذي يمكن أن تتحول الي قضية رأي عام! هنا يظهر في قاع الفخ فخ التفويض والانابة في التوقيع والاختصاص هذا الذي «سعي إلي حتفه بظلفه» كما قالت العرب عن هذا الذي سعي ليكوش علي اختصاصات ليس له، ووجاهة هي للوزير وليست له! ولا يتذكر الوزير أبدا أن الذي فوضه في اختصاصاته قد «وشوشه» شفاهة عن قصور لابد من تداركه! الوزير لايتذكر فقط إلا ما جاءه في ورقة مكتوبة! حتي احترق المسرح من أركانه، ولم يزل بعد الممثلون علي رأي نزار قباني رحمه الله.