«رضينا بالهم والهم مش راضي بينا» مثل شعبي يجسد مأساة مئات الأسر من سكان مقابر باب النصر، الذين ارتضوا أن يشاركوا الأموات مأواهم ولم تتجاوز أحلامهم حدود الجدران الأربعة التي تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، ووجدوا في عشش فقيرة خلف سور المقابر ضالتهم فارتضوا بالعيش في سلام. ولكن للحكومة رأي آخر فبدلا من أن توفر لهم البديل قررت أن تزيلهم وتلقي بهم في الشارع لإرضاء طائفة البهرة التي تمتلك عددا من المحال التجارية في المناطق القريبة من المقابر، ولحاجتهم إلي فنادق وجراج للسيارات حسبما جاء في البلاغ الذي تقدم به المحامون نبيل غبريال وسعيد فايز وأسامة ميخائيل ضد وزيري الداخلية والتنمية المحلية ورئيس حي وسط ومحافظ القاهرة، وجاء في نص البلاغ الذي حمل رقم 2412 المقدم للنائب العام: «لمجرد أننا ولدنا كآدميين فأننا نمتلك بعض الحقوق أهمها أننا نعامل بما يحفظ لنا كرامتنا وإنسانيتنا وهذا ما نصت عليه المواثيق المختلفة لحقوق الإنسان ولكن ما يحدث معنا هو إهدار كامل لكل حقوقنا وكرامتنا فنحن نعامل كأموات ونسكن في عشش داخل حوش النصر داخل الترب ورضينا بحظنا من الدنيا ولكن هذا لم يرض الحكومة فقرر رئيس حي وسط القاهرة إزالة العشش التي تأوينا من حر الصيف وسقيع الشتاء دون الحصول علي تعويضات أو شقق وذلك لإقامة موقف أتوبيسات وفنادق خاصة للسياح الباكستانيين والمعروفين باسم طائفة البهرة الشيعية والتي تملك محالا تجارية وفنادق خاصة بهم في منطقة الجمالية وباب النصر والموسكي والدرب الأحمر. ولم يقف الوضع عند هذا الحد بل تم تحرير محاضر شغب لنا جميعا وتم إجبارنا علي التوقيع عليها بتهمة أعمال شغب ضد السياح الباكستانيين وأصر رئيس الحي علي إزالة العشش التي نعيش فيها وأن نطرد بلا مأوي». وأضاف مقدموا البلاغ: «اصبحنا أمواتا بكل ما تعنيه الكلمة من معني لا يتذكروننا إلا وقت الانتخابات فقط حينها نكون أحياء ندلي بأصواتنا في الانتخابات ونعود أمواتا من جديد، وما حدث معنا هو استغلال كامل لضعفنا وقصر إيدينا، فقد حدث معنا في اليوم الذي جاءت فيه السيدة سوزان مبارك لافتتاح بيت السحيمي أن قامت قوات الداخلية بعمل كردون بالفراشة من الساعة 7 صباحا إلي الساعة 8 مساء وفرض علينا حظر التجول مع التنبيه بشدة بعدم مغادرة أماكننا، وحينما سألناهم عن السبب قالوا حتي لا تتأذي عين سيدة مصر الأولي بمناظرنا، وكأننا اخترنا ما نحن فيه، أجبرونا علي التوقيع علي قرارات إزالة بالإكراه».