يبقي أحمد مكي هو الاسم أو العنوان الأهم في الموسم الصيفي الكوميدي هذا العام، وهو الحصان الأسود في السباق، بفيلم «لاتراجع ولا استسلام- القبضة الدامية»، وقد لاتلحق ايراداته «بعسل» أحمد حلمي «الاسود» ولكنه يظل الفيلم الأكثر إثارة أو فيلم الموسم!!.. صحيح أنه ليس فيلما ممتعا بدرجة كافية، ولكن الصحيح ايضا أنه حقق الحظ الأوفر من الاضحاك للجمهور، وهو عمل مسل ولطيف وإن كان لايحمل أي جديد أو تجديد. عنوان الفيلم «لاتراجع ولا استسلام- القبضة الدامية» مأخوذ عن الاسم التجاري الذي استخدم في مصر للترويج لافلام فان دام، وأفلام البطولات الخارقة ويستخدم هنا للدلالة علي أننا أمام فيلم يسخر من هذه النوعية والتي قدمت في امريكا وايطاليا تحت مسمي «البارودي» وسبق أن قدم في ثلاثة أفلام ممتعة لفؤاد المهندس هي: أخطر رجل في العالم و«عودة أخطر رجل في العالم» و«فيفازلاتا» كما قدمت مؤخرا في فيلم «ورقة شفرة» الذي اعتمد في السخرية علي الحوارات وليس الصور وتصدي له مجموعة من الشباب فلم ينجح!.. والفكرة هنا تحاكي بشكل ساخر الافلام التي اعتمدت علي شخصية «البديل» مثل «اعدام ميت» أو «كتكوت» وغيرهما حيث يتم زرع «بديل» يعمل لحساب الأمن داخل العصابة سواء في أفلام الجاسوسية أو الأعمال البوليسية. يبدأ الفيلم بمطادرة بوليسية لعصابة تتاجر في المخدرات يتزعمها عزام «عزت ابوعوف»، ويقتل فيها أفضل رجاله أدهم «أحمد مكي» ويخفي رجل البوليس سراج منير «ماجد الكدواني» مسألة قتل ادهم ويبدأ في البحث عن بديل حتي يجد حزلقوم «أحمد مكي»، هذا الشاب البائس الذي يعاني من البطالة وضعت الشخصية حيث تدبر أموره وحياته أمه ميار «دلال عبدالعزيز» ويبدأ في اعداد حزلقوم ليحل محل أدهم وبالطبع ينجح في مهمته في نهاية الامر بمساعدة جيرمين «دنيا سمير غانم» التي تعمل سكرتيرة لرئيس العصابة وتعمل مع الشرطة في الوقت نفسه!.. ونجد اجتهادا واضحا من السيناريست شريف نجيب في صنع مواقف كوميدية مثل لقاء «حزلقوم» مع معتز الدمرداش في برنامج «90دقيقة» أو مشاهد المترجمة «بدرية طلبه» التي تقوم بالترجمة بين رجل الشرطة وخبير التجميل النمساوي أو مشاهد الحوارات التي تدور بين «حزلقوم» ورجل الشرطة التي جاءت بالفعل خفيفة الظل وذكية .. وهكذا. أضعف من قوة المحاكاة الساخرة بالفيلم أنه اعتمد علي التيمة أو الفكرة ولم يقترب من الابطال فبدي الامر مثل السخرية من أفلام جيمس بوند دون أن نقترب من شخصية جيمس بوند أو في أفلام فان دام دون أن نتعرض له.. فقد أحس صناع الفيلم أحمد مكي والمخرج احمد الجندي والسيناريست شريف نجيب أن هذه «لعبة» غير مأمونة العواقب ولكن لادراكهم أنها افقدت سخرية الفيلم الكثير ثم ختيار اسم «سراج منير» لشخصية رجل الشرطة وتقديم «غسان مطر» باسمه الحقيقي علي اعتبار أنه من أشهر الاشرار في السينما المصرية.. بينما ظهرت السخرية بشكل جيد في الحوار وفي اداء الممثلين وخاصة أحمد مكي وماجد الكدواني ودنيا سمير غانم فإنها لم تظهر علي مستوي الصورة «كتكوتيات ساخرة» الا في مشهد الانفجار بنهاية الفيلم وجاء تركيب الفيلم مونتاجا «وائل فرج» وديكورا «علي حسام» وموسيقي «عمرو اسماعيل» بشكل تقليدي ويكاد يخلو من السخرية في محاكاته لهذه النوعية من الافلام وايضا تصوير أحمد جبر.. ورغم ذلك كان الفيلم مسليا لأنه ابتعد عن الاستسهال وتم تنفيذه بجدية. نأتي إلي أحمد آخر عنقود المضحكين الجدد وقد عرفناه أولا كمخرج ملفت في فيلم «الحاسة السابعة» ثم جاءت ضربة الحظ التي اصابت من قبل محمد هنيدي ومحمد سعد وأحمد حلمي عندما أثارت شخصية «هيثم دبور» التليفزيونية الانظار، واستعان بها عادل أمام في فيلم «مرجان أحمد مرجان» ثم أصبحت فيلما «إتش دبور» وانطلق مكي في «طير أنت» وقام بتطوير نفسه في «لاتراجع ولا استسلام»، وذلك بالبحث عن افكار غير مستهلكة وشخصيات مختلفة عن التي اشتهر بها ولكن يبقي الامر تغيرا في الشكل وليس المضمون والبحث عن الكوميديا من خلال الكاراكتر وبعض الحركات في الاداء أكثر من الاهتمام بالبحث عن بناء درامي كوميدي يحقق عملا مرحا وحقيقيا وكوميديا تقوم علي الموقف وليس التقليد والايفيه.. ولعل ميزة أحمد مكي وايضا أحمد حلمي أن كليهما يفكر ويحاول أن يتقدم خطوة من فيلم لاخر ولكن اجتهادهما حتي الان يدور في حلقة الاقتباس والموضوعات سابقة التجهيز والنجاح وهي مسألة تستهلك صاحبها أكثر مما تضيف إليه.. وليس أمامهما الآن سوي قراءة ما يحدث في المجتمع، ومتابعة الاحداث والحوادث وتقديم شئ مختلف ومبدع، فمن الممكن أن تكون حادثة صغيرة مصدرا لاعمال ومثيرة ومدهشة وليس بالضرورة قضية كبيرة. إن هذا لن يحدث سواء لمكي أو حلمي إلا إذا اتسعت دائرة حركتهما الثقافية والفكرية والايمان بأن السينما عمل جماعي لمجموعة من المبدعين الحقيقيين «ليس مجرد شلة أو ورشة» وأن ما وصلا إليه من جماهيرية ونجاح تتطلب جهدا أكبر وأعمق وأكثر وعيا.. فالنجاح الكوميدي الاستهلاكي قبضته دامية لأنها مؤقتة ولاتدوم.