الآن حفف الله عن شعب ليبيا فأرسل لها من أهل «قائدها العظيم» معمر القذافي من انتابه السأم والضجر من حكم أربعين عاما استمر والد الابن «سيف الإسلام القذافي» في مقعد رئيس ليبيا!، فإذا بسيف يفاجئنا في الأسبوع الماضي بأن بلاد والده لم تعد في حاجة إلي أي «قائد عظيم» لحكمها! لأن «عصر الأنظمة العسكرية والملوك وأولياء العهود قد انتهي»! وقد عرض «سيف الإسلام» حالة سأمه من طول حكم والده لبلاده في صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية مؤكداً «أن المستقبل للمديرين لأن الناس سيختارون المديرين وليس الملوك والقادة العظام، وينبغي أن يكون الناس أحرارا في اختيار قادتهم، فالمستقبل للديمقراطية، وليس هناك طريق آخر أمام ليبيا، التي يمكن أن تواجه متاعب حقيقية إذا فشلت في تبني مقاربة أكثر ليبرالية فيما يخص علاقاتها مع الغرب». والابن «سيف الإسلام القذافي» هو المرشح الوحيد المحتمل لخلافة والده!، وقد رأي في سياق حديثه إلي الصحيفة البريطانية وهو يعد رسالته لنيل الدكتوراة حاليا من لندن إلي احتمال تخفيف قيود «الفيزا» للأجانب في ليبيا، والسماح لهم بالمشروبات الكحولية في الفنادق من أجل السياحة، لأنه إذا لم يكن هناك «فيزا» أو شراب أو فنادق فلا أحد سيأتي للسياحة في ليبيا، وهذا هو «التصور الحالي الجرئ» لسيف الإسلام لما يبشر به من التغيير في ظل حكم والده!، فالتغيير لن يأتي أبدا إلا من خلال «العائلة القذافية» التي تعد «الخليفة» للقائد العظيم، مثلما تعد سائر الأنظمة العربية الحاكمة الحالية لأقطار العالم العربي!، وأي تغيير يأتي من خارج «العائلة» ورأسها محكوم عليه بالفشل!، لأن رأس العائلة الحاكمة قد استقرت عنده وفي بيته وسلالته الحكمة المقطرة التي لا تلوثها ولاتقفز بها في شطحات علوم دكتوراه الاقتصاد التي يدرسها سيف الإسلام في لندن!، وهو القائل قبل ذلك منذ شهر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: «إن ليبيا تحتاج إلي نظام حكم أكثرفاعلية، ونحن نحتاج إلي إصلاح نظامنا، وإلي تغيير مجتمعنا، وإلي إعادة ابتكار بلدنا»، فالتغييرات التي يدعو إليها سيف الإسلام في ليبيا هي أقرب إلي تلك التغييرات التي نسمع بها بين حين وآخر عند العائلات الحاكمة في ملكيات وإمارات وجمهوريات «الجامعة العربية» التي تضم كل هذه النظم!، والجديد الذي أتي به سيف الإسلام القذافي أنه صرح بأن بلاده لم تعد في حاجة إلي «القائد العظيم» اللقب الذي يحمله والده فقط!، علي عكس ما رآه السيد صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي حزب الأغلبية في التعددية الحزبية المصرية ورئيس مجلس الشوري عندما أعلن أن الرئيس حسني مبارك تجاوز ثلاثين عاما في حكم مصر هو «أسطورة لن تتكرر وليس لها بديل»!، وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه رئيس الوزراء د. أحمد نظيف تقريبا وفي نفس التوقيت!، مما أثار موجة انتقادات حادة في الدوائر السياسية المصرية حتي داخل الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس إذ يري هؤلاء الذين انتقدوا ذلك أن «مصر ولادة» وأنها قادرة علي إنجاب أساطير أخري رغم أن كل تصرفات وتصريحات أقطاب الحزب الحاكم تشي وتصرح بغير ذلك!، وربما وجب الشكر علينا لنجل القائد الليبي العظيم «سيف الإسلام القذافي» الذي بدا شديد التواضع وهو يري أن الوقت قد حان لإخلاء والده مكانه لقائد أو رئيس أو مدير غيره حتي لو كان سيف شخصياً!، وهو ما لم يجرؤ نجل الرئيس مبارك مثلا «جمال مبارك» علي التصريح به رغم أن الفارق الزمني بين القائدين : القذافي ومبارك في حكم بلاده لا يتجاوز سبع سنوات!، فالأول لم يرفيه نجله غير «قائد عظيم» كتر خيره!، أما الثاني فقد رأي فيه صفوت الشريف ومعه أحمد نظيف تقريبا أنه أسطورة لن تتكرر!.