· استخدام الإعلام الرياضي كسكين لذبح البرامج السياسية وقطع رؤوس الفضائيات · لماذا هذه الوحشية مع شباب كل همه المطالبة بالحرية والإصلاح السياسي؟ تصوير: عيد خليل قال لي أحد المسئولين: في الأوقات والفترات التي يغيب فيها الرئيس إما بسبب السفر الطويل أو المرض أو النقاهة يجب أن يظهر النظام قبضته الحديدية حتي لا يستغل البعض هذا الغياب لتحقيق الفوضي وحتي لايتصور البعض الآخر أن الدولة ضعيفة بسبب غياب الرئيس. قال ذلك تعليقا علي التعليمات المشددة التي وجهتها جبهات داخل القيادة السياسية لأجهزة الأمن بالتعامل بشدة وعنف وقسوة بل ووحشية مع المتظاهرين، وهو ما اتضح جليا في الأسبوعين الماضيين، وهو أيضا ما تظهره الصور المنشورة في هذه الصفحة .. في رأيي أن أصحاب هذه الاستراتيجية السياسية والأمنية يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسي قبل أن يحاسبوا علي وحشية القمع الأمني.. فإذا أراد أعداء النظام وخصوم الأمن الإساءة إلي النظام والأمن في مصر لن ينجحوا في تحقيق ربع النتائج التي حققتها هذه الصور المنشورة والتي تجسد وحشية أمنية غريبة وقسوة بوليسية غير مبررة مع شباب صغير كل همه التعبير عن رأيه والمطالبة بالإصلاح السياسي في مظاهرات سلمية وسوف أفترض أنني لواء شرطة أو جنرال سياسي من جنرالات النظام أو وزير من وزراء السلطة الأساسيين وسأسأل نفسي سؤالا بسيطا : أيهما أفضل أن نترك شباب 6 ابريل يتظاهر لعدة ساعات يعبر فيها عن مطالبه وآرائه ويتولي الأمن حراسة المتظاهرين وحمايتهم أم تقوم الشرطة بضربهم والاعتداء عليهم بوحشية قبل اعتقال بعضهم؟.. أيهما يخدم النظام: الصورة الحضارية الديمقراطية الأولي أم الصورة الوحشية الثانية؟!.. من المؤكد أن النظم الديكتاتورية لا تري بالعين ولا بالعقل ولا بالقلب ولكنها تري بالعصا البوليسية.. الكرباج هو العين.. والعصا هي المرآة. العنف الشديد ضد المتظاهرين لا يعوض غياب الرئيس ولا يظهر الدولة قوية، كما يعتقد الأمن وكما يتوهم جنرالات السياسة، بالعكس العنف يظهر النظام ضعيفا، لدرجة أنه يخشي تظاهرات سلمية من مجموعة من البنات والشباب الصغير المتحمس للحرية والاصلاح.. ما يحدث ضد المظاهرات وما يحدث في الساحة الإعلامية الآن يؤكد أننا نتجه إلي قمع أمني في الشوارع وإعلام بوليسي علي الشاشة.. منذ عدة أسابيع استضاف برنامج 48ساعة عضو مجلس الشعب عبد المنعم سمك لمناقشته في طلب إحاطة قدمه إلي مجلس الشعب يتعلق بالفوضي الإعلامية ويطالب بفرض قيود علي البرامج الفضائية واستضافني البرنامج في مواجهته وأدارت المواجهة المذيعة الزميلة هناء السمري التي تقدم البرنامج مع الزميل سيد علي.. وقتها قلت للنائب عبدالمنعم سمك : أنا لا أتعامل مع هذه الأمور باستهانة.. أنت مدفوع من قيادات في الحزب الوطني لتقديم هذه النوعية من الاستجوابات وطلبات الإحاطة لاستخدامها في خنق الإعلام وتقييد البرامج التي أصبحت متنفسا للناس والتي أدت إلي توعية المواطنين وزيادة ثقافة الاحتجاج لديهم.. وفي 30 مارس الماضي نبهني الزميل محمود الشاذلي.. الصحفي بالجمهورية ومندوبها بمجلس الشعب إلي أن أعضاء لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس شنوا هجوما عنيفا علي القنوات الفضائية الخاصة واتهموها بالانفلات الإعلامي وبأنها تصدر الاحباط للشارع المصري وطالبوا بإعداد تشريعات لضبط المنظومة الإعلامية والحد من تجاوزاتها .. وبعدها بأيام تم استغلال أزمة برنامج «مصر النهاردة» لذبح البرامج الفضائية وشن أعضاء مجلس الشوري برئاسة صفوت الشريف هجوما عنيفا علي البرامج الفضائية مع أن الأزمة خاصة بالتليفزيون المصري.. وأصبح الهدف واضحا وهو تقييد الفضائيات وخنق البرامج التي استحوذت علي اهتمامات الناس وأصبحت تشكل وعيهم وسوف يستخدم الإعلام الرياضي تحديدا كسكين لذبح البرامج السياسية وقطع رؤوس القنوات الفضائية الناجحة.. المعلومات تؤكد أن النظام هو المستفيد من تجاوزات الإعلام الرياضي بل وهو المطبخ الرئيسي لهذه التجاوزات وقد تكشف ذلك في أزمة مباراة مصر والجزائر. نعم، سوف يتم التعلل بتجاوزات البرامج الرياضية لتشكيل لجان وإعداد تشريعات تخنق الإعلام المرئي الذي أصبح هو المتنفس الأساسي للمواطنين وذلك قبل انتخابات الرئاسة عام 2011. الخطة القادمة بعد ضرب المتظاهرين في الشوارع هي ضرب البرامج والقنوات الفضائية لإعادتها إلي حظيرة النظام وإخضاعها لسيطرة لجان حكومية.. حلمنا بسيط وهو أن تنتقل مصر من الدولة البوليسية إلي الدولة المدنية ولكن الحلم يتبدد، فمصر تتجه إلي المزيد من القمع، والدولة البوليسية ستنتقل من الشارع إلي الإعلام المرئي الذي تحول في الفترة الأخيرة إلي الملجأ والملاذ لكل المواطنين. انظروا إلي الصور المنشورة في الصفحة جيدا لتدركوا إلي أين تتجه مصر؟!