لم يتصور المسئولون في جنوبسيناء أن قرية أبو صويرة الصغيرة التي دمرها السيل ليلة الأحد الماضي ستكون شرارة احتجاجات ضد إهمال المسئولين في المحافظة النائية فقد قطع أهالي القرية الطريق الدولي الرابط بين القاهرة و شرم الشيخ كرد فعل لأوضاعهم المتردية منذ خمسة أيام نتيجة لإهمال رئيس المدينة الذي ظل جالسا في مكتبه يتابع التقارير المكتبية معلنا لكل وسائل الإعلام أن الخسائر بسيطة و لا تتجاوز تهدم 5 بيوت بدوية و حاول الأمن فض المظاهرة و إعادة تشغيل الطريق مرة أخري ولكنه فشل بسبب الغضب الشديد من أهالي القرية فاندلعت اشتباكات بين الأهالي والأمن قام علي إثرها الأمن بإطلاق وابل من القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين إلا أن أهالي القرية ردوا عي القنابل بالحجارة مما أدي إلي إصابة مأمور شرطة قسم أبو رديس العميد اسامة حسن وثلاثة جنود من الأمن المركزي وعلي الفور أصدر محمد شوشة محافظ جنوبسيناء تعليمات لسكرتير عام المحافظة جمال الغمري بضرورة التوجه للقرية لاحتواء الأزمة حيث لم يستجب المشردون من سكان القرية إلا بعد أن قام فريق من النيابة العامة بعمل محاضر إثبات حالة للمتضررين وتشكيل لجنة لحصر الخسائر.. في الاجتماع الشعبي طالب الجميع بلا استثناء إقالة محمود عيسي رئيس مدينة رأس سدر الذي تجاهل تفاقم الأزمة و أدلي بتصريحات غير حقيقية لوسائل الإعلام . وفي خضم المأساة التي تعيشها القرية المنكوبة روي بعض الأهالي حكايات الأيام القاسية في العراء دون طعام أو مأوي أو أغطية تقيهم قسوة البرد والتشرد. سعيد حنون يقول: شقي 16 سنة في أوربا راح مع السيل ويضيف قررت الاستقرار بمصر واستثمار أموالي في وطني وقمت بشراء قطعة أرض عبارة عن 120 فدانا برأس سدر ثم قمت بزراعتها بأجود أنواع الزيتون الذي يستخدم في العصر وبعد عناء وتعب من العمل ليلا ونهارا في الأرض الجدباء انتج الزيتون منذ عامين وحمدت الله و شكرته علي نعمه , توقف حنون قائلا العوض علي الله فقد تم تدمير مزرعتي للأبد ليس بسبب السيل ولكن نتيجة انفجار ماسورة بترول من قوة السيل وتفريغ أكثر من 1500 برميل بترول تابعة لإحدي الشركات برأس سدر بالأرض المزروعة بالزيتون النقي وأصبحت الأرض مكسوة باللون الأسود للأبد ولن ينفع زراعتها مرة أخري بسبب هذا الزيت الذي دمرني ودمر حلم أسرتي وعندما شاهدت الشجر وهو مغطي باللون الأسود شعرت أني قد خسرت كل شئ من شدة الكارثة ولم أستطع التفكير حين شاهدت المزرعة التي كلفتني نحو 4ملايين جنيه وهي مدمرة للأبد جراء زيت البترول وعندما تمالكت نفسي و جمعت شتاتها قمت بتحرير محضر في قسم شرطة رأس سدر وأطالب وزير البترول بتعويضي عن خسارتي الأبدية لأرضي التي لن تصلح بعد ذلك في زراعة أي محاصيل نتيجة تلوثها بالبترول. اسماعيل جمعة شاب ورب أسرة لا يتعدي عمره 35 عاما يقول بابتسامة حزينة يملؤها اليأس: إن السيل عندما ضرب القرية بالليل هم مسرعا بإخراج أسرته خوفا من موتهم غرقا ولما خرج من منزله الذي غمرته المياه في ثواني قليلة تذكر أنه نسي شيئا لا يمكن الاستغناء عنه ومن الصعب عليه ايجاده مرة أخري وعندما سألته عن هذا الشيء أجاب بابتسامة بسيطة رجعت للمنزل كي أنقذ صندوقي الحديدي فسألته بالطبع هل كان به مال وذهب و خلافه فضحك بالرغم من همه الكبير قائلا صندوقي به أوراقي و أوراق أبنائي و عائلتي وكل شئ من الممكن تعويضه إلا الورق لن نستطيع تعويضه والحمد لله وجدت الصندوق ونجوت من الموت بصندوقي الحديدي وتركت كل ما في المنزل للسيول .