كانت مناسبة رحيل الأميرة المصرية فريال مؤخرا ومراسم دفنها في المقابر التي تخص الأسرة المالكة المصرية السابقة، وحضور نفر ممن تبقي من أفراد هذه الأسرة، وعلي رأسهم الأمير السابق أحمد فؤاد مراسم الدفن فرصة مواتية ليتقدم الشعب المصري إلي أفراد الأسرة باعتذار واجب عن ثورة يوليو 1952 التي أطاحت بالملكية المصرية! فقد كان الجو العام من خلال كتابات كثيرة وأعمال فنية وتصريحات علنية وآراء فيما حدث يهيئ لهذا الاعتذار الشعبي العام، استجابة لرغبة جارفة وحنين لا يخفي لأيام «مولانا» الراحل آخر ملوك مصر، الذي لم تمهله ثورة الجيش - أو انقلابه بالاسم المعدل عند البعض - لكي يستمر في حكم مصر كي لا تسوء أحوالها من بعده كل هذا السوء، من عبد الناصر إلي مبارك!، حتي يهدأ هذا الثأر الذي لم يمت حتي الآن عند الذين يحيون دائما في كتاباتهم المختلفة ثأرهم من الثورة وليس فيهم من يمكن اعتباره خصما شخصيا لهذه الثورة!، بل وفيهم من لم يكن ممكنا له أن يتلقي تعليما من أي نوع، لولا هذه الثورة!، وبينهم من لا يملك أي حقيقة تؤيد أحقيته في وصف هذه الثورة وقائدها بأبشع السباب والنعوت التي حملها مقال قديم لكاتب راحل، رأي أن رواية له كانت غاية في الشجاعة التي واجه بها قائد الثورة الذي سمح شخصيا بعرض وقائعها فيلما سينمائيا لم ير فيه ما يشين الثورة التي لم يفرق كاتبها بين العصابات وقادة الثورات!، لكنه اصطفي قائدها في مقاله الشهير هذا بعنوان «في أي شيء صدق!» ليحمل أي قائد الثورة كل نقيصة عرفها قاموس الأخلاق، ابتداء من استباحة الحرمات والنساء وحتي النشل في الأتوبيسات!، وقد ظل الجو الذي خلقته هذه الرواية وأمثالها سائدا حتي أيامنا هذه ليفسح المجال أمام من شاء لتحسين صورة المليك الراحل في عمل تليفزيوني شهير!، ونال مسلسل التحسين ما ناله من ضجة إعلامية لم تهدأ حتي أعلن عن أنه في الطريق إلينا المسلسل الجديد الذي يستعرض مجد رب الأسرة الملكية العلوية «محمد علي» لكنه ما زال تحت الإعداد،. كما كانت وفاة الأميرة فريال مناسبة لحديث مطول قرأته للأمير أحمد فؤاد - ولي العهد سابقا -أدلي به إلي زميل لنا في جريدة «المصري اليوم» نفي فيه الأمير أحمد باكتساح أي مبرر كان يقتضي قيام ثورة يوليو!، ولم أهتم بعد قراءة الحوار بمحاولة الإجابة علي سؤال ساذج : ولماذا قامت الثورة إذن !. لكن اهتمامي تركز حول الطريقة المثلي التي يمكن أن يعتذر بها الشعب المصري عن ثورته الماضية القديمة، خاصة أن من هم أحق الناس بهذا الاعتذار الشعبي هم أولياء دم الملك الراحل وأسرته! وورثة أموال هذه الأسرة وضياعها التي نهبها الشعب أو قادة الثورة سيان!، فهم قد تواجدوا والحمد لله علي أرض مصر!، وليس هناك ما يمنع من أن يتقدم جمهور الشعب المصري من الجياع والفقراء والنص نفي.. بالاعتذار الهاتف يرددونه وراء أفراد النخبة التي دأبت - وما زالت - علي شتيمة الثورة وصب اللعنات علي اليوم الأسود الذي وقعت فيه! وقد شغلني ما يشغل الحالم عما إذا كانت أسرة الملكية المصرية الحاضرة - وقد بقي قليلها من الأفراد - ستقبل اعتذار الشعب فتشير بلطف إلي النخبة المتعاطفة معها، بأن تتوقف عن لعناتها التي تصبها علي الثورة ورجالها ما دام الشعب قد اعتذر! وما دام رجال الثورة وقادتها في ذمة الله كما الذين رحلوا من الأسرة المالكة! وما دام الشعب قد اعتذر فإن أفراده بلا شك سيبلغون عن كل من خطف في جيبه قرشا من أموال الأسرة الملكية الراحلة!، وقد تصورت - وربما كان تصوري خاطئا - أن هذا الاعتذار الذي تتناقله وسائل الإعلام يمكن أن يجعل مواسم اللعنات علي ثورة يوليو ورجالها تتوقف!، لكنني عدت أشك في وقوع هذه النتيجة!، فمواسم اللعنات بضاعة لابد أن تكون حاضرة كلما حان الحين!، كأن يحل تاريخ قيام الثورة، أو ذكري وفاة قائدها، أو هزيمة يونيو 1967، إلي غير ذلك من المناسبات التي يحفظها أصحاب الثأر عن ظهر قلب!.