. تعتبر إشارات المرور الضوئية أحد أهم الاختراعات التي أنجزها الإنسان في مطلع القرن الماضي ، نظرا للدور الهام والحيوي الذي تقوم به هذه الإشارات في تنظيم وتسهيل حركة مرور المركبات وضمان سلامتها وسلامة المشاة علي حد سواء. وفكرة إشارات المرور تعود إلي إنجلترا ، عندما اخترع المهندس الإنجليزي ج . ب . نايت أول إشارة مرور مكونة من مصباحين يعملان علي الغاز ، أحدهما باللون الأحمر والآخر باللون الأخضر من اجل تنظيم حركة القطارات وإعطاء الأولوية لأحد هذه القطارات لعبور منطقة التقاطع دون أن يصطدم أحدهما بالآخر. وبالرغم من أهمية هذه الفكرة ، إلا أنها توقفت بسبب حدوث خلل فني في هذه الإشارة الضوئية ، حيث أدي انفجارها المفاجئ إلي مقتل الشرطي المسئول عن مراقبتها . بعد اختراع السيارات وزيادة عددها بشكل كبير برزت الحاجة الملحة إلي اختراع وسيلة تضمن تنظيم حركة المركبات في الشوارع ، وقد عانت الكثير من مدن الولاياتالمتحدةالأمريكية من فوضي عارمة في شوارعها ، مما كان يستدعي وجود رجال السير طوال الوقت علي مفترقات الطرق لتنظيم حركة السيارات ، لذلك فقد اتجهت الأنظار نحو الاختراع الإنجليزي القديم ، وفي عام 1914 تم تطويره ليظهر بثلاثة أضوية مختلفة الألوان هي الأحمر والبرتقالي والأخضر وكان ذلك في أحد شوارع مدينة كليفلاند الأمريكية ، وفي عام 1918 ظهرت أول إشارة مرور في مدينة نيويورك وبعدها في عام 1920 تم تركيب أول إشارة في مدينة ديترويت . علي أثر تلك التطورات في تنظيم حركة السير والتي لعبت الإشارات الضوئية دورا هاما فيها ، تبنت بريطانيا في عام 1925 اختراعها القديم وتم تركيب أول إشارة مرور ضوئية علي تقاطع شارعي البيكاديللي وسانت جايمس في لندن . في أعقاب ذلك تم إجراء تحسينات واسعة علي إشارات المرور الضوئية ، وتغير شكلها القديم ، و أصبحت علي ما هي عليه الآن ، كما تم إدارتها من قبل نظام حاسوبي خاص ، بحيث يتم برمجتها مسبقا و إعطاء وقت دقيق لمدة إضاءة كل مصباح ، أيضا تم تركيب كاميرات خاصة عليها وأنظمة مجسات لمعرفة عدد السيارات والمركبات المتوقفة علي تلك الإشارة وبالتالي تقدير الوقت اللازم لمرور هذه المركبات ، كذلك تم تطوير إشارات ضوئية خاصة للمشاة لقطع الشوارع وإيقاف حركة السير. إن نظام إشارات المرور الضوئية الموجود حاليا في كافة مدن العالم يدين بشكل كبير إلي الاختراع الإنجليزي القديم والذي مهد الطريق لظهورها في كل شارع وعلي كل مفترق طرق ، هذا علما بان أنظمة إشارات المرور الضوئية حاليا يتم ربطها إلي غرف عمليات خاصة في إدارة المرور لتنظيم حركة السير بشكل دقيق داخل تلك المدن. تجدر الإشارة إلي أن هذا النظام الفعال لا يقتصر فقط علي إدارة المركبات والسيارات والحافلات في الشوارع و إدارة حركة سير القاطرات ، ففي مدينة البندقية تم تركيب إشارات مرور ضوئية لتنظيم حركة القوارب والمركبات المائية في قنوات هذه المدينة العائمة.