· نعتقد أن السبيل الوحيد إلي تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والإصلاح في هذا البلد، هو مصارحة الشعب بالحقائق مهما كانت مريرة · شلة الفساد المحيطة بمبارك وابنه جمال تعتقد أن القوة قادرة علي قهر الحق والتمكين للباطل وأن الحكم البوليسي يحمي النظام يهل علينا الحزب الوطني منذ 6 سنوات، في مثل هذا الوقت من العام، بمؤتمره العام.. الذي تتابع صحف الحكومة الإعداد له ووقائعه أولاً بأول وتفرد له الصفحات.. وكأن الحزب الوطني قد توصل مؤخراً لما يعانيه شعب مصر.. يعقد المؤتمر وينتهي، عند هذه النقطة ينتهي كل شيء.. الوعود والخطط والأحلام والأماني كلها تتسقاط والواقع أن الحالة تزداد طيناً.. وإلا لماذا يتدهور حال البلد ويسوء الحال عاماً بعد آخر..؟! لكنني أري أن أهم ما في هذا المؤتمر أنه يكرس لشيئين هامين للغاية. الأول: هو تلميع الوريث جمال مبارك وتقديمه للناس علي أنه يهتم بقضاياهم.. والثاني: هو تحويل شخبطة الوريث إلي فكر جديد، وخطط عمل لإنقاذ البلد من الضياع، هذا الضياع بالطبع هو ما نتج عن حكم والده الرئيس مبارك طوال 28 عاماً من الانفراد بالسلطة. ويفسر المنافقون في الحزب الوطني «شخبطة الوريث» وشعاراته بأنها نقلة جديدة للحزب الوطني، وبالطبع نقلة جديدة لمصر المستقبل.. بينما حال الناس في مصر لايحتاج إلي تعليق. وإذا كان صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والأمين العام للحزب الوطني قد وصف الكلام عن توريث الحكم لجمال مبارك ب«اللكلكة والعكعكة» علي حد تعبيره، فنحن نؤكد أن كلام صفوت بيه صحيح مائة في المائة، لأن التوريث حدث بالفعل.. وإلا والكلام موجه لصفوت بيه فسر لنا ما يردده جمال مبارك من أنه سيعمل علي حل مشكلة الإسكان والصحة والتعليم والفلاحين والاستثمار والتصدير، وماذا يعني تدخله لحسم قضية البث لمباريات كرة القدم.. وماذا يعني مطالبته لمجلس الشعب بتوفير 10 مليارات جنيه تخصص لمياه الشرب والصرف الصحي؟!.. بأي صفة يتحدث جمال مبارك وكله ثقة.. هل يجرؤ رئيس لجنة في الحزب الوطني أن يقول مثلما يقول جمال مبارك.. ثم عندما يجتمع جمال مبارك برئيس الوزراء والوزراء يجلسون أمامه مثل التلاميذ.. بماذا تفسر ذلك ياصفوت بيه.. أنت ياصفوت بيه اسأل نفسك.. كيف تتعامل مع جمال مبارك.. مثل أي رئيس لجنة في الحزب الوطني.. أم تتعامل معه علي أنه الرئيس القادم؟!! نحن نعتقد أن السبيل الوحيد إلي تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والإصلاح في هذا البلد، هو مصارحة الشعب بالحقائق مهما كانت مريرة، واحترام إرادته ومحاولة كسب ثقته في حاكميه من خلال الصدق.. لكن المشكلة الكبري التي تواجه مصر الآن هي أن حكومة الحزب الوطني تكذب علي الشعب، وتحيط بالرئيس مبارك وابنه جمال حاشية تصر علي مواصلة طريق الحقن بالمسكنات والمهدئات والمنومات، وإلي درجة تضع أفراد تلك الحاشية في مقدمة من ينبغي أن يطبق عليهم قانون المخدرات، لأن تاجر المخدرات يؤذي عدداً محدوداً من الناس.. أما هؤلاء فهم يرتكبون جريمة تخدير أمة وإيذاء شعب بكامله. إن شلة الفساد المحيطة بمبارك وابنه جمال تعتقد أن القوة قادرة علي قهر الحق والتمكين للباطل وأن الحكم البوليسي الغاشم والبطش المستمر بالمعارضين والمناوئين للنظام، هي الأساليب الفعالة التي تحمي النظام وتطيل عمره وتضمن له البقاء علي مقاعد السلطة، وتفرض بالعنف والخداع الأمن والاستقرار. إننا نخشي من تأثير موجات النفاق التي تتكاتف من حول مبارك، والتي يقودها بعض عتاة المنافقين الذين احترفوا هذا الفن الردئ عبر العصور.. ومنهم من كان رائداً في النفاق أيام عبدالناصر، ومنهم من كان كبير المنافقين أيام السادات.. ومنهم صعاليك تسلقوا بعض المواقع واحتلوا عدداً من المنابر وراحوا يتمادون في النفاق الرخيص علي اعتبار أن هذا هو الضمان الوحيد لبقائهم في مواقع لايستحقون شرف الوجود فيها لحظة واحدة. هؤلاء صنعوا من النفاق حبلاً شنقوا به عبدالناصر يوم هزيمة يونيو 1967 وهؤلاء أيضا وقد انضم إليهم آخرون جدلوا نفس الحبل قتلوا به السادات فوق المنصة وهو يحسب أنه في البرج المشيد المأمون الحصين.. وهؤلاء أنفسهم نراهم اليوم يتواثبون من حول مبارك، يخرجون من الجعبة نفس الأساليب القديمة التي أوهموا بها من قبل عبدالناصر والسادات. وإذا كان بعض المخلصين من الذين في حزب مبارك ونظام مبارك وهم قلة يعدون علي أصابع اليد الواحدة لايصارحون الرئيس بالحقيقة التي يتحدث عنها الناس.. فنحن نقول لهؤلاء المخلصين.. قولوا للرئيس مبارك ولاتخافوا.. قولوا له لكي يتحقق الأمن والاستقرار في هذا البلد، عليه أن يتخلي عن الحزب الوطني ليكون رئيسا لكل المصريين.. وأن يبعد ابنه جمال تماماً عن العمل في السياسة.. وأن يعين له نائبا.. وأن يجري إصلاحات سياسية، وأكرر إصلاحات سياسية حقيقية يكون أولها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة وأن يحدد مدة الرئيس.. وأن يأتي بحكومة تضع قضية التعليم والبحث العلمي، وأكرر التعليم والبحث العلمي هي قضيتها الأساسية لأنه بدون إصلاح التعليم والإنفاق علي البحث العلمي لن يكون لنا وجود علي هذه الأرض. قولوها صراحة للرئيس مبارك.. وأجركم علي الله.