خطوة واحدة تفصل بين أرقى أحياء القاهرة وبين أكثر مناطقها عشوائية، خطوة واحدة تفصل بين عزبة «اولاد علام» بكل ما بها من منازل بدائية، وأفخم الأبنية بمنطقة الدقى، ربما من لم يتجول بمنطقة الدقى لا يخطر على باله انه فى هذا المكان الراقى الذى طالما سمع عنه فى الأفلام والبرامج يوجد من لا يملك سوى بعض قطع الخشب التى بنى بها عشته، «صوت الأمة» تجولت فى عزبة «اولاد علام» الواقعة بحى الدقى والتى تمتد من وزارة الزراعة حتى نهاية شارع النور ونادى الصيد، والتى تبلغ مساحتها 9 أفدنة وتجاور نحو 56 سفارة عربية وأجنبية وبنوكاً استثمارية، ويقطنها 35 ألف نسمة، ويبلغ سعر متر الأرض فيها نحو 30 ألف جنيه، على الرغم من غروقها فى العشوائية، فمعظم بيوتها مبنية بالطوب اللبن وآيلة للسقوط، وما تم بناؤه بالخرسانة مؤخراً بنى دون ترخيص، ليس بها مستشفى ولا مخبز للعيش المدعم ولا مدرسة وتعانى انقطاعا متكرراً للكهرباء ومياه الشرب. العزبة من الداخل عبارة عن مجموعة من المنازل التى تقبع تحت مستوى الأرض بمسافة بسيطة بالاضافة إلى بعض العشش، وبعض مصادر الرزق البدائية من اكشاك غذائية، وورش «دوكو» ومجموعة «فواعلية» يعتمدون على سواعدهم كمصدر رزق لهم، بجانب مكتبة ومركز شباب، حذرنا الأهالى فى بداية تجولنا من التجول بالعزبة والكشف عن هويتنا الصحفية، بسبب غضب الأهالى من كل وسائل الإعلام التى تنقل صورة خاطئة عن العزبة وتصفهم بالبلطجية، الا اننا استطعنا بمساعدة بعض الأهالى بعدما اخبرناهم بجيرتنا لهم بالتحدث إلى بعض أهالى العزبة أو كما يطلق عليهم «العزباوية»، بعدما اشترطوا علينا نقل حديثهم كاملاً بدون أى تحريف، يقول عم محمود فوزى - ستون عاماً ، أب لثلاثة أبناء: «أنا فى العزبة هنا من ستين سنة ، اتولدت هنا واتربيت وهموت هنا، العزبة من ساعة ما تولدت وهى زى ما هى، احنا قبل كل العمارات اللى شايفها حوالينا دى، مكنش حد ساكن المنطقة هنا غير أولاد العزبة، انا مبقدرش اشتغل من 10 سنين ، عندى ثلاثة أولاد، عايشين كلنا فى دكانة ورثتها عن والدى، واقصى حلم لينا اننا ناخد شقة نعيش فيها ، ونلم حاجتنا فيها ، فى الثورة طلعنا قلنا يمكن لما يمشى مبارك الثورة توفر لنا حياة كريمة، ومشى مبارك والثورة خلصت ، وجه رئيس قالولنا ده متدين ، وهيظبط احوالكم ، ومحدش سأل فينا برضه ، ده بالعكس بقت الناس اللى تروح تشتغل بره وتجيب قرشين عشان تبنى بيوتهم من جديد ، الحكومة بقت تاخد منهم فلوس وتطلع عنيهم ، ومنعرفش ليه كده ، احنا لا عاوزين فلوس ولا شغل ، احنا عاوزين نعيش وبس». وقال عادل النجار مشيراً إلى منزله المتواضع الذى يتكون من طابق واحد وله سلم يقودك الى مكان ينخفض عن مستوى الارض قليلاً: «انا قاعد انا وامى المسنة فى هذا المسكن المتواضع الذى يتكون من غرفة واحدة بها سرير واحد تنام امى عليه وانام انا على الارض تاركا لها السرير لكبر سنها، أمى بتصرف معاش 150 جنيه ، وانا بطلع كل يوم بلقط رزقى فى اى شغلانة فى «الفاعل» ، وعايشين على الحال ده ، معاش امى والفلوس اللى باخدها من الشغل مبتكفيش مصاريف علاجها ، ورغم ده كله احنا راضيين ومش عايزين حاجة من حد، ولا من الحكومة ، احنا عاوزينهم يسبونا فى حالنا ، كل شوية بنسمع عن انهم عاوزين يمشونا من هنا ، احنا مش عاوزين نمشى من هنا ، لأننا عارفين اننا لو مشينا من هنا هنبقى فى الشارع ، احنا مش عاوزين غير ان الحكومة ورجال الاعمال يسيبونا فى حالنا» . وقال عم احمد: «الحكومة صدعتنا بالحديث عن ازالة العزبة، احنا مش هنسيب المنطقة دى ، ومحدش يقدر يهوب منها، العزبة مش منطقة خطر زى ما الاعلام والحكومة بتصورها للناس نشر بتاريخ 1/4/2013 العدد642