تعتبر فولكس فاجن اليوم من أشهر الأسماء في السوق المحلي ولكن قبيل نهاية النصف الأول من القرن الماضي، لم يسمع أحدا في مصر عن تلك الشركة الألمانية. فخلال تلك الفترة كانت هناك الكثير من الأسماء الألمانية التي عرفها المصريون منذ سنين طويلة مثل هورش وديكافي ومرسيدس-بنز وغيرها ولكن هذا الوافد الجديد لم يتردد إسمه سوي في بعض التقارير الصحفية بعض الجرائد اليومية نذكر منها جريدة المصري التي كتبت عن عن سيارة جديدة ذات حجم صغير ظهرت في ألمانيا ومنها إنتشرت إلي باقي أسواق أوروبا. ولم تكن تلك السيارة سوي موديل بيتل الشهير الذي ظهر محليا في أوائل الخمسينيات وتحديدا عام 1951. وربما الدليل الوحيد علي ذلك هو عدم ورود إسم فولكس فاجن ضمن إحصائيات مبيعات الماركات في السوق المصري قبل هذا التاريخ. هناك إشارتان إلي موديل بيتل خلال النصف الأول من عام 1951، الأولي ضمن فعاليات "جمخانة السيارات" وهي الفعاليات التي كان الهدف منها هو الجمع بين المتعة والمرح وسباقات الأناقة والجمال مع الإستعراضات والسباقات وكانت كثيرا ما تنظم في القاهرة والإسكندرية خلال القرن الماضي. وفي مسابقة للأناقة وجمخانة للسيارات نظمت في القاهرة في الخامس من مايو 1951 بالإتفاق بين جريدة "الأيكو" وشركة الفنادق، شاركت نسخة من موديل بيتل في سباق ضمن فعاليات الحفل وإستطاع مالكها علي بك شعراوي الفوز بالسباق بسرعة متوسطة بلغت 83 كيلومترا في الساعة. أما الإشارة الثانية فكانت في إحصاء لمبيعات السيارات بالقطر المصري خلال شهر مارس 1951 ومنها نعلم إن إجمالي مبيعات فولكس فاجن بلغت 6 سيارات. ويرجع الفضل في ظهور فولكس فاجن بالسوق لمصري إلي شركة شركة شمال شرق أفريقيا التجارية. فقد كانت تلك الشركة هي أول وكيل للصانع الألماني في مصر، كما كانت في نفس الوقت وكيلا لشركات أخري علي رأسها جيب الأمريكية وإليها يرجع الفضل فيما تتمتع به اليوم من شعبية في السوق المصري. كان للشركة فرعان: الأولي لعرض موديلاها في القاهرة وكانت عند ناصية شارعي عماد الدين ودوبريه في وسط العاصمة. وفي وقت لاحق إفتتحت الشركة صالة عرض ثانية لها بالإسكندرية في 55 شارع فؤاد الأول تغير فيما بعد إلي شارع سعيد ثم إلي 11 شارع فؤاد الأول. وخلال تلك الفترة أيضا كان لفولكس فاجن محطتان للخدمة الأولي بالقاهرة في شارع الأنصاري بفم الخليج والثانية بالإسكندرية في 6 شارع البطرخانة اليونانية. وفي وقت لاحق أضاف الوكيل محطة خدمة أخري في 195 شارع تانيس بسبورتنج بالإسكندرية ثم محطتين للخدمة والصيانة بالقاهرة الأولي في شارع فاروق بإمبابة والثانية في شارع الذهبي بمنشية البكري علاوة علي صالة عرض جديدة بالقرب منها وتحديدا في 84 شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة. والواضح من تلك التوسعات التي إمتدت لتشمل زيادة مساحة صالة العرض في شارع فؤاد الأول بالإسكندرية بعد ضم العقار المجاور وتغيير صالة العرض بوسط المدينة إلي 48 شارع قصر النيل وإضافة مركز خدمة جديد في شارع حمام الذهب بالإسكندرية - الواضح أن فولكس فاجن كانت أسرع الماركات إنتشارا في السوق المصري خاصة وأن كل هذه التغييرات والتوسعات الكبيرة حدثت في خلال سبع سنوات تقريبا. إكتفت شركة شمال شرق أفريقيا التجارية في البداية بطرح النسخة السيدان من موديل بيتل وكانت تلك النسخة مزودة بمحرك سعة 984 سي سي مثبت في الخلف وبعمل بتبريد الهواء. ولم يكن هذا المحرك مختلفا عن محرك النسخة الأولي التي ظهرت قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية. بلغت قوة محرك السيارة حوالي 22 حصانا وكان المميز في الموديل هو الإستهلاك المنخفض للوقود والذي بلغ 250 كيلومترا لكل صفيحة بنزين. بلغ سعر هذا الموديل وفقا لما تشير إليه إعلانات زمان حوالي 435 جنيها فقط. ولم يفت الإعلان الإشارة إلي أن موديل بيتل يتوافر له كل ما هومتاح للسيارات الكبيرة وأن البروفيسور بورش مصمم سيارت السباق الشهير هو من صممها وأن الناس في العالم شهدوا بكفائتها وبأن تصميمها لا يمكن مجاراته. بل يستطرد الإعلان بالقول أن فولكس فاجن بيتل تتيح حياة سعيدة لمن يقتنيها كما أنها أمنة تماما حيث أثبتت التجارب أن بمقدورها أن تلف بزاوية قائمة علي سرعة 60 كيلومتر دون أن تنقلب. وعلاوة علي ذلك يشير الإعلان إلي أن الموديل مصمم بهيكل إنسيابي بديع يتسم بالصلابة. والواقع أن كل ما ذكره الإعلان كان صحيحا. شريف علي