· المستوي الضعيف لأفلام عيد الفطر نموذج لأفلام المقاولات التي تمثل جريمة في حق المواطن المصري دفع جمهور العيد في صالات العرض أكثر من 5 ملايين جنيه، في أفلام بائسة فنياً وتجارياً، وهو أمر يستحق التأمل!! كالعادة عرضت في صالات العرض خلال أيام عيد الفطر ستة أفلام جديدة، ولكن الجديد في الموسم السينمائي للعيد الصغير هذا العام، هو أن كل الأفلام كانت من بقايا أوكازيون الموسم الصيفي، فلم يظهر من بينها أي فيلم لنجم مشهور، من نجوم الايرادات أو شباك التذاكر.. ورغم ذلك فإن الايرادات خلال أيام العيد الأربعة كانت أكثر من خمسة ملايين جنيه، وهو ايراد جيد جداً لا تستحقه هذه الأفلام الفقيرة انتاجياً وفنياً، والتي عرضها الموزعون ليتخلصوا منها، وحتي لا يتركوا دور العرض بلا أفلام جديدة. لقد جاء موسم عيد الفطر السينمائي هذا العام في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة للغاية، ومن الصعب أن تتكرر مرة أخري في سيناريو مماثل.. فقد تزامن بداية العام الدراسي مع عيد الفطر، وهذه معضلة اقتصادية لا يقدر علي حل شفرتها إلا الأسر المصرية التي اعتادت علي التقشف والصبر والتحايل علي ضيق اليد بحلول عبقرية لا يقدر عليها أي اقتصادي نابه مهما كانت قدرته، حيث الدخل محدود للغاية ومتطلبات الحياة الضرورية واجبة ولا مفر منها، وتواكبت مع ذلك أزمة اقتصادية عالمية تلقينا ضرباتها، فازداد العبء علي المواطن البسيط.. ولهذا أدرك صناع السينما أن عرض أي أفلام ذات ميزانية انتاجية عالية أو متوسطة مغامرة أقرب للحماقة، وخاصة أن كل نجوم السينما والتليفزيون كانوا ضيوفاً في كل بيت مصري من خلال مسلسلات رمضان التي وصل عددها إلي رقم قياسي يقترب من ال50 مسلسلا!. جاء توقع صناع السينما صحيحاً، وانخفض الايراد فعلاً إلي الثلث، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت في هذه الملايين الخمسة التي لم يتوقعها أي أحد، والدليل أن الأفلام عرضت دون دعاية حتي لمجرد التعريف بأبطالها، وكلهم من محدثي النجومية، ولم يسبق لهم بطولة أي فيلم.. ودعونا نستعرض أبطال هذه الأفلام: «مجنون أميرة» لنورا رحال، «الديكتاتور» لخالد سرحان، «الأكاديمية» لعلا غانم «فخفخينا» لرانيا يوسف، «ابقي قابلني» لسعد الصغير، «الحكاية فيها منة» لبشري.. وقد عرضت هذه الأفلام بعدد محدود من النسخ، واضطرت صالات العرض إلي اعادة عرض فيلمي «1000 مبروك» لأحمد حلمي، و«طير انت» لأحمد مكي.. ولأول مرة من 30 سنة علي الأقل تتسلل أفلام أجنبية للعرض في العيد رغم قرار وزير الثقافة فاروق حسني بمنع عرض أي فيلم أجنبي في العيد، ولكنه كان مشغولاً بانتخابات اليونسكو، فلم يتدخل مدير الرقابة لمنع عرض هذه الأفلام!!. المهم.. نعود إلي مفاجأة «الملايين الخمسة» التي دفعها المشاهد المصري خلال أيام العيد الأربعة، ولماذا دفعتها الأسر المصرية في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة، وفي أفلام بائسة بلا قيمة أو فن أو عناصر جذب تجارية، ووسط مخاوف من مرض مجهول يخشي انتشاره «انفلونزا الخنازير» الذي يكون التجمع في مكان مغلق ومحدود أول وأهم أسباب انتشاره؟!. الاجابة عن هذا السؤال بسيطة للغاية، ودائماً ما تتكرر في شكل ايرادات عالية في صالات العرض ولا نحاول أن نبحث عن أسبابها، ونتصور أن هذا النجم أو ذاك سره باتع أو محظوظ أو موهوب للغاية فتأتي من خلاله الايرادات القياسية، ولكن الحقيقة الوحيدة في هذا الأمر هي أن 25% من شعبنا من الشباب بين سن عشر سنوات و22 سنة، وهؤلاء هم جمهور السينما الكبير من ناحية، ومن ناحية أخري تعد السينما لهم من وسائل الترفيه والتسلية القليلة في بلادنا، وهي لا تزال من أرخص وسائل الترفيه التي تستهلك الوقت، وتمثل «فسحة» لقضاء سهرة لتجمع الأصحاب أو الزملاء أو الأصدقاء أو الأسرة - في بعض الأحيان - وفي العيد تحديداً تصبح الحدائق والفسحة النهرية والسينما في برنامج الاحتفال بالعيد والمناسبات والأجازات. من هنا، فإن المستوي الضعيف ولا أريد أن أقول المتدني لأفلام المقاولات السينمائية التي تصنع خصيصاً للتسويق في الفضائيات، والتي تأتي أفلام العيد هذا العام نموذجاً لها لتمثل جريمة في حق المواطن والشباب المصري الذي يدفع الملايين من أجل مشاهدة السينما التي أصبح معظمها الآن من صناعات «بير السلم» السينمائي.