قائمة المغضوب عليهم من الضباط شملت قيادات كبيرة تعرضت للقمع وبدأها اللواء حمدي البطران وهو أول روائي مصري تناول فترة عمله في وزارة الداخلية من خلال تأليف رواية «يوميات ضابط في الأرياف» علي غرار رائعة توفيق الحكيم «يوميات نائب في الأرياف» وعقب نشر الرواية تعرض البطران إلي محاكمة تأدبيبة وامتدت العقوبة إلي ألا يتولي منصبا في وزارة الثقافة! والمتابع للإنتاج الأدبي للبطران يجد أنه أديب حتي النخاع، ومما ينفي عنه ترصده الكتابة لتجاوزات الداخلية فإن أول رواية له بعنوان «اغتيال مدينة صامتة» وفازت بجائزة المركز الأول لنادي القصة واصدر في مرحلة لاحقة رواية «يوميات ضابط في الأرياف» ليتعرض للمحاكمة ويخرج علي المعاش رغما عنه.. ولكي يخرج من التجربة القاسية كتب «خريف الجنرال».. كتب البطران روايته «يوميات ضابط في الأرياف» في فترة وقع فيها الشعب بين مخلبي الشرطة والارهابيين - علي حد قوله - ولم يتمكن من الخلاص من هيمنة تلك المشاهد إلا بالكتابة وفي رواية «خريف الجنرال» فإن البطران حذفت له دار النشر العديد من مشاهد التعذيب. المغضوب عليه الثاني هو العقيد محمد الغنام وكان يرأس القسم القانوني بوزارة الداخلية وفي عام 1997 طلب إعفاءه من بعض مهامه، وبالتحديد تحضير تهمة ملفقة لرئيس تحرير جريدة الشعب، وكانت الجريدة أتهمت وزير الداخلية وقتها - حسن الألفي - وابناءه بالرشوة، وتحدث الغنام إلي صحف المعارضة فاضحا مؤامرة الداخلية ليتلقي عدة تهديدات بالقتل وتعرض في شهر فبراير 99 إلي محاولة للتصفية الجسدية بمحاصرة سيارته بين شاحنة وسيارة لنقل الموتي، وفي شهر يناير من العام ذاته أحيل إلي التقاعد وحكم عليه بالسجن 19 يوما! وحرمانه من السفر إلي فرنسا ولجأ الغنام إلي السفارة السويسرية في القاهرة وحصل علي تأشيرتها إلا أن السلطة منعته من السفر. وتدخل السفير السويسري وطلب الاستفسار حول منع الغنام من السفر، ووافقت الحكومة المصرية علي سفره بعد عرض المفوضية السامية لحقوق الإنسان لقضيته وتهديد محامية أمريكية بتقديم شكوي ضد الحكومة المصرية أمام المحكمة الافريقية لحقوق الإنسان ليستقر الغنام في مدينة جنيف ومن هناك اتهم الغنام الرئيس مبارك باستاد المناصب القيادية في وزارة الداخلية للمنحرفين والذين سبق إدانتهم في قضايا اختلاس للمال العام وسرقة ودلل علي اتهاماته بقضية اللواء كامل طلعت الذي اتهم بالاستيلاء علي أموال مخدرات محرزة وقضية اللواء عمر حسن عدس المتهم بسرقة بحث علمي. المغضوب عليه الثالث هو المقدم عمر عفيفي صاحب كتاب «عشان ماتنضربش علي قفاك» والذي فضح الداخلية وتجاوزاتها من خلال الكتاب، وهرب إلي أمريكا محذرا الداخلية إن «مست شعرة من أبنائه بأي أذي». مغضوب عليه آخر هو العميد محمود قطري صاحب رواية «ضابط في مدينة الذئاب» ول «قطري» رأي في ضباط الداخلية يتمثل في أن هؤلاء الضباط مثل الطيور الخرساء لا يجرؤن علي الكلام أو لا يسمح لأحدهم بإبداء رأيه لأن الداخلية تدار بالفكر الشمولي، فمدير الأمن يلغي قرار الحكمدار، والمأمور يلغي قرارات ضباطه ومساعديه وللأسف لا يتم ذلك تحت مسمي الفكر الجديد لأنه لا مكان له في وزارة الداخلية، مشيرا إلي أن معظم ضباط الشرطة يتسمون بالخوف والانصياع الأعمي للأوامر دون تفكير حتي بعد خروجهم من الخدمة يستغلون نفوذهم لقضاء مصالحهم الشخصية .