منذ بداية طرح مسألة اعداد دستور جديد للبلاد بدأت حرب التصريحات بين الاخوان المسلمين من ناحية وبقايا القاعدة والتيار الجهادى التكفيرى من ناحية أخري. الصراع بدأ منذ أول تصريح للدكتور أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الذى شن خلاله هجوما حادا على سياسة الاخوان المسلمين وطريقة ادارتهم للبلاد بعد أن تخلوا عن شعار «الإسلام هو الحل» - حسب وصفه- واتجهوا لأساليب علمانية فى اداراة شئون البلاد، ثم بدأ يلوح عالميا بأن أسامة بن لادن كان عضوا فى جماعة الاخوان المسلمين الذين تخلوا عن تعاليم الدين حسب زعمه، وهو ما نفته الجماعة، الأمر أيضا انعكس داخليا على أتباع القاعدة حيث أعلن محمد الظواهرى رفضه لمشروع الدستور الاخوانى المستفتى عليه قائلا: إن مجرد طرح شرع الله للاستفتاء يعد كفراً بيناً ولا يجب أن نتناول الأمر هكذا، وأن السيادة لا يجب أن تكون للشعب بل هى لله وحده ويجب أن تحل هذه المعضلة بإجراء استفتاء فى المحافظات حول تطبيق الشريعة ومن أراد أن ينضم لدولة الايمان عليه أن ينضم لمحافظات تطبيق الشريعة أما من اختار دولة الكفر -حسب وصفه- فعليه أن يعيش فى المحافظات الأخرى وأضاف الظواهرى أن الديمقراطية كفر وشرك بالله وأساس الحكم الشرعى أنه لا تداول للسلطة بين مسلم وكافر، اذ كيف تعتبر الشعب إلها نرضخ لتعليماته ونمنحه حق تحليل وتحريم الأمور وأشار إلى أن هذا الدستور هو دستور شركى يتنافى مع تعاليم الاسلام لأنه جعل التشريع حق للشعب وليس لله. وأكد أن ما تقوم به جماعة الاخوان والرئيس مرسى من محاولة استرضاء الغرب بعبارات الديمقراطية وحقوق الانسان مرفوض تماما وقال: «نحن لن نخضع لأوروبا ولا أمريكا ولا تعنينا قوانينها ولا تقاليدها ولسنا مطالبين بتطبيق أفكارها المشركة بل مستعدون لمواجهتها اذا لزم الأمر من أجل اقامة دولة الايمان. وأكد أن «تطبيق الشريعة مسئولية كل مسلم سواء قبلت الدولة بدستورها أو رفضت فلا ينبغى أن تكون الكراسى والمناصب هى الأمل الأسمى لمن يطلقون على أنفسهم أبناء التيار الاسلامى». ولذا يجب أن تكون هناك هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أيضا جاء ظهور الشيخ أحمد عشوش زعيم السلفية الجهادية بشكل علنى لأول مرة ليعلن رفضه لما أطلق عليه دستور «الكفر والفجور» فى سيناء ليلقى بخطبة وسط مئات من أبناء سيناء خاصة مدينة الشيخ زويد التى تتركز فيها العناصر الدينية المتشددة والتى تلاحقها قوات الجيش والشرطة لتعلن تحديا واضحا وصريحا ليعلن رفضه للدستور الجديد وينتقد صراع الاخوان والدعوة السلفية على السلطة متجاهلين الشريعة التى يجب أن تكون فوق دستورية. بعد هذه التصريحات التى تقول بتطبيق الشريعة بعيدا عن الدستور بدأت هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تستعيد نشاطاتها مرة أخرى بعد أن أرسلت رسائل تهديد لباعة السجائر بسيناء باعتبارهم مفسدين فى الارض لأنهم يدمرون أهالى سيناء ويخالفون شرع الله، وأكدوا أنهم سيقومون بقتل كل تجار المخدرات بغض النظر عن الدستور والقانون وكانت الجماعة قد أعلنت منذ شهور مسئوليتها عن قتل شاب السويس الذى كان يسير مع خطيبته كما قامت بقتل شخص آخر فى الشرقية يمتلك فرقة موسيقية واعتدت على فتاة مسيحية تسير فى الشارع بدعوى أنها متبرجة ولم يتم اصدار أى حكم أو عقاب ضد الجماعة. الخطير فى الأمر أن العديد من أبناء التيار السلفى صوتوا على الدستور، حيث يقول الدكتور محمد جلال القيادى بحزب الفضيلة السلفى إن حزبه صوت بنعم رغم أنه كان يقصد أن يقول لا لدستور لا يرضى به مؤمن ولا كافر ولكن هذه المرحلة تعد مرحلة انتقالية تتيح وضع تشريعات تسمح بتطبيق الشريعة فى البرلمان القادم وإن لم يتم ذلك بالتأكيد سيحدث صدام حتمى بين الحكومة والتيار السلفى الذى لن يقبل بأنصاف الحلول. نشر بتاريخ 31/12/2012 العدد 629