فى ختام موجتها الثانية وصلت الثورة لأبعد محطات قطارها، الأقصر. حسمت الثورة المسألة نهائيا: لا تراجع عن إتمام التغيير شاء من شاء وأبى من أبى.. والعاقل من اتعظ بمبارك. سواء نجح المتأسلمون فى تمرير دستورهم المعيب أو فشلوا.. هاجموا الاعتصام فجر السبت أو تركوه.. الثورة مستمرة قطاراً منطلقا يذهب ويعود ليحمل ركابا جدد وينطلق.. خرجت عرباته الأولى قبل نحو عشرين شهرا من القاهرة والمحلة والسويس والاسكندرية لتصل بالثورة لأبعد مدى شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. تفك أغلال الخوف وتحرك وتطهر حتى وصلت للأقصريين. الأقصر آخر محطات قطار الثورة ليس لبعد المدينة الصغيرة الجغرافى عن العاصمة، فأسوان أبعد منها لكنها تعج بالأنشطة من مصانع وشركات ومستشفيات ومعاهد ونواد ومؤسسات المجتمع المدنى «مثلا مركز هشام مبارك مقره القاهرة وفرعه بأسوان» وكلها تنظم وتمكن المواطنين. لكن طبيعة وحجم النشاط السكانى للأقصريين غير مشجعين على الثورة بعنصرية السياحى أو الزراعي، أضف إلى ذلك غياب طبقة وسطى عريضة متعلمة هى نواة أى ثورة، وأخيراً أزمة اقتصادية، لغياب السياح، سحقت النفوس بغلق ورش الحرفيين والمتاجر الصغيرة مع غلق الفنادق والمطاعم. تخطيط شيطانى لشرطة تعمدت الانفلات الأمنى منذ بدء الثورة، فسمعنا من الأهالى قصصاً كثيرة حزينة. بداية لست من الأقصر ولم أزرها سوى مرتين قبل مطلع هذا العام كمرافقة لزوجى فى مؤتمر طبي. هالنى الوضع فتجاذبت الحديث مع بعض الأهالى وكان طبيعياً أن اقترح أن تكون أجازتنا العائلية المخطط لها منذ أشهر هناك بالأقصر، وان يجذبنى جناح الأقصر تحديدا بمعرض الأسر المنتجة قبل شهرين لشراء مشتروات بسيطة من هناك ثم طلبنا تصنيع طاقم كامل من الألابستر الأقصرى المتميز تشجيعا لهم. ما بين تجربتى مع الأستاذ محمد حمزة خليفة «رئيس النقابة المستقلة لمصنعى الألابستر بالأقصر» الذى تعرفت عليه بمعرض الأسر المنتجة بالقاهرة، وبين «رئيس النقابة المستقلة للعاملين بفندق ونتر بالاس» الأستاذ حمدى عليان الأسمر المهذب المهيب الذى شرفت بالحديث معه والاستماع لتجربتهم النقابية والمهنية الحضارية قبل أيام قليلة أثناء اقامتى مع العائلة بالفندق فى الأقصر.. شاهدت التغيير فى النقابات المستقلة تتفتح هناك رءوس جسور تضيق المسافة بين المواطنين وحاكميهم. الفندقى النقابى العظيم يلقى من العنت الكثير بتجاهل رئيس مجلس الإدارة ومديرى سوفيتيل وإيجوث واوبروى لمطالبه ومستحقات زملائه العاملين المشروعة فيماطلونهم فى سداد مستحقاتهم ولم يحضروا إلى العاملين بالفندق المهددين بالاعتصام إلا عشية احتفال 90 عاماً على اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون التى حضرها وزيرا السياحة والآثار والسفيرة الأمريكية لتأمين عدم تنفيذهم الإضراب. لكننى لا أخاف عليهم.. سيصمدون وسيحصلون على حقوقهم..اليوم أو غدا.. حتى برئيس جمهورية معاد للحريات والحقوق النقابية يصدر سراً تعديلات مشبوهة على قانون معيب دستوريا بدلا من اصدار قانون الحريات النقابية الذى أعده د.أحمد حسن البرعى وطالما انتظرناه. هذا لأنى رأيت مصر الجديدة تخلق رغم تأكيد الجميع بالفندق وخارجه أن الأقصريين لا يثورون وحين كان التحرير يموج يوم الجمعة 23/11 بالمتظاهرين انفرد أحمد أبوبركة ببضع عشرات فى ميدان صلاح الدين يبيع لهم الاعلان الدستورى بلا أى حركة تذكر لتيار مختلف لكنى رأيت الثورة. ثم فى تظاهرة الاربعاء 28/11خرج المئات من العاملين بقطاع السياحة بالأقصر بمسيرة احتجاجية من ميدان صلاح الدين رفضا لقرارات محمد مرسى وشارك فيها اتوبيسات شركات السياحة بالاقصر. المئات من العاملين بالسياحة يهتفون «يسقط حكم المرشد»، «يا الأقصر اصحى وصحى شبابك مرسى قفل بابك». مظاهرة شارك فيها جميع العاملين بالسياحة من الغرف السياحية، ونقابة المرشدين، ونقابة البازارات. تحية لأهل الأقصر وتحية لآباء النقابات المستقلة «خالد على وكمال أبوعيطة وأحمد البرعى وزملائهم» وللثوار فى كل ميادين مصر.. الثورة مستمرة . نشر بالعدد 625 بتاريخ 3/12/2012