اندلعت معارك عنيفة، اليوم، بين قوات متنافسة في الجيش البوروندي للسيطرة على العاصمة، غداة انقلاب بقيادة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات للإطاحة بالرئيس بيار نكورونزيزا. وتركزت المعارك حول مجمع الإذاعة والتليفزيون في حين توقف البث، أما الرئيس فكان موجودا في تنزانيا المجاورة حين أعلن عن الانقلاب ولا يزال في مكان سري في دار السلام، وفق مسؤولين تنزانيين. ونقل مراسلون ل"فرانس برس"، إن أصوات الطلقات النارية والتفجيرات استمرت طوال الليل وازدادت حدة فجرا، وبعد فترة قصيرة من الهدوء، وبعدما بثت الإذاعة الحكومية رسالة من نكورونزيزا، شنت قوات الانقلاب هجوما واسع النطاق. وقال مدير في الإذاعة، موجود في المبنى عبر الهاتف، "نتعرض للهجوم، إنه قوي جدا. تم قطع جهاز الإرسال، لا يمكننا البث". وبدت الشوارع خالية من المدنيين في حين كانت أصوات اشتباكات متقطعة تسمع من مناطق أخرى في المدينة وارتفعت أعمدة الدخان في سمائها. أكد المتحدث باسم الانقلابيين فينون ندابانيزي، "نسيطر عمليا على كل أنحاء المدينة. الجنود الذين ينتشرون هم إلى جانبنا"، إلا أن الطرف الثاني، المتمثل بقوات موالية لنكورونزيزا، أعلن الأمر ذاته، وليس واضحا حتى اللحظة من هو الطرف المسيطر فعليا. وكان رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال برايم نيونغابو، الموالي لنكورونزيزا، أعلن عبر الإذاعة، أن محاولة الانقلاب بقيادة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجنرال غودفروا نيومبار فشلت. إلى ذلك، شن موالون للرئيس هجمات ضد مؤسسات إعلامية مستقلة في العاصمة، واندلع حريق في راديو إفريقيا العام بعد إصابته بقذيفة. وتأتي محاولة الانقلاب بعد أسابيع من التظاهرات الدامية التي أعقبت إعلان الرئيس عن نيته الترشح لدورة رئاسية ثالثة. وأثارت الأزمة المخاوف من انتشار العنف في تلك الدولة الإفريقية الفقيرة، التي لا تزال تتعافى من حرب أهلية استمرت 13 عاما وانتهت في العام 2006 مخلفة مئات آلاف القتلى. وتؤكد جماعات معارضة وحقوقية، أن ترشيح نكورونزيزا نفسه لولاية ثالثة غير دستوري، حيث إنه في الحكم منذ 2005، لكنه يرد قائلا إن ولايته الرئاسية الأولى لا تحتسب لأنه انتخب من قبل البرلمان وليس من قبل الشعب مباشرة. ويعتقد نكورونزيزا، قائد الميليشيا السابق المسيحي من غالبية الهوتو، أنه وصل إلى الرئاسة بدعم الهي. وقتل أكثر من 22 شخصا وأصيب الكثيرون منذ نهاية أبريل، بعدما أعلن حزب "المجلس الوطني للدفاع عن الديموقراطية - قوى الدفاع عن الديموقراطية"، ترشيح نكورونزيزا لانتخابات 26 يونيو، وليس معروفا حتى الآن عدد القتلى منذ الانقلاب. وأوناسفور ندايشيمي من الأقلية الذين خاطروا بالخروج في هذا الوضع المتأزم. وقال إنه حاول تفادي التعرض لإطلاق نار، مضيفا "رأتني الشرطة وأطلقت النار علي، وضعت يدي على رأسي وزحفت على الأرض". وفر أكثر من 50 الفا من أمال العنف إلى الدول المجاورة خلال الأسابيع الأخيرة، وتستعد الأممالمتحدة لاستقبال آلاف اللاجئين الجدد. وأثناء الانقلاب، كان نكورونزيزا في تنزانيا لإجراء محادثات مع قادة إقليميين. وحاول العودة إلى البلاد جوا، لكن القوات الأمنية المساندة للانقلاب أغلقت المطار. وقال مسؤول أمني في الرئاسة التنزانية، إن نكورونزيزا موجود في دار السلام، ولا يمكننا الكشف عن مكانه، ولا يمكننا أن نعيده إلى الفندق ذاته لأسباب أمنية". وأكد مراسل "فرانس برس"، سيطرة قوات الانقلاب على مطار العاصمة البوروندية، رغم تضارب الأنباء حول ذلك اليوم. وفي إطار ردود الفعل الدولية القلقة، دعا البيت الأبيض جميع الأطراف إلى إلقاء السلاح وإنهاء العنف وضبط النفس. وشدد الاتحاد الأوروبي بدوره على أهمية عدم خروج الوضع عن حدود السيطرة، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الهدوء، في حين أعلن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة الخميس لبحث الوضع في بوروندي. وفي رسالته أثناء إعلان الانقلاب، أكد نيومبار أنه لا يريد السلطة متعهدا إنشاء "لجنة لإعادة الوفاق الوطني" والعمل على "استئناف العملية الانتخابية في أجواء سلمية ومنصفة". ويحظى الجنرال نيومباري بالاحترام. وأقيل من منصبه رئيسا للاستخبارات في فبراير بعدما عارض محاولة الرئيس البقاء في الحكم. وكانت المحكمة الدستورية، أقرت بحق الرئيس في الترشح لولاية ثالثة، إلا أن أحد القضاة فر من البلاد مدعيا أن أعضاء المحكمة تلقوا تهديدا بالقتل.