كيف سنواجه الانقلاب العسكري؟ سؤال أصبحت الاجابة عنه حتمية وضرورية لما تشهده الساحة السياسية من أحداث سياسية تنبئ بانقلاب عسكرى ناعم صار واضح الملامح بإعلان دستورى جعل من الرئيس موظفاً بالقصر الجمهورى، ومن الجمعية التأسيسية للدستور أداة لتقنين وضع المجلس العسكرى لفترات طويلة قادمة، متناسياً ان هناك ثورة خرج فيها الملايين وضحوا بأرواحهم من أجل انشاء دستور يحقق اهداف المصريين فى انشاء مجتمع يقوم على العدالة والحرية والديمقراطية. «صوت الأمة» استطلعت خلال السطور القادمة آراء نخبة من رجال السياسة والقانون فى مصر حول كيفية مواجهة الانقلاب العسكرى . يقول د.ثروت بدوى أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة: الانقلاب العسكرى قائم منذ 11 فبراير 2011عندما استولى المجلس العسكرى على السلطة وانتزعها من مبارك بصفقة مشبوهة، كان الخاسر الأكبر فيها الشعب الذى تخلى عن ثورته وترك الميدان بمجرد تنحى مبارك، واستمر المجلس العسكرى فى اتباع كل الوسائل غير المشروعة للاحتفاظ بالسلطة، اما بالنسبة لما وصلت اليه البلاد من اوضاع متردية فلا مخرج منها سوى صمود الشعب مرة اخرى امام الطغيان العسكرى وتمسكه بحقوقه الاساسية التى قامت من اجلها ثورة 25 يناير، وبسؤاله عن مخرج دستورى للورطات القانونيصة والدستورية التى هوت اليها البلاد، قال بدوى ان الحديث عن مخارج قانونية فى هذا التوقيت هو مضيعة للوقت وتشتيت للصف، فالمجلس العسكرى الآن فى يديه كل السلطات من تشريعية وتنفيذية ورقابية، ولكن الحل الأمثل من وجهة نظرى هو الضغط الشعبى عليه فى الميادين ليتخلى عن جميع السلطات ومطالبته بالعودة إلى الثكنات. بينما أكد الكاتب الصحفى فهمى هويدى ان المجلس العسكرى يعبث بأمن البلاد ومستقبلها عن طريق تحريك عرائسه يميناً وشمالا لشق الصف وخلق فتن تكفى لإيصالنا إلى سيناريو سوريا أو ليبيا، فالبداية كانت مع اضافة مواد لم يستفت عليها الشعب إلى مواد الاستفتاء، مروراً بصفقات مع قوى سياسية معينة وخلق أزمات اقتصادية وسياسية ونهاية بقانون الضبطية والاعلان الدستورى الذى كشف النقاب عن ملامح الانقلاب العسكرى الذى أراده العسكر هذه المرة بعيداً عن استخدام السلاح وأدوات الجيش وإنما عن طريق الدستور والقانون، وأضاف هويدى ان تأجيل الإعلان عن نتيجة الانتخابات مناورة سياسية غرضها الانتظار حتى رؤية ما ستنتهى إليه حرب الشائعات بين حملتى شفيق ومرسى. من جانبه قال رئيس نادى القضاة الأسبق المستشار زكريا عبد العزيز: المجلس العسكرى يحكم البلاد بلا شرعية، ولا سند من القانون او الدستور، فعندما تولى السلطة يوم 11 فبراير 2011 تولاها بشرعية كان الشعب مصدرها، فلذلك لابد ان يكون هدفنا الآن هو الخروج فى جميع الميادين لاسقاط المجلس العسكرى فاقد الشرعية، والذى يريد اعادة البلاد إلى ما قبل الثورة حتى يتسنى له الانقلاب التام على السلطة، أما بالنسبة للإعلان الدستورى المكمل فقال زكريا انه لا يوجد شيء اسمه إعلان دستورى مكمل، ولا شرعية دستورية له الآن فقد أصدر هذا الاعلان أثناء انتخاب رئيس الجمهورية بالاضافة إلى أن المجلس ليست لديه مشروعية ليصدر أشياء مكملة أو غير مكملة فمهمته إدارة البلاد لكن ليس من اختصاصاته إصدار إعلان دستورى أو غيره. وقال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق: المجلس العسكرى استمد شرعيته من الشعب بعد الثورة وبناء عليها وضع إعلان دستورياً مؤقتاً ب 63 مادة وبالتالى فإنه فى هذه السلطة الثورية الدستورية هو الذى وضع الدستور المؤقت وله الحق فى تعديله أو إلغائه، ولذلك فإن سحب السلطة لابد ان يتم بنفس الطريقة التى منح بها المجلس العسكرى. وأكد جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد أن الاعلان الدستورى المكمل يحول مصر رسمياً إلى دولة عسكرية، وجعل الحكم الأصلى لمصر فى يد المجلس العسكرى، وعن حلول الخروج من الأزمة قال زهران لابد ان تكون البداية من السعى الجاد والفورى للحصول على وفاق مجتمعى بين كل من ناصر الثورة بكل أطيافهم السياسية والحصول على توافق ثورى كبير وشامل بين كل الكتل الثورية بكل أطيافها لمواجهة ما هو قادم مع العلم بأن الكثيرين ممن صوتوا لممثل النظام والعسكريين فى الانتخابات ليسوا من النظام بل كانوا من المنحازين إلى الثورة، ولكن ماحدث خلال طوال السنة ونصف الماضية جعلتهم يكفرون بالثورة والثوار الذين أتوا بالتيار الإسلامى ومنهم أيضاً المخدوعون من البسطاء. وأضاف زهران أنه لم يعد يتبقى أمامناً سوى بعض الصراعات التى يجب ان نخوضها قسراً وجبراً، متوحدين ومتوافقين مع كل القوى الثورية وعدم اهمال الشارع أبداً، بتوعيته فهو دائما الكتلة الحرجة التى يجب الحفاظ عليها، ورفض الاعلان الدستورى المكمل رفضاً قاطعاً صارماً سلمياً، وكذلك التوافق شعبياً. وانتقد الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة المسار الخطأ الذى خاضه الثوار منذ البداية وحتى مغادرة الميدان بعد التنحي، وهرولة الإخوان إلى العسكرى لعقد الصفقات، وتشرذم القوى الثورية وتناحرها فيما بينها وحتى داخل الكيان الواحد، وصدور الإعلان الدستورى الأول المعيب، وعدم المضى فى طريق الدستور، كل هذا وغيره من الاخطاء السياسية قادتنا إلى هذه الدوامة التى أدخلنا إليها «العسكرى» بقصد أحياناً وبتخبط وعدم دراية أحياناً أخرى، ولذلك حان الأوان لتصحيح المسار الثورى وعدم الهرولة وراء صفقات لم تجن من ورائها البلاد سوى الخراب والدمار على مدار عام ونصف العام. نشر بالعدد 603 بتاريخ 2/7/2012