سأكون صادقة معك ايها الرئيس فأنا ما بايعتك وما نزلت إلى الانتخابات لاختارك رئيساً للبلاد.. فأنا مثل غيرى من الكثير من الذين حصروا بين نارين وفى الاختيار الصعب أسقط صوتى لأبطل الطرفين.. وليس لى أجندة خاصة أو انتمى لأى حزب ولا أحمل فى قلبى أى حقد فما أنا إلا امرأة عادية تعشق تراب الوطن وتحمل همومه ومواجعه وتعيش آلامه وتمزقه.. ولن يكون خطابى إليك يا سيدى ممزوجاً بالتملق وكسب الرضا لأن شرارة الوعى التى اشتعلت فى نفوسنا بعد ثورة 25 يناير ولامست الحقيقة المرة وأتت بكل أبعاد الحكاية نزعت فتيل الخوف من قلوبنا.. ولأنك ياسيدى الرئيس وليد الديمقراطية فعليك أن تعطينى الحق فى أن امارسها معك وأقول ومن ذا الذى يمنع القول من الوصول.. فكم أحرق المغول كتباً وكم قصفت أقلام لأشرف الكتاب وأحكم العقول ورغم هذا مازلنا نكتب ومازلنا نقول .. أنا ياسيدى حظيت بأن أعيش فى معظم بلدان العالم من مشرقه إلى مغربه وعاشرت الكثير من الملل والأجناس قرأت آلافاً من الكتب وأسرفت العمر فى تثقيفى.. قرأت القرآن والانجيل والتوراه وغيرها من كتب الأديان وآمنت ايماناً مطلقاً بأن الله رب الكون والاسلام خير الأديان.. وأرفض رفضاً باتاً أن يأتى شخص ربما يكون أقل منى ثقافة ومعرفة ليفتى على ويعلمنى أصول دينى أو يتدخل فى علاقتى بالله سبحانه وتعالى.. ولن ولم ارتد الحجاب لأن حجابى داخلى ينبع من ضميرى ووجدانى.. وأنا فنانة أرسم ما أحسه وما ينبع من فكرى واحساسى التمس جمال الله وعظمته فى سحر الألوان وتفاصيل اللوحة وعظمة الابداع ولن ولم أسمح لأحد ما أن ينزع ريشتى من يدى أو يغتال فكرتى أو يمحى لوحتي.. فالفن بكل أنواعه هو حضارة الشعوب.. «افلاطون» هذا الفيلسوف المتمرس فى علم الحياة قال «علموا أولادكم الفن وأغلقوا السجون» فالفن ليس ترفيهاً وانما هو تهذيب وتثقيف وأنا مؤمنة بأن الأبداع يبعد الناس عن الجريمة ويقربهم من الله.. جاءنى خطابك ياسيدى الرئيس هادئاً وفيه شىء من التواضع حتى فى اختيار الألفاظ ولكن ما أقلقنى فيه أنك لم تتكلم عن الاعتراف بالحريات العامة والحقوق الفردية.. رغم اعترافك بأن الدولة ستكون مدنية ومن قواعد الدولة المدنية أن يكون الشعب صاحب السلطة والمحاسبة وتمكينه من اختيار الحاكم وتمكينه من المحاسبة والمراقبة لكل صاحب مسئولية اضافة إلى اعتماد مبدأ المواطنة بعيداً عن أى تمييز عرقى أو دينى أو مذهبى أو جنسى.. فإن فلسفة التشريع فى الاسلام قائمة على مبدأ تقرير حرية الانسان أولاً حتى يكون مطلق الارادة فى عملية الابتلاء فى الدنيا ولا يمكن للعدالة أن تتوفر فى ظل قهر الأفراد ومصادرة حرياتهم وحقوقهم.. فنحن يا سيدى نحلم جميعاً بأن يكون وطننا خير الأوطان.. نحلم بألا نعود للماضى بقسوته وسواد حلته فالثورة يا سيدى الرئيس مثل ما أخرجت أحلى ما فينا أخرجت أيضا أقبح وأسوأ ما فينا.. نحن يا سيدى محبطون.. مهلهلون منهزمون.. مفككون.. بعضنا يسحق رأس بعضنا والخوف من الآتى يملأ قلوبنا.. جروحنا مازالت تدمى على شهدائنا.. نفتقد الثقة فى كل من حولنا.. فلن نحتمل المزيد.. فهل لك يا سيدى أن تكون حقاً رجل الأفعال لا رجل الأقوال كما وعدتنا بخطابك؟ وهل أنت قادر على أن تنتزع الثقة من قلوبنا وتبدد مخاوفنا وقلقنا؟ وهل سيكون ولاؤك لمصر أم للخلافة الاسلامية؟ هل انت قادر على أن تأتى بحق كل شهيد وكل جريح وكل صرخة ثكلي أو مكلومة ستكون حقاً المهدى المنتظر الذى سيقود مسيرة الاصلاح والحرية والكرامة والشرف ولن تتوقف مهما تكن العقبات ومهما يكن حجم المكر والدهاء الذى يتمتع به معسكر الفساد؟ هل ستنحاز لجماعة الأخوان فيكون لهم الأولوية فى الوظائف أم ستعدل بين أطياف الشعب؟؟ إننى أشفق عليك ايها الرئيس فهذا الكرسى الذى ستجلس عليه ممتلىء بالشوك والمسامير أشفق عليك من هذا الحمل الثقيل.. فثمن الحرية كبير وباهظ ويحتاج إلى تضحيات وبطولات ويحتاج إلى وعى ويقظة وادراك وجرأة وشجاعة وعمل دءوب على أرض الميدان والتجربة هى خير برهان وليوفقك الله ويهدى شعبنا إلى طريق الحق والخير والجمال. نشر بالعدد 603 بتاريخ 2/7/2012