عشرون عاما توالت عام بعد الآخر، عقب رحيل شاعر الحب والثورة نزار قبانى، لم تفقد اعماله يوما بريقها وعشاقها، عشرون عاما لم تدحرج الحجر عن روائع قبانى فظل متألقا حتى بعد رحيله . كان لكلمته تأثير السحر فى قلوب النساء بالتحديد لما لمسه من حس مشاعرهن المرهفه ، معبرا عن أدق التفاصيل التى تجول بخاطر النساء ، فكان يمتلك قدرة تفوق الكثيرون من ابناء جيله من الشعراء ، فى تجسيد المشاعر الخاصة للمرأة فى كل تفاصيلها حين تحب وحين تكره ، في المرأة والحب والحرب، له ديوان شعريّ يُعدّ من الأكثر تداولاً، الذى يضم قصيدة إغضب "اغضب اغضب كما تشاءُ.. واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ حطّم أواني الزّهرِ والمرايا هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا.. فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ.. كلُّ ما تقولهُ سواءُ.. فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا.. اغضب! فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ اغضب! فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ.. كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً.. فإنَّ قلبي دائماً غفورُ اغضب! فلنْ أجيبَ بالتحدّي فأنتَ طفلٌ عابثٌ.. يملؤهُ الغرورُ.. وكيفَ من صغارها.. تنتقمُ الطيورُ؟ اذهبْ.. إذا يوماً مللتَ منّي.. واتهمِ الأقدارَ واتّهمني.. أما أنا فإني.. سأكتفي بدمعي وحزني.. فالصمتُ كبرياءُ والحزنُ كبرياءُ اذهبْ.. إذا أتعبكَ البقاءُ.. فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ.. والأعين الخضراء والسوداء وعندما تريد أن تراني وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني.. فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ.. فأنتَ في حياتيَ الهواءُ.. وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ. البيئة التى ولد فيها نزار قبانى كان لها أثر كبير فى تكوين شخصيته المُبدعة، فقد كان أبوه شاعرًا، فيما برع جده فى شتى صنوف الفن، وأحب الرسم والألون فى صغره، وانعكس المحيط الذى نشأ فيه والملىء بالزروع الشامية ذات الألون المتعددة، فأصبحت شخصيته مزيجًا متجانسًا بين الشعر والفن والرسم تنقل نزار بين عواصم العالم حتى استقر به الحال فى بيروت فى 1966، وأسس دار نشر «منشورات نزار قباني»، وكانت نكسة 1967 إيذانًا بتحوله من الشعر الرومانسى إلى الأشعار السياسية، والتى كان أشهرها «هوامش على دفتر النكسة». وخاض «نزار» تجربة الزواج مرتين كانت الأولى من ابنة خاله زهراء آقبيق، وأنجب منها هدباء وتوفيق الذى توفى فى 1973، ورثاه فى قصيدة بعنوان «الأمير الخرافى توفيق وخلال أمسية شعرية ببغداد التقى زوجته الثانية العراقية الجنسية بلقيس الراوي، والتى لقت حتفها فى تقجير انتحارى ببيروت إبان الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982، وقد أنجب منها زينب وعمر إثر وفاة «بلقيس» استقر فى لندن حتى وفاته فى مثل هذا اليوم الثلاثين من أبريل من عام 1998 عن عمر ناهز الخامسة والسبعين ودفن بمسقط رأسه فى دمشق. يذكر أنه احتفلت مجلة الهلال، التى يرأس تحريرها الكاتب الصحفى خالد ناجح، بمرور الذكرى العشرين على رحيل الشاعر العربى الكبير نزار قبانى الذى رحل 30 أبريل 1998، وتصدر العدد بصورة لشاعر المرأة بريشة الفنان عمرو الصاوى.