«الكل باعوك يا عوا».. هذا هو لسان حال محمد سليم العوا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية بعد أن تخلت عنه كل الاحزاب الاسلامية وأولها حزب الوسط الذي ينتمي اليه والذي كان أول المتحدثين في مؤتمره العام عقب حصوله علي الموافقة كأول حزب بعد الثورة وانتهي الامر بخروجه صفر اليدين في ترشيحات كل من حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الاسلامية والحزبيين السلفيين «النور والأصالة» وبعض الحركات الاسلامية الاخري ليجد العوا نفسه وحيدا في معركة الرئاسة بشكل دفع الكثيرين إلي مطالبته بالانسحاب المبكر والمشرف ودعم احد المرشحين الاسلاميين وهو ما يرفضه العوا حتي الآن، الغريب أن العوا الذي يصر علي خوض انتخابات الرئاسة، سبق وقال إنه لا يستطيع إدارة مكتبه المكون من 12 محاميا فكيف سيدير دولة بها 80 مليون مصري. البداية كانت عندما اعلن المفكر الاسلامي ترشحه رسميا لانتخابات رئاسة الجمهورية مؤكداً أنه لن يخوض الانتخابات تحت مظلة أي حزب وأنه سيترشح مستقلا، وعقد لقاءه الجماهيري بمسجد رابعة العدوية معلنا فيه أنه اتخذ قراره بعد مشاورات مع اصدقائه من السياسيين والمفكرين في مصر وخارجها وبعد تدشين مجموعة من الشباب حملة تدعوه للترشح موضحا أنه سيتبني المشروع الحضاري الاسلامي المصري الذي يدعو اليه دائما وسيستمر في الدعوة إليه لأنه توجد اعادة استثمار الانسان المصري لما فيه الخير للبلاد دون اقصاء لأي طرف أو تيار أو جماعة بسبب تفرقة علي أساس الدين. المثير في الامر أن حزب الوسط اعلن أنه سيؤيد العوا في انتخابات الرئاسة ، حيث استمر الحال هكذا إلي أن تغيرت خريطة المرشحين عقب اعلان عمر سليمان الترشح لانتخابات الرئاسة فأسرع حزب الوسط بدعوة المرشحين لتوحيد صفوف المرشحين واستمرت الاجتماعات إلي أن تم استبعاد سليمان ليجدها أبوالعلا ماضي وعصام سلطان فرصة للتراجع عن دعمهما للعوا، حيث اعلنا عقد لقاء لاختيار مرشحهما في انتخابات الرئاسة حيث جري تصويت داخلي اسفر عن فوز الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح بحصوله علي نسبة 63% ثم الدكتور محمد سليم العوا بنسبة 23% حيث كانت نتيجة صادمة للعوا وهو ما دفع الوسط إلي اصدار بيان أكدوا فيه أن كلا الرمزين الكبيرين الدكتور العوا والدكتور أبوالفتوح سيظلان رمزين للمدرسة الوسطية الاسلامية التي تمثل اغلب ابناء الشعب المصريبمسلميهوأقباطه ومختلف الاتجاهات الفكرية الوطنية وأن اختيار احدهما هو في حقيقته انحياز لفكرة الوسطية وهو ما يهم الوسط كحزب وفكرة ومشروع، ولم تكن صدمة العوا في الوسط الذي كان احد مؤسسيه والمدافعين عنه علي مدار 15 عاما فقد تلقي صدمة اخري من الاحزاب السلفية، ولعل شعوره بخيانة حزب الوسط له هو ما جعله يحاول التواصل مع الحزبين السلفيين «حزب النور والاصالة» إلا أن موقفهما كان واضحا من البداية بدعم مرشح اسلامي غيره بسبب ضعف شعبيته وهو ما حدث حيث قام مجلس شوري الدعوة السلفية والذي يمثل حزب النور بدعم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح رسميا وذلك بعد عمل انتخابات داخل مجلس الدعوة السلفية في حضور مائة وخمسين عضوا من اجمالي مائتين واربعة اعضاء وفاز الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح باكتساح بنسبة 80% من اصوات اعضاء مجلس شوري الدعوة السلفية، حيث كانت نتيجة فرز الاصوات تقدم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عن باقي المرشحين الاسلاميين، حيث تقدم علي مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والدكتور سليم العوا واعلنت الهيئة البرلمانية لحزب النور بغرفة مجلس الشعب ومجلس الشوري والهيئة العليا لحزب النور السلفي وحزب الاصالة السلفي دعمها رسميا للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وأمام تخلي النور والاصالة والوسط وميل الاخوان لمرشحهم «الاستبن» محمد مرسي لجأ العوا إلي الجماعة الاسلامية معتمدا علي رصيده من الدعم الذي قدمه للجماعة، حيث كان الشخص الوحيد تقريبا الذي دعم الجماعة الاسلامية في وقت خطير للغاية غابت فيه الجماعة وقادتها داخل السجون والمعتقلات، ولم يكن دعم العوا للجماعة الاسلامية جديداً أو مستحدثاً وانما تخطي حاجز العشرين عاما بل إنه تصدي لقضية مقتل المحجوب التي اتهم فيها الجماعة الاسلامية ونجح في انتزاع حبل المشنقة الذي ضاق حول رقبة صفوت عبدالغني ورفاقه في قضية تاريخية ومرافعة أقل ما يقال عنها إنها كانت مرافعة للتاريخ، وواصل دفاعه عنهم حتي تحولت إلي حزب سياسي مهم علي الساحة ورغم كل هذه الظروف خدعت الجماعة الاسلامية المدافع الاول عنها وقررت اختيار عبدالمنعم أبوالفتوح ليجد العوا نفسه وحيداً بلا أي دعم من أي تيار سياسي اسلامي، الامر الذي اضعف موقفه بشدة فطالبه البعض بالانسحاب من السباق بشكل مشرف افضل. في نفس الوقت فقد العوا أصوات الاقباط مبكرا بآرائه عن فرض الجزية عليهم، ثم كانت المعركة الاشهر التي خاضها ضد الكنيسة عندما طلب من وزارة الداخلية تفتيش الكنائس المصرية التي تحتوي علي كميات من الاسلحة التي يقوم الاقباط بتخزينها لسبب غير معروف وهو ما اشعل الدنيا لفترة ليست بقصيرة افقدتة اصوات الاقباط رغم انه حاول مغازلتهم الا ان موقفهم الرافض له لم يتغير ليظل العوا وحيدا في السباق الرئاسي بلا اي دعم من اي فصيل سياسي. نشر بالعدد رقم 595 بتاريخ 5/5/2012