· ارتبط لدي المواطنين بمحاولات حل القضية الفلسطينية.. وهو صاحب قرار فتح المعابر خلال اجتياح غزة لتقديم المعونات للأشقاء · نصيحته الغالية التي أفشلت محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا كانت «كارت» المرور إلي قلب وثقة الرئيس! · مكانته كبيرة عند الرئيس لدرجة أن مبارك أطلق علي حفيده الثاني اسم «عمر» · لا يسعي للأضواء الإعلامية ويتحرك تحت عباءة مبارك حاملا كل معاني الولاء والطاعة للحاكم وأسرته · يعرض علي الرئيس تقريراً يومياً عن معاناة الناس ويقترح حلولاً عاجلة لاحتواء غضب الشعب · متدين ويحافظ علي الصلاة ولكنه يحمل مظاهر العداء للإخوان المسلمين والمنظمات المرتبطة بها نظرات ثاقبة تنفذ إلي ذهن الآخر وتفتش في أفكاره، وملامح هادئة مهيبة وخطوات واثقة، وطريقة في الحديث تؤكد أنه يملك زمام الأمور والقدرة علي الانجاز.. هكذا يوصف عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، والصديق المقرب من الرئيس مبارك وأحد المرشحين لخلافته. «هو عمر محمود سليمان مواليد 2 يوليو 1935 بمحافظة قنا، بكالوريوس في العلوم العسكرية.. وماجستير في العلوم السياسية.. رأس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة ثم ترقي إلي درجة مدير المخابرات العسكرية ثم رئيس جهاز المخابرات بدءاً من 1993 حتي أصبح الرجل الأول المسئول عن الأمن القومي. ظل عمر سليمان بعيدا عن الأنظار والأضواء طوال فترة خدمته، كان يفضل العمل في صمت فرغم اشتراكه في كل الحروب التي خاضتها مصر بداية من حرب اليمن مرورا بنكسة 67 حتي نصر أكتوبر 73 إلا أنه حافظ علي مكوثه بالكواليس بعيدا عن الضوء وفي نفس الوقت حافظ علي تقدمه بثبات نحو المراكز القيادية.. الاختفاء عن الضوء والتقدم بثبات معادلة لم ينجح سليمان في تحقيقها مؤخرا فسرعان ما وجد نفسه محط الأنظار ليس علي المستوي المحلي فقط بل علي المستوي الدولي أيضا، وهو ما دفع المصريين إلي وضعه علي قائمة المرشحين لخلافة مبارك، خاصة أنه رجل حرب وسلام ويحظي باحترام الشعب والمؤسسة العسكرية وهو مالا يتوافر لدي الوجوه القليلة الأخري المرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية. واقعة مهمة هي التي وطدت أواصر الصداقة بين سليمان ومبارك وقذفت به ليصبح المبعوث الرسمي للرئيس إلي بلدان المنطقة هذه الواقعة هي محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس عام 1995 بالعاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» ونصيحته الغالية للرئيس والتي كانت العامل الرئيس في إفشال المحاولة التي امتلك عمر سليمان تفاصيل دقيقة عنها وطلب من الرئاسة ارسال السيارة المصفحة التي أنقذت الرئيس من الاغتيال. كانت هذه الواقعة «كارت» المرور الذي عبر به سليمان إلي قلب مبارك فأصبح صديقه الصدوق وكاتم أسراره الذي يجب أن يراه مرة أو مرتين يوميا لمناقشة جميع أمور الدولة معه وهي المكانة التي حظي بها سليمان فقط ووقف علي بعد خطوات منها اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية. وسرعان ما أوكل إلي رئيس جهاز المخابرات جزءاً كبيراً من مهمة القضاء علي التنظيمات الأصولية بالبلاد بالتنسيق مع وزارة الداخلية فبدأت عمليات الاعتقال والتصفية الجسدية لكثير من قادة الجماعة الإسلامية وأسرهم وهي الحرب التي ظلت لأكثر من خمس سنوات منذ عام 95 وحتي 2000 ورغم تولي سليمان رئاسة جهاز المخابرات عام 1993 أي قبل محاولة اغتيال مبارك بعامين إلا أن اسمه بدأ في التردد عقب حادث «أديس أبابا» فأصبح وزيرا بدون حقيبة وزارية، كما طالبه الرئيس بحضور اجتماعات مجلس الوزراء فصار يداوم علي ذلك قدر الإمكان وأوفده مبارك نيابة عنه إلي رؤساء دول عديدة بدور دبلوماسي يفوق دور أحمد أبوالغيط وزير الخارجية وهو ما يؤكد مدي ثقة الرئيس مبارك في رئيس جهاز المخابرات الذي نجح في الوصول إلي نتائج ملموسة في الملف الفلسطيني فقد توسط لتوقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار في غزة وذلك عقب عدة لقاءات عقدها مع الجانب الإسرائيلي، دفعت أحد قادة إسرائيل إلي وصف سليمان بأنه يتصرف بطريقة رئاسية، ويعبر عن اعتداد بالنفس يندر مثيله في أوساط كبار الموظفين في العالم العربي، ويبدو أنه اعتاد علي أن يتعامل معه الناس بوقار واحترام، والمحيطون به يعرفون ما يريد وما هي حاجاته حتي قبل أن يطلبها هو وتقدم له حاجاته في وقتها بالضبط، تصل القهوة أو الطعام أو المشروبات غير الكحولية أو السجائر إلي مكتبه وفق مواعيد دقيقة تماما، ومن دون الحاجة إلي إصدار تعليمات فهذا الأمر يجري كأنه أمر بديهي. وأدي تردد اسم سليمان في الأوساط المحلية والدولية إلي ترشيحه لتولي منصب نائب الرئيس وهو المنصب الخالي منذ 1981، وبعد تعديل المادة 76 من الدستور وإجراء أول انتخابات رئاسية عام 2005، طرحت القوي السياسية سليمان ضمن قائمة الوجوه المرشحة لخلافة مبارك وفضلّه الجميع لسببين أولهما أنه رجل عسكري استطاع إضافة الكثير إلي جهاز المخابرات منذ توليه رئاسته وثانيهما يتمثل في الكاريزما التي يتمتع بها وطريقة تعامله مع القضايا العربية. لكن الأسباب التي دفعت مبارك إلي التراجع عن تعيين نائب له هي نفسها التي ربما تمنع عمر سليمان من خوض انتخابات الرئاسة القادمة خاصة أن هذه الأسباب تتعلق بمشروع التوريث الذي استغرق وقتا وجهدا كبيرا من الرئيس ونجله جمال خلال السنوات العشر الأخيرة وهو ما يرد عليه البعض مستندين إلي أن الرفض الشعبي لنجل الرئيس واستياء المواطنين من التوريث سوف يدفع مبارك إلي تشجيع سليمان علي الترشيح في الانتخابات الرئاسية لخلافته خاصة أنه يحمل ولاء مطلقا للرئيس ونجله.. وهو الذي يظهر جليا خلال تعاملاته اليومية ورفضه إجراء حوارات صحفية أو الظهور في وسائل الإعلام ، وهو ما يعطي رسالة واضحة هي أن دوره محدد في إطار معين لا يريد الخروج عنه وأنه لا يسعي إلي أضواء إعلامية فهو يعمل كجندي ملتزم داخل مؤسسات الدولة وليس خارجها، ويترجم مواقف الرئيس دون مزايدة ولا يتخذ قرارات دون علم الرئيس ورؤيته، علاوة علي أنه ناقل أمين لهذه الأفكار إلي جانب أنه ينقل إلي الرئيس صورة الواقع بكل أمانة ودون تهويل أو مبالغة. مما يؤكد أنه يتحرك تحت عباءة مبارك ويحمل كل معاني الولاء والطاعة للحاكم ويتجسد هذا أيضا في موقف سليمان من جماعة الإخوان المسلمين فرغم أنه متدين ويحافظ علي الصلاة في مواقيتها - كما يؤكد المقربون منه - إلا أنه يحمل مظاهر العداء للجماعة والمنظمات المرتبطة بها مثل حركة حماس بفلسطين. ولأن سليمان مرتبط لدي المواطنين بمفاوضات حل القضية الفلسطينية والتدخل الفوري لصالح الشعب الفلسطيني فهو صاحب قرار فتح المعابر خلال اجتياح غزة لتقديم المعونات للأشقاء الذين يتعرضون لقصف الصهاينة فسوف يحظي بتأييد كبير من المواطنين. كل هذه المميزات والخبرات كفيلة بتوجه الجماهير إلي صناديق الاقتراع وانتخاب سليمان رغم الغموض الكبير الذي يحيط به والتكتم الشديد لآرائه فهو لم يدل بتصريح واحد حول الأحوال الداخلية وفشل الحكومة في تحقيق اصلاحات جوهرية بالبلاد سواء اقتصاديا أو سياسيا، وإن كان البعض يعزي انخفاض أسعار بعض السلع مؤخرا وتقديم بعض رجال الحزب الوطني للمحاكمة في قضايا فساد إلي عمر سليمان الذي يعرض تقريرا يوميا للرئيس عن متاعب الناس وسخطهم علي حكومة الحزب الحاكم ويضع له في نهاية التقرير معالجات سريعة تعمل علي احتواء غضب الشعب. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل أقسم عمر سليمان علي حماية مبارك ومساعدة الوريث في الوصول إلي الحكم؟ بحسب خبراء بما يدور في قصر الرئاسة فإن عمر سليمان قد حلف اليمين «السرية» منذ عام 2003 باعتباره مرشح المؤسسة العسكرية التي ينتظر الجميع في مصر أن تتولي ضبط الأمور في حالة الغياب المفاجئ للرئيس ووفق هذا اليمين يتعين علي سليمان حماية عائلة مبارك من الانتقام السياسي أو الرغبة في محاكمتها جنائيا وذلك في حالة إذا ما فشل سيناريو توريث الحكم إلي جمال مبارك، وهو ما يعني أن المؤسسة العسكرية تملك خطة لتأمين مصر وأن مؤسسة العائلة الحاكمة وصلت إلي حل سحري لعدم المساس بها بعد رحيل الرئيس الأب. ولأن رئيس المخابرات يرتبط بعلاقة وثيقة مع أسرة الرئيس مبارك وهو ما ظهر من خلال شهادته علي عقد زواج جمال مبارك من خديجة الجمال منذ ما يزيد علي عامين وهو ما يشير إلي أنه شخص من العائلة فإن سيناريو حمايته لأسرة الرئيس ودعمه للوريث يظل مطروحاً، خاصة أنه «سر أمن الرئيس» كما يطلق عليه فهو أول من يقابلهم مبارك وآخر من يتشاور معهم قبل النوم ويقال إن مبارك أطلق علي حفيده الثاني اسم «عمر» حباً في رئيس جهاز المخابرات. سيناريو آخر يطرح نفسه وهو أن عمر سليمان قد حصل علي الضوء الأخضر للظهور مؤخراً وتداول اسمه ولقبه بوسائل الإعلام المختلفة لتهيئته لتولي البلاد في مرحلة انتقالية يتولي بعدها الوريث جمال مبارك ويعزز هذا السيناريو الرفض الشعبي الكبير لانتقال السلطة إلي الابن غير المرغوب فيه بشكل جزئي من المؤسسة العسكرية وبشكل كلي من الشعب المصري، في هذا السيناريو يبدو عمر سليمان «محلل» لتوريث العائلة وهو ما يخالف شخصية رئيس المخابرات وهو شخصية لايمكن أن ترضي بدور الجسر الذي تعبر عليه عائلة مبارك لتحكم مصر بالوراثة. ملأت أرجاء مصر منذ سنوات شائعة قوية حول اصابة رئيس جهاز المخابرات بمرض السرطان وأنه يخضع لعلاج مكثف بشكل دوري، هذه الشائعة فسرها البعض بأنها خرجت من عباءة النظام «آل مبارك» وأنها نتيجة طبيعية لصعود أسهم عمر سليمان في الفترة الأخيرة وترشيحه من قبل الشعب لخلافة مبارك في الوقت الذي ازداد فيه الرفض الشعبي للتوريث. كما أن سليمان يملك خيوطاً مع أطراف متعددة في المنطقة والعالم، فالولايات المتحدة تراه رجلاًِ ذكيا منذ أن أرسل لها تحذيرات من عملية إرهابية لتنظيم القاعدة قبيل 11 سبتمبر كما أن كراهية إسرائيل وغضبها عليه يمنحه بعض الشعبية في الأوساط المتابعة لرحلاته المكوكية التي انتقل فيها من فلسطين إلي دارفور وهي دوائر حركة تقليدية لجهاز المخابرات منذ عهد عبدالناصر وأخيراً فإن انشغال رجال مبارك في الحفاظ علي مواقعهم في لحظات التغيير واقتناص قطعة من الغنائم قبل تفكك النظام تجعله رجل اللحظة الذي يجمع بين صفات مطمئنة لمؤسسات تحكم مصر منذ 56 عاماً وبين مرونة تبيح له التعامل مع ديناصورات العالم الجديد وتجعله مع مجتمع مدني وانتخابات ديمقراطية لكن تحت السيطرة. من ناحيته أكد الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوري أنه وفقا لتعديلات المادة 76 من الدستور فلا يجوز لرئيس جهاز المخابرات «عمر سليمان» ترشيح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية فهو لاينتمي لأي حزب. وأشار درويش إلي أن تعديلات المادة 76 قام بها مجموعة من «ترزية» القوانين لتفصيلها علي مقاس الوريث، فالشروط والمواصفات التي تم تحديدها لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية لاتنطبق إلا علي نجل الرئيس، وهذه التعديلات كان ينقصها والكلام علي لسان الفقيه الدستوري كتابة وتحديد اسم المرشح وهو جمال محمد حسني مبارك، وشدد درويش علي أن هذه التعديلات تنفي ما يقال حول وجود انتخابات رئاسية، فكيف تكون هناك انتخابات إذا كانت كل الشروط لاتنطبق إلا علي شخص.. هو نجل الرئيس؟