صحيح أخطأ حزب الله في تشكيل تنظيم صغير له، في مصر من وراء ظهر الدولة، حتي لو كان هدفه شريفاً ونبيلاً وهو دعم المقاومة الفلسطينية وصحيح أن هذا يمس أحد أركان الأمن القومي المصري وما يسمي بسيادة الدولة ورغم أنها دولة بلا سيادة فعلية علي سيناء وإن تقعر وتفلسف إعلاميو لجنة السياسات ومديرو المراكز الاستراتيجية في بلادنا بخفة لا يحسدون عليها، ورغم ان كل هذا صحيح إلا أن الأكثر صحة هو أن الخطر الحقيقي علي أمن مصر القومي إذا ما فهٌم باعتباره أمن الوطن والشعب وليس أمن النظام وحساباته الضيقة ، يأتي في تقديرنا من مصدرين رئيسيين هما :الأول : هو العدو الصهيوني وأذنابه من المطبعين وتابعيهم وتابعي التابعين بغير إحسان وما اكثرهم في بلادنا والذين وجدوا في (خطأ حزب الله) مناحة وفرصة ليسددوا فيها الطعنات لكل من هو مقاوم وشريف وكأنهم فعلا غيورون علي أمن مصر رغم أنهم كانوا ولا يزالو أول من تاجر وأضر وأهان هذا الأمن في معناه الصحيح . أما المصدر الثاني للخطر والذي سيطال قريبا رؤوسا قد أينعت وبعضها شاخ علي مقاعده من أركان نظامنا العتيد ،وهم هؤلاء الوهابيون الجدد أصحاب فكر الغلو والتكفير القادم إلينا من صحراء البداوة والنفط،أولئك الذين أسماهم العلامة الراحل الشيخ محمد الغزالي بأصحاب (فقه البداوة) هؤلاء هم مصدر الخطر القادم علي مصر ،شعبا ومؤسسات وثقافة إسلامية معتدلة وأزهر ومجتمع مدني ،هؤلاء هم الذين حرموا كل شئ وكفروا كل المذاهب الشيعية والسنية،وأحدث فتاويهم هي تحريم إنارة المقابر والتي أصدرها أحد الوهابيين من مملكة آل سعود واسمه (فيصل العتيبي)وفقا لما نشرته صحيفة عكاظ الأسبوع الماضي ومن قبل حرموا تقديم الزهور للمرضي لأنه تقليد غربي، وحرموا كروية الارض ، وحرموا المظاهرات المساندة لأهلنا في غزة،وحرموا الجهاد من غير موافقة ولي الأمر، وكفروا أتباع المذاهب السنية المختلفة ومنهم (الاشاعرة)مذهب الأزهر الشريف ولكنهم حللوا مساندة الاحتلال الامريكي للعراق (في الحرب الاولي 1990 والثانية2003 )ورحبوا بالقوات الامريكية وأيدوا إسرائيل في حربها ضد حزب الله وإن بطريق ملتوي (هل تتذكرون فتوي ابن عثيمين) هؤلاء التكفيريون الغلاة لهم أتباع كثر في مصر ولهم قنوات فضائية ومشايخ يستخدمون لفظ (التكفير) مع كل وجبة إفطار ،وكأنهم يتسلون بها ،هؤلاء هم العدو فاحذروهم،هؤلاء سيطيحون بأركان الامن القومي المصري الحقيقية ، ولا داعي لأن تفرح أجهزة أمن الدولة بهم حين يقولون لهم انهم رجالهم ضد الإخوان والجماعات الاسلامية وقوي التيار اليساري والليبرالي فهذا تكتيك مؤقت وسرعان ما سيتحول الي تنظيم قاعدة سيناوي او قاهري او صعيدي ،فإذا كان ما ارتكبه حزب الله خطأ فإن ما سينتظر مصر من هؤلاء خطيئة ولا داعي لأن يصرف نظامنا الانظار بعيدا عن الاخطار الحقيقية ليقدم لنا أخطاراً وًهمية أو علي الاقل ليست في مستوي خطورة هذا التجييش الفكري والفقهي التكفيري القابل لان يتحول في لحظة قريبة الي قنابل تنفجر في وجه الوطن فلا داعي لأن تأخذه لعبة المصالح المؤقتة مع نظامي السعودية وإسرائيل لينسي المصالح الاستراتيجية للوطن وللأمة التي تهددهما هاتان الدولتان والتاريخ والوثائق تشهد إننا بالطبع ضد أن يتهم الناس في دينهم ،أو أن تصادر حريتهم العقائدية او السياسية ،ولكننا في الوقت ذاته لسنا مستعدين لأن نجلس صامتين وهذه الحقائق المرة تزيف أمامنا وان يتساوي فعل للمقاومة بأفعال للعدو،ولدعاة العنف ضد الابرياء الآمنين دعاة التكفير الحقيقيين فهؤلاء هم مصدر الخطر الحقيقي القادم علي مصر فانتبهوا ايها السادة المحرضون ،والمزيفون والجالسون علي مقاعد الحكم ،ومقاعد الاعلام فالنار تحتكم وأنتم لا تعلمون..والله أعلم.