شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً في رد الفعل الأمريكي تجاه قضية إحالة بعض العاملين في منظمات المجتمع المدني للقضاء. وربطت صحيفة «النيويورك تايمز» بين القضية وما يحدث في مصر خلال الوقت الراهن، حيث كتب دافيد إجناتيوس في عموده: إن الرابط بين الثورة الديمقراطية وإحالة 19 أمريكياً من المدافعين عن الديمقراطية للمحاكمة هو أن الثورة في مصر مرتبكة تبحث عن أشخاص كي تلقي باللوم عليهم في مشاكلها. مضيفا: إنه يتعين علي الولاياتالمتحدة أن تكبح جماح غضبها خلال الوقت الراهن وأن تتجنب قراراً متسرعا بقطع المعونات لمصر حتي لاتزيد الطين بلة.وفي نفس الصحيفة كتب مورجان روش: إن الاتهامات التي وجهتها الحكومة المصرية للعاملين في منظمات المجتمع المدني تبين أن التغيير في مصر يحدث ببطء، ويري أن الأفعال المصرية تنذر بعواقب وخيمة حيث إن الإدارة الأمريكية لن تسمح بوجود مواطنين أمريكيين رهائن لحكومة استبدادية، ويطالب الحكومة الأمريكية بتجميد المعونة لمصر بشكل فوري وتبني موقف أكثر صرامة علي ضوء الأحداث الأخيرة. أما أبيجال هاوسلونر، فكتب في مجلة «تايم» إن إعلان المحققين المصريين عثورهم علي خرائط مكتوبة بالإنجليزية تقسم مصر لأربعة أجزاء قد يبدو أمراً مثيراً للضحك وفقاً لمعايير العدالة الأمريكية ولكن الأمر لا يبدو كذلك، بل هو أمر خطير للغاية عندما يتعلق بمستقبل أحد أهم العلاقات الثنائية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويري الكاتب أن هذا الخلاف الدبلوماسي قد يبدو غير ملائم من وجهة نظر الجنرالات في مصر، والأرجح أن الأمر كان مجرد دعاية محلية خرجت عن نطاق السيطرة. ويري ميشيل دون الخبير في شئون الشرق الأوسط في مجلس الأطلسي وهو أحد المراكز البحثية الأمريكية أنه لو افترضنا أن هؤلاء الجنرالات منظمين بشكل جيد ومخططين بارعين، فعندئذ سيكون من الصعب فهم ما يفعلونه. ويضيف "أعتقد أنهم وضعوا أنفسهم في موقف تطور ليصبح أقرب للمواجهة مع الولاياتالمتحدة مما كانوا يتوقعونه ويري الكاتب أن هناك رباطاً بين توقيت توجيه التهم للأمريكيين وبين إعلان الكونجرس في ديسمبر الماضي عن شروط لتقديم المساعدات إلي مصر لم تف مصر منها سوي بالشرط الأول وهو الالتزام باتفاقية السلام مع إسرائيل بينما هناك شكوك كبيرة بشأن الشرط الثاني وهو التقدم نحو الإصلاحات الديمقراطية، أما الثالث فتنتهكه مصر من وجهة نظر الكاتب وهو حماية حرية التعبير. ويري «دون» أنه من المحتمل أن الحكومة المصرية تراهن علي أن الولاياتالمتحدة ليست لديها الرغبة في المخاطرة بتهديد التحالف الاستراتيجي بين البلدين. والتي تضمنها المعونة الأمريكية، ويضيف إنه لو قمع الجنرالات المصريون المنظمات غير الحكومية وإهانة أكبر مانح أجنبي وهو الولاياتالمتحدة سياسياً، فإن ذلك سيمثل سابقة خطيرة لنظم حكم أخري لا تزال تتلمس طريقها نحو الديمقراطية. ويقول «دون» إن قيادة الجيش المصري خلال الفترة الماضية اتبعت نمطاً عاماً "من سوء التقدير والإدارة" ولهذا فهناك دائماً مساحة لحدوث كوارث. ولكن كما يشير العديد من صانعي السياسة المصريين والأمريكيين، لم تشتر الأموال التي قدمت لجيش الديكتاتور الكثير أيضاً. أما صحيفة «كانساس سيتي تريبيون» فقد حثت في افتتاحيتها إدارة «أوباما» علي التصرف بسرعة وقوة ضد استفزازات القاهرة. وقالت إن وجود سام لحود نجل وزير النقل الأمريكي بين أسماء الأمريكيين الممنوعين من السفر والخاضعين للمحاكمة يبدو كمحاولة من السلطات العسكرية الحاكمة في مصر لاختبار «أوباما» بحثاً عن حدود صبره علي حليف قديم، ووصفت الصحيفة التهم الموجهة للأمريكيين بأنها طريقة مهتزة لقادة مصر ليظهروا لمواطنيهم ان لديهم القدرة علي مواجهة قوة الولاياتالمتحدة مع تلافي الانتقادات الموجهة اليهم بسبب الاقتصاد المنهار والموقف الامني المتردي .