مصر هى مصر. ترى مواطنها «قرطاس كبير». لايفهم. يفتقد العقل (هكذا تظن).. مصر هى مصر لم تتغير. وتأكدت من ذلك بعدما شاهدت المواطن الذى تعرض للسحل أمام القصر، وهو يشكر الشرطة على الرعاية ويتهم الثوار والمتظاهرين بسحله. وإذا كان هذا صحيحا، فماذا عن عيوننا التى رأت رجلا يضرب بالعصى ويركل بأقدام ويسحل ويعرى ويسحب من قدميه؟! ••كنت أتمنى وأنت تقرأ هذه السطور أن تكون هدأت وسكت غضبك، لصدور قرارات صارمة إزاء مشهد سحل المواطن أمام قصر الاتحادية. وهو المشهد الذى حول دفة المصريين من رفضهم الغاضب والشديد للعنف وقنابل المولوتوف التى ترسل نحو القصر إلى غضب عارم وحالة غليان ضد القصر إزاء ضرب وسحل وتعرية مواطن. وهو أمر كان له ردود فعل تخطت حدود البلاد إلى العالم.. حتى إن محطة سى. إن. إن اعتذرت لمشاهديها عن المشهد.. •• الدولة لم تعلم بعد أن كل سلطة أصبحت مرئية، لا تقدر على إخفاء شىء، لا قرار ولا سلوك. هناك آلاف العيون تراقبها. وإحدى تلك العيون كانت وراء كشف جريمة السحل التى وقعت أمام القصر كأننا فى مينامار؟! •• خرج المتحدث الرسمى لوزارة الداخلية للرد على المشهد الفظيع، واعترف بالخطأ، واعتبر أن الاعتراف به يعد سبقا. وأخذ يشرح ويتكلم كثيرا. ولم تدرك الدولة أيضا، ولم يدرك أطراف اللعبة السياسية جميعا أننا زهقنا من الكلام، طول الوقت كلام وتنظير ولا توجد قرارات. فكيف يقول المتحدث الرسمى للداخلية أن هناك تحقيقا سوف يجرى. (لست ضد التحقيق). لكنى ضد عدم فهم مشاعر الناس وكيفية مخاطبتهم فى المواقف الصعبة والخطيرة. كانت النار تغلى فى الصدور بسبب مشهد السحل، وتنتظر قرارا رئاسيا بشأن الوزير والذين تجاوزا فى حق كرامة هذا الرجل. وقد كان سلوكهم جريمة ضد الإنسانية.. وبعدما تحدث الرجل وشكر الشرطة استمرت النار تغلى فى الصدور بسبب افتراض الغباء فى المصريين. •• العنف بكل صوره مرفوض، لكن التغاضى عن عنف مواجهة المتظاهرين أمام الاتحادية فى الصدام الأول الذى راح ضحيته 9 قتلى. وقبل ذلك التغاضى عن حصار الدستورية والإنتاج الإعلامى، وبعد ذلك الانقضاض على مقر حزب الوفد. وتهديد قسم الدقى. كل هذه الأمور وغيرها جرائم لم نعرف بعد نتائج التحقيق فيها، أو لم يعلن عن إجراء تحقيقات رسمية بشأنها. فهل هى دولة قانون أمام ناس، وليست دولة قانون أمام ناس؟ ••• •• خارج الإطار: «كنت أتابع نشرة الأخبار وأضحك، باعتبار أن شر البلية ما يضحك. يقول قارئ النشرة ما معناه: تقرر إلقاء القبض على كل من يرتدى قناعا أسود. وكل من ينتمى إلى البلاك بلوك. وتقرر إغلاق مصنع كان يقوم بصناعة أقنعة سوداء.. » •• أما الشكر الذى وجهه الرجل الذى تعرض للسحل فكان أكبر دليل على أن مصر هى مصر لم تتغير. حكومتها ترانى قرطاسا كبيرا.. المشهد السياسى فى مصر يجعلنى أشعر كأنى أقرأ مجلة ميكى..