محافظ مطروح: تقديم كل التيسيرات والإمكانات والجهود لتفعيل مبادرة "بداية"    نائب رئيس جامعة أسيوط يعقد اجتماعاً مع «هيئة التدريس» بكلية الآداب لمتابعة انتظام الدراسة    الرئيس عبدالفتاح السيسي: مصالح دول المنطقة يجب ألا تتعارض مع بعضها    مرشحان لرئاسة شعبة «محرري الاتصالات» بنقابة الصحفيين في الانتخابات المقبلة    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين.. تراجع جديد في التعاملات المسائية    وزير الشباب يشهد احتفالية مرور 10 سنوات على إنشاء أندية السكان    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    المفوض العام للأونروا: الوضع في لبنان يتطور بشكل كبير    عاجل| حزب الله يشعل إسرائيل.. عشرات الصواريخ تقصف المستوطنات    كاتب صحفي: إيران تركز على أولويات أهم من حزب الله    أحمد سامي: عقود لاعبي الأهلي والزمالك أكبر من بيراميدز.. وتدخل الشيبي على الشحات عاديًا    رياض محرز أساسيا في تشكيل أهلي جدة أمام الوصل بدوري النخبة الآسيوية    «التعليم» تنفي إلغاء الأحياء للصف الثاني الثانوي العام المقبل    «الأرصاد»: انخفاض جديد في درجات الحرارة الساعات المقبلة    القبض على عامل تحرش بفتاة سودانية فى السيدة زينب    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    شخص يتهم اللاعب المعتزل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه وإصابته بعد مشاجرة بينهم في التجمع الأول    نقابة المهن التمثيلية تفتتح مسرحا جديدا بمدينة الإسكندرية    ورش ومسابقات ثقافية بقصور الثقافة في شمال سيناء    ياسمين صبري تكشف سر ارتدائها عباءة سوداء في آخر جلسة تصوير    عضو ب«العالمي للفتوى»: إهدار المال وعدم شكر النعم يعد إثما شرعيا ويحاسب عليه الله    الهلال الأحمر المصري يٌطلق قافلة تنموية بقرية كفر الحلواصي بالمنوفية    الخدش خارج السطح.. إليك كل ما تحتاج معرفته حول التهاب الجلد التحسسي    جيش الاحتلال يشن عمليات برية صغيرة داخل الأراضي اللبنانية    شقيقة صلاح تكشف فريقه المفضل في مصر وسر احتفال القوس والسهم    إعلام فلسطيني: شهيد في قصف للاحتلال استهدف منزلا في خان يونس جنوب قطاع غزة    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    الصليب الأحمر اللبناني: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    6 أكتوبر.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم الجمعيات الأهلية بالدقهلية    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    المصرية لصناعة الرخام: المجمعات الصناعية بالمحافظات تساهم في الاستغلال الأمثل للخامات الطبيعية    الأنبا سيداروس يترأس اللقاء الشهري لكهنة إيبارشية عزبة النخل    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    احتفالاً بذكرى انتصارات أكتوبر.. فتح جميع المتاحف والمسارح مجانًا للجمهور    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنمية فى غياب الديمقراطية: هل تخسر إثيوبيا الرهان؟
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 12 - 2015

بعيدا عن مفاوضات مصر المتعثرة مع إثيوبيا حول سد النهضة، تمر الدولة الصاعدة فى القرن الأفريقى بتطورات جديرة بالرصد والتحليل ليس فقط لكونها الدولة الأهم لأمن مصر المائى، ولكن لما تلقيه هذه التطورات من ظلال على الصعود الاقتصادى المصطنع لبعض دول القارة الأفريقية، وما يرتبط به من خطط تنموية، ودلالاته وانعكاساته السياسية والاجتماعية. فقد شهدت الأسابيع الثلاثة الماضية عدة مظاهرات فى مناطق متفرقة من ولاية «أوروميا»، أحد ولايات إثيوبيا التسع، ضد خطة الحكومة لتوسيع نطاق العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لتضم مناطق جديدة تابعة للولاية.
لم تكن تلك هى الموجة الأولى من المظاهرات ضد هذه الخطة حيث شهد العام الماضى احتجاجات مماثلة قتل على إثرها عدد من طلاب الجامعات الذين أشعلوا هذه الاحتجاجات قبل أن ينضم إليهم مئات من قطاعات مختلفة. أبدى المحتجون خلال هذه الموجة تخوفهم من تمدد العاصمة، وتهجير الفلاحين المنتمين إلى جماعة الأورومو الإثنية من أراضيهم. وتجددت احتجاجاتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية رافعين مطالب تضمنت الاعتراف بلغتهم كلغة رسمية للولاية، وتحسين الإدارة على المستوى المحلى.
تشير هذه الاحتجاجات من ناحية إلى استمرار مشكلة استيعاب القوميات المختلفة فى الدولة الاثيوبية، وخاصة قومية الأورومو المهمشة تاريخيا، رغم الصيغة الفيدرالية التى تبناها دستور عام 1994، بل ونصه على حق القوميات فى تقرير مصيرها. ومن الناحية الاقتصادية والتنموية، فإن هذه المظاهرات تحمل الكثير من الدلالات. فقد تمكنت إثيوبيا بقيادة الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية من تحقيق طفرة اقتصادية خلال العقد الماضى.
ارتفع معدل النمو الاقتصادى إلى نحو 10% سنويا لتحتل إثيوبيا مكانا بين الاقتصاديات الأسرع نموا فى العالم. كما أحرزت إثيوبيا تقدما فى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، فاستطاعت تخفيض نسبة من يعيشون تحت خط الفقر بنحو 50%، وتزايد عدد الملتحقين بالتعليم الأساسى أربع أمثال.
قامت كل هذه الإنجازات على رؤية اقتصادية واضحة هدفها الوصول بإثيوبيا إلى مصاف الدول متوسطة الدخل بحلول عام 2020، وزيادة معدل تكاملها الاقتصادى مع جيرانها، وتطوير دورها كمركز إقليمى لتصدير الطاقة. كما استندت إلى نموذج للتنمية دافع عنه رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوى يقوم على دور محورى للدولة فى الاستثمار فى مجال البنية التحتية وتوفير الخدمات، مع الاستعانة فى بعض القطاعات بالاستثمارات الأجنبية، وهو ما تجلى فى الدعم الصينى لمشروع السكك الحديدية لربط الولايات الإثيوبية، والاستثمارات الخليجية والآسيوية فى المشروعات الزراعية.
***
راهنت إثيوبيا بهذه الخطط الإنمائية الطموحة على أن التحسن التدريجى لمستوى معيشة معظم الإثيوبيين، والتفافهم حول المشروعات القومية العملاقة بغض النظر عن رشادتها الاقتصادية، على نحو ما بدا واضحا فى مشروع سد النهضة، كفيلان بمنع احتجاجات ترفع مطالب سياسية واقتصادية على غرار تلك التى شهدتها البلاد بعد الانتخابات العامة عام 2005. بذل نظام الجبهة الثورية جهدا منظما لتضييق المجال السياسى، باستخدام أدواته الأمنية والاستخباراتية لتجحيم دور المعارضة، واعتقال الناشطين السياسيين، واستهداف الإعلام المستقل، وحصر دور المجتمع المدنى فى تقديم الخدمات. وبالتوازى، عملت الجبهة على توسيع عضويتها ليصبح واحدا من كل خمسة مواطنين على الأقل عضوا فيها ليصل عدد أعضائها عام 2010 إلى خمسة ملايين مواطن.
كانت حصيلة هذه السياسات تأميم كامل للسياسة، حتى إن المعارضة لم تحصل ولو على مقعد واحد فى الانتخابات العامة التى جرت فى مايو الماضى. وفى الوقت نفسه، دعمت الدول المانحة النظام الإثيوبى، حليفها فى الحرب على الإرهاب فى القرن الأفريقى. لم يكن غريبا أن يختار الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» إثيوبيا كمحطة رئيسية فى جولته الإفريقية الأخيرة قبل نحو أربعة أشهر، ولم تكن انتقاداته الباهتة للتضييق على حرية التعبير واعتقال الصحفيين مرضية للكثيرين من الناشطين الحقوقيين.
فى مواجهة نظام يعتمد على خطاب تنموى يستند إلى جاذبية المشروعات الكبرى لدعم شرعيته، وإلى أداة أمنية لا تترك مجالا للمعارضة، وإلى قوى دولية وصاعدة تدعمه سياسيا واقتصاديا، تبرز الأهمية الرمزية لاحتجاجات الأورومو وغيرها من الاحتجاجات التى تظهر بين الحين والآخر. تلك الاحتجاجات، وإن ظل نطاقها محدودا ومطالبها إقليمية، فإنها تحاول نزع الشرعية عن خطاب النظام ونموذجه التنموى.
تشكك هذه الاحتجاجات فى جدوى مشروعات تنموية تفرضها الدولة دون نقاش عام ومشاركة شعبية لتنمى البنية التحتية على حساب التنمية الإنسانية، وتدلل على فراغ الشعارات الوطنية فى ظل نظام لا يحترم قيم الديمقراطية والتعددية، وتثير التساؤل حول مدى استدامة الاستقرار السياسى فى ظل نظم قمعية حتى لو أحرزت هذه النظم بعض الإنجازات الاقتصادية. باختصار فإن هذه الاحتجاجات تتحدى الرهان على النجاح فى تحقيق النمو الاقتصادى والاستقرار السياسى فى ظل غياب الديمقراطية، فهل يخسر النظام الإثيوبى الرهان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.